قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بملحقة سلا بتخفيض العقوبة من 20 سنة سجنا إلى 15 سنة في حق متهم ضمن خلية جهادية كان عناصرها قد استهدفوا رجل أمن واستولوا على مسدسه بعد توجيه طعنتين له بالدارالبيضاء. وناقشت الهيئة القضائية هذا الملف بعدما نقضته محكمة النقض لأن محكمة الموضوع لم تبرز العناصر الواقعية والقانونية للجرائم المدان من أجلها الطاعن حتى يتسنى مراقبة مدى تطبيقها للقانون في النازلة. ونسب تمهيديا إلى المتهم أنه كان ينتمي إلى خلية جهادية بالدارالبيضاء كانت تخطط لمهاجمة وتصفية رجال الشرطة والدرك لكونهم أعوان الطاغوت وتجريدهم من أسلحتهم النارية بهدف استخدامها في عمليات سطو على مؤسسات بنكية، عملا بمبدإ استحلال أموال الكفار وتخصيصها لتمويل مشروعهم الجهادي. وكان أمير الخلية، الذي تمت متابعته، يحث أتباعه ويستقطب الراغبين في الالتحاق بتنظيم القاعدة بالعراق والصومال والجزائر، وتنظيم تمارين رياضية من حين لآخر بشاطئ دار بوعزة، كما تمت مراقبة وترصد عناصر الدرك الملكي ومركزين بمخفر للشرطة بطريق أزمور على مستوى حي سيدي الخدير، وكذا اقتراح تصفية شرطية بزي مدني يدعى الحاج كان يشتغل بجهاز المخابرات ويقطن بالحي الحسني. ودائما حسب المصدر الأمني فإنه في إطار تنفيذ المشروع الجهادي المتشبع بالفكر التكفيري ترصد المتهم رفقة آخرين إلى شرطي بزيه الرسمي بطريق أزمور على مستوى ديور النصراني ودوار الزفت بالحي الحسني بالدارالبيضاء، حيث تظاهروا بكونهم يقومون بحركات تسخينية لممارسة رياضة الجري، وفي اللحظة المناسبة انقضوا عليه وهم حاملين مديات من الحجم الكبير، إلا أنه في تلك اللحظة فوجئوا بأضواء سيارة في اتجاه موقع الحادث، مما جعلهم يرتبكون ومكن الشرطي من مقاومتهم، لكنهم وجهوا له طعنتين بمدية على مستوى القفص الصدري وكتفه واستولوا على المسدس الذي كانت به سبع رصاصات. وتوبع الظنين، المزداد عام 1981، بتهم تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية والاعتداء عمدا على حياة شخص وسلامته والسرقة الموصوفة في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف، وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق، وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها. وفي إطار تسليط الضوء حول هذه القضية ندرج فيما يلي حيثيات الحكم الاستئنافي بعد النقض، خصوصا آن محكمة الموضوع ناقشت مجمومة من الدفوع، والعناصر التكوينية لجريمة تكوين عصابة إجرامية، وحق المتهم في الاتصال بمحاميه، وجريمة السرقة، وجنحتي عقد اجتماعات عم،مية بدون تصريح مسبق وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها: التعليل: بناء على مقتضيات المادة 554 من قانون المسطرة الجنائية: وحيث إن محكمة النقض بمقتضى قرارها عدد 1/1076 الصادر بتاريخ 2014/11/12 في الملف رقم 2013/5493 قضت بنقض وإبطال القرار الصادر عن غرفة الجنايات الإستئنافية بمحكمة الإستئناف بالرباط حي السلام بتاريخ 2013/01/21 في القضية ذات العدد 2630/2012/36 القاضي في الشكل بقبول الإستئناف وفي الموضوع: 1- في الدفوع والطلبات بتأييد القرار المستأنف بشأنها. 2- بإلغاء القرار المستأنف جزئيا في ما قضى به من إدانة المتهم من أجل جناية الإعتداء على حياة شخص وبعد التصدي الحكم ببراءته منها وبتأييده في الباقي مع تحميل المتهم الصائر والإجبار في الأدنى على مايلي: «... حيث يتجلى من هذا التعليل الذي تبناه القرار المطعون فيه أن المحكمة اكتفت بإيراد أن الطاعن اعترف في محضرالشرطة القضائية وأمام قاضي التحقيق ابتدائيا وأنه أنكر أمامه تفصيليا دون إبراز مضمون ذلك وبالتالي عناصر الجرائم التي أدانت بها الطاعن الواقعية والقانونية وفق ما تقتضيه فصول القانون المنطبقة