تم بعد ظهر يوم الأحد تشيع جثمان الدكتور محمد بناني الناصيري الرئيس السابق للنقابة الوطنية لأطباء القطاع الخاص إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء بالدارالبيضاء وسط حشد غفير من الأطباء الذين ينتمون إلى مختلف القطاعات العمومية والجامعية والخاصة ، وكذا العديد من الفعاليات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية التي واكبت نضالات الفقيد منذ السبعينيات من القرن الماضي ، هذا فضلا عن عائلته وأصدقائه ومعارفه . وقد توفي الفقيد بالمستشفى الجامعي ابن رشد على الساعة الرابعة صباحا من ليلة الجمعة – السبت ، بعدما تم نقله إليه على وجه الاستعجال ، بعد تدهور سريع ومفاجئ في صحته ، وقد رفض الفقيد بأدب جم عرض وزير الصحة السيد حسن الوردي الذي زاره بالمستشفى ، بنقله إلى إحدى المستشفيات المتخصصة بالخارج على نفقة الوزارة ، معربا عن ثقته بالمستشفى العمومي المغربي وبالأطباء المغاربة . وكما هو معلوم ، فالدكتور محمد بناني الناصيري، كان من أبرز المدافعين عن المستشفيات العمومية والقطاع العام الصحي والخدمات الصحية لمختلف فئات المواطنين وشرائحهم ، رغم أنه طبيب ينتمي تصنيفيا إلى القطاع الطبي الحر ، وقد ساهم بحظ وافر في تأسيس الجبهة الوطنية للدفاع عن الحق في الصحة ، وكذا في تأسيس الائتلاف الوطني لأصحاب المهن الحرة . ولعب دورا أساسيا في المطالبة بتطوير منظومة التغطية الصحية ، منذ طرحها أول مرة وإلى آخر مراحل حياته حتى يتم تعميمها على جميع المغاربة، ختى يستفيد الجميع من التامين على الخدمات الطبية بما في ذلك أصحاب المهن الحرة ( أطباء ؛ محامون ؛ مهندسون ؛ احيائيون ..) وكان للدكتور محمد بناني الناصيري ، موقف رافض من قانون تفويت المصحات الخاصة إلى أصحاب رؤوس الأموال ، حتى لايتم المتاجرة في صحة المواطنين ، مدافعا في نفس الآن عن حاجة المواطن إلى خدمة صحية جيدة وعن مهنة طب شريفة ونبيلة وعن طبيب يمارس بضمير في شروط لائقة. و حول ذلك يقول الدكتور مصطفى شناوي ، أحد زملاء الفقيد في تنسيقيات القطاع الصحي ، " ناضل ونحن معه بل ورأّسناه علينا ضد استبداد القيّمين على الهيئة الوطنية للأطباء آنذاك من فلول المخزن العتيق الذين جمّدوا دور الهيئة في الدفاع عن صحة المواطنين وعن أخلاقيات المهنة وفرضوا الوصاية على الأطباء وأباحوا التسيب والفوضى والشعوذة ، وقد ساوموه على التراجع عن مواقفه و" بيعنا " بمقابل ثمين وهو رئاسته للهيئة ، فرفض العرض السخي الملغوم لأنه صاحب مبدأ وصادق، بل إن رئيسنا في الائتلاف السي محمد ونحن معه صمدنا وناضلنا وصبرنا إلى أن توّج كل ذلك بإزاحة القدسية والوصاية على الهيئة وإعادتها لأصحابها وهم الأطباء، لكي تقوم بدورها في الحفاظ على صحة المواطن وتضمن سلامة ممارسة المهنة ، ولو أن فرحة السي محمد وفرحتنا لم تكن كاملة بعد محاولة تهريب كل تلك المكتسبات من طرف البعض" . ويضيف الدكتور مصطفى شناوي " كان السي محمد ولو أنه طبيب يشتغل بالقطاع الحر وانسجاما مع مواقفه المبدئية أول من بادر إلى توحيد الجهود وتجميع الطاقات للدفاع عن قطاع الصحة بمختلف مكوناته كمرفق عام وعن الصحة كخدمة عمومية وجب على الدولة ضمانها، بل أكثر من ذلك وضع جانبا عيادته ومداخيلها المادية واعتذر لعائلته من كثر الغياب نظرا لمسؤوليته وهمل صحته ليعتني بصحة الآخرين وللتفرغ للآخرين والدفاع عن حقهم في الحصول على خدمة صحية جيدة في المرفق العمومي".