عاشت مدينة تاوريرت يوما مشهودا يعتبر فريدا من نوعه في تاريخ المغرب بعد أن نزل خصوم الديمقراطية إلى الشارع كما حدث خاصة بمحيط وواجهة مدرسة العرفان الكائنة بوسط المدينة التي كانت مسرحا لأحداث عجائبية وغريبة. وقد عمد بعض المرشحين الذين لم يهدأ لهم بال ودون احترام القانون إلى محاصرة الممرات المؤدية إلى مكاتب الانتخاب، مجندا عناصره والعديد من وسائل النقل قصد التأثير على الناخبين المهنيين، ومستغلا في ذلك أساليب دنيئة كالنعرة القبلية، ولا غرابة في ذلك فهم مخضرمون ولا زالت تحضرهم عمائل الاستعمار الغاشم، الذي سعى للتفريق بين أبناء هذا الوطن. وقد عبر لنا بعض المواطنين الشرفاء النزهاء الغيورين على مدينة تاوريرت عن استيائهم من الطريقة التي تتم بها مراقبة عملية التصويت نظرا للفوضى وانعدام المسؤولية والنزاهة سواء من طرف الأعداد المتعددة من الناخبين أو بعض المنتخبين بل وحتى من خولت لهم مسؤولية الحفاظ على نزاهة الانتخابات، متسائلين في ذات السياق عن مآل الانتخابات المقبلة وخاصة الجماعية في ظل استمرار نفس الممارسات . والملاحظ أن رجالات السلطة وقوات الأمن تركوا مع هذه الأجواء التي وصلت حد السعار لدى بعضهم، سعار قدامى بعض الغرف المهنية الذين الفوافوائدها وصعب عليهم الفطام، وسعار البعض الآخر رغبة في حقهم من الغنيمة ( تركوا / أي الجهات الوصية ) الحبل على الغارب ولم تنفع معهم طلبات النجدة والاستنكار ، وبذلك لزمت الإدارة حيادا سلبيا ترك المجال للعابثين امام مرأى ومسمع الجميع. وقد بلغ التآمر ذروته عندما تُرك المركز الانتخابي بمدرسة العرفان ( مثلا ) تحرسه في بداية العملية الانتخابية فئة قليلة من الأجهزة الأمنية. وتأكد بالملموس انه حياد مغشوش، مادام انه تم على حساب تغييب القانون، فالجهات المسؤولة كانت شاهدة على استمرار الحملة الانتخابية يوم الاقتراع والحصار المفروض على جوانب المقاهي المجاورة، ولكنها لم تتحرك. وإذا كانت وزارة الداخلية قد أعلنت في بلاغ لها أن عملية التصويت وإلى حدود منتصف النهار مرت حسب ما توصلت به من معلومات في ظروف عادية، فان العديد من ممثلي المجتمع المدني والهيآت السياسية والنقابية يرون بدون مبالغة أو تهويل أن مجريات انتخاب ممثلي الغرف المهنية لم تكن تمر بتلك النزاهة المتطلبة في مثل حدث كهذا، فالتجمعات ظلت بمحيط مركز الاقتراع وبشكل ملفت للانتباه وكأن موعد الحملة الانتخابية لم ينته، في محاولة من بعض المرشحين استمالة الناخبين للتصويت عليهم، بل الأكثر من ذلك نشبت المشاجرات داخل مركز الاقتراع حيث عاينا إحدى الحالات والتي نُقل أحد الأطراف فيها لقسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الإقليمي لتاوريرت بواسطة إحدى سيارات الوقاية المدنية... وهنا نتساءل مع المتسائلين ، ما موقف الذين ما فتئوا يتبجحون بالشفافية والنزاهة والوضوح في هذه البهدلة التي شهدتها تاوريرت اثناء انتخاب ممثلي الغرف المهنية، وهل هذا هو التاطير الحزبي الذي تتحدثون عنه؟ فكان من المفروض على السلطات ولجن تتبع سير العملية الانتخابية وأصحاب المكاتب المكيفة (أيضا ) دعوة أصحاب المحلات التجارية والمقاهي المجاورة لمكاتب التصويت إلى إغلاق محلاتهم طيلة يوم الاقتراع حتى لا يتخذها أعداء الديمقراطية كمكان للقاءاتهم وحتى تمر عمليات التصويت في ظروف عادية وأجواء مريحة. وبذلك فان يوم الجمعة 7 من غشت سيظل محفورا في الذاكرة الشعبية، وسيبقى وصمة عار في كل من ساهم من قريب أو بعيد في افساد قواعد اللعبة خاصة وان المدينة على حافة الانهيار من جراء التجارب السابقة.