عليها حتى يتسنى مراقبة مدى تطبيق المحكمة للقانون في النازلة ومدى ملاءمة الأوصاف القانونية المعطاة للأفعال المدان بها الطاعن للقانون فجاء بذلك قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه الأمر الذي يعرضه للنقض والإبطال» وحيث إن غرفة الجنايات الإستئنافية بمحكمة الإستئناف بالرباط بعد النقض والإحالة تظل مقيدة بالنقط القانونية السالفة الذكر والتي تناقشها على ضوء المستجدات بعد الإحالة فيما يلي: أولا: في الدفوع المثارة قبل المناقشة: في الدفع المتعلق بخرق مقتضيات المادة 134 من ق م ج بالاستماع إلى المتهم من طرف السيد قاضي التحقيق عند استنطاقه إبتدائيا: لكن حيث إن كان مؤدى نص المادة 231 من القانون المذكور أن الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف تبت في طلبات بطلان إجراءات التحقيق المنصوص عليها في المواد 210 إلى 213 فإن المادة 211 من نفس القانون تخول للمتهم إذا ظهر له أن إجراء مشوبا بالبطلان قد اتخذ أن يطلب من قاضي التحقيق أن يوجه ملف الدعوى إلى النيابة العامة لإحالته على الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف رفقة الطلب والذي يبين فيه أسباب البطلان خلال خمسة أيام ولما كان المتهم قد تمسك بعدم احترام المقتضيات القانونية المنظمة للحضور الأول للاستنطاق فإنه كان عليه عملا بالمادة 231 أعلاه أن يعرض ذلك على الغرفة الجنحية وما دام لم يفعل فيضحى ما أثاره بشأن خرق مقتضيات المادة 134 السالفة الذكر غير جديد بالاعتبار لذلك تقرر المحكمة رفضه. في الدفع المتعلق بخرق مقتضيات المادة 66 من ق م ج بعدم تمكين المتهم من الاتصال بمحام: لكن حيث إنه بالرجوع الى محضر إشعار المتهم بالحق في الاتصال بمحام المنجز بتاريخ 28 / 3 / 2012 يلفي أن الضابطة القضائية أشعرت المتهم بحقه في الاتصال بمحام وأن هذا الأخير أبدى رغبته في تنصيب محام في إطار المساعدة القضائية وطالما أنه لم ينازع في إجراء إشعار عائلته بوضعه تحت الحراسة النظرية فيكون ما ادعاه بشأن خرق المادة 66 خلاف الواقع لذلك تقرر المحكمة رفض هذا الدفع. ثانيا: في التهم المسندة للمتهم: وحيث توبع المتهم من أجل جناية تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية والاعتداء عمدا على حياة شخص وسلامته والسرقة الموصوفة في إطار مشروع جماعي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها: 1) بالنسبة لتهمة عقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها. وحيث إن الثابت من وثائق الملف أن المتهم ينتمي الى ما يسمى بالتيار السلفي الجهادي و أنه كان يجتمع مع أشخاص ينتمون إلى نفس التيار لمناقشة مواضيع تتعلق ب «الجهاد» و يتعلق الأمر بالمسمين «ع.ض» و«ح.ع» و«س.ل» تحت إشراف، أمير الخلية رشيد .ح. وحيث إن المتهم وهو يشارك في الاجتماعات المذكورة لم يحصل على التصريح المسبق وفق الإجراءات المنصوص عليها بالمادة الثالثة من ظهير 15 / 11 / 1958 بشأن التجمعات العمومية المعدل والمتمم بالقانون رقم 76.00 ومارس أنشطة تنظمها جمعية لم يدل بما يفيد إنها جمعية مرخص لها قانونا. 2) بالنسبة لجريمة السرقة الموصوفة: حيث اعترف المتهم أمام الضابطة القضائية بأنه توجه في حدود الساعة التاسعة ليلا رفقة المسمين «ع.ض» و«ح.ع» و«س.ل» الى منطقة ديور النصراني ودوار الزفت بالحي الحسني بمدينة الدارالبيضاء للترصد لأحد الأشخاص العاملين في سلك الشرطة وفي مكان خال ومظلم تعقبوا أحد رجال الشرطة في انتظار الفرصة السانحة للإجهاز عليه وتصفيته جسديا والإستيلاء على سلاحه فقام هو والمدعو «ع.ض» بالقبض على الضحية «أ.ن» وأسقطاه أرضا من أجل تصفيته جسديا إلا أنهم فوجئوا بسيارة تسير في اتجاه مكان الاعتداء وبعد المقاومة التي أبداها الضحية وجه له المسمى «س.ش» طعنتين بواسطة مدية حينها تمكن المتهم من الاستيلاء على سلاحه الناري. وحيث إن عملية السرقة التي ارتكبها المتهم اقترنت بظروف التشديد التالية: التعدد والليل واستعمال السلاح وبذلك بتطابق الفعل الصادر عنه مع النموذج القانوني لجريمة السرقة الموصوفة. 3) في باقي ما نسب إلى المتهم: وحيث إن لفظ العصابة أو التنظيم يطلق على كل تشكيل يتكون من عدة أشخاص بقصد ارتكاب أي من الأنشطة الإجرامية بوسائل مختلفة يكون العنف أو القوة أو التهديد أو الترويع بالضرورة أحد صورها مع وجود تخطيط واتفاق مسبق لارتكاب الجرائم وتوزيع الأدوار بهدف تحقيق أهدافها غير المشروعة ضمن مشروع فردي أو جماعي يستهدف المس الخطير بالنظام العام حسب الصورة الإجرامية المنصوص عليها بالفقرات 1 من إلى 10 من المادة 281/1 من القانون رقم 03/03 المتعلق بمكافحة الإرهاب. وحيث أكد المتهم تمهيديا بأنه شاهد بواسطة أقراص مدمجة عمليات «جهادية» يقوم بها «المجاهدون» في العراق والصومال والشيشان وأفغانستان وبأنه انتمى إلى خلية تضم المسمين «ع.ض» و«ح.ع» و«س.ل» بزعامة أمير الخلية «رشيد.ح» وأن أهداف هذه العصابة هي مهاجمة رجال الأمن والدرك وتصفيتهم جسديا على اعتبار أنهم أعوان الطاغوت والسطو على المؤسسات البنكية وتخصيص الأموال المسروقة لتنفيذ هذه الأهداف. وحيث إن ما يؤكد ما ورد على لسان المتهم عند استنطاقه من طرف الضابطة القضائية ويجعله مطابقا للحقيقة والواقع ويفنذ بالتالي إنكاره لما نسب إليه عند مثوله أمام المحكمة من جهة تصريحاته المفصلة أمام السيد قاضي التحقيق بأن العصابة خططت للاستيلاء على أسلحة نارية من رجال الشرطة والدرك الملكي وسرقة بعض المؤسسات البنكية وأكد اعتدائه على الشرطي «أن.ن» لتصفيته جسديا والاستيلاء على سلاحه الناري ومن جهة أخرى تطابق تصريحاته مع تصريحات زعيم العصابة رشيد. ح» المضمنة بمحضر الضابطة القضائية عدد 179 ف و ش ق المنجز من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة سواء فيما يتعلق بأهداف العصابة مهاجمة رجال الأمن وسرقة المؤسسات المالية أو فيما يتعلق بتسليم الزعيم المذكور السلاح الناري الذي تم الاستيلاء عليه وكذا تطابق تصريحاته مع تصريح عضو العصابة المدعو «ع.ض» الواردة بالمحضر السالف الذكر سواء فيما يتعلق بالأهداف التي تنوي العصابة تحقيقها أو فيما يتعلق بتفاصيل الاعتداء على الشرطي المذكور. وحيث إن أفراد العصابة التي ينتمي إليها المتهم بعد أن حددوا أهدافها وهي إعلان الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية بدل من القانون الوضعي حسب ما أكد ذلك أحد أفرادها المدعو عبد الله الضحاك في تصريحه الوارد بمحضر الضابطة القضائية أعلاه وكذا القيام بعمليات «جهادية» داخل المغرب والالتحاق بإحدى التنظيمات «الجهادية» كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الجزائروالعراق أو أفغانستان، حسب تصريح المتهم التمهيدي انتقلوا إلى مرحلة تنفيذ هذه الأهداف بالحصول على السلاح عن طريق الاعتداء على أحد عناصر القوات العمومية ثم توفير المال بالهجوم على المؤسسات المالية من أجل سرقتها. وحيث إنه تبعا لما تقدم تكون إرادة المتهم قد توافقت مع إرادة باقي أفراد العصابة التي ينتمي إليها لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية والسرقة الموصوفة في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها، مما يكون معه القرار المستأنف لما أدانه من أجل ما ذكر قد صاف صحيح القانون ويتعين لهذه الأسباب والأسباب الواردة به والتي لا تتنافى مع حيثيات هذا القرار تأييده. وحيث تداولت الغرفة التي منح المتهم ظروف التخفيف أو عدم منحه له فارتأت تمتيعه بظروف التخفيف لظروفه الشخصية والاجتماعية مع خفض العقوبة المحكوم بها عليه إلى 15 سنة.