تفيد بعض الإحصائيات إلى أن نسبة المدخنين في البلاد العربية تصل إلى أكثر من 30%, الأمر الذي يشير إلى أعلى النسب في العالم، حيث تبلغ نسبة المدخنين في العالم نصف هذه النسبة حوالي 17% ,مما جعل المختصين يدقون ناقوس الخطر. إلا أن المشكلة الأكبر والتي باتت تشكل كابوسا في العالم ككل هي ظاهرة التدخين عند الأطفال التي وصلت نسبتها في بعض الدول إلى أكثر من 30%, وهنا بدأت التساؤلات عن أسباب ودوافع انتشار هذه الآفة القاتلة. في المغرب هذه الظاهرة الخطيرة أخذت أبعادا تنذر بالقلق الكبير ، حيث يصل عدد الأطفال المدخنين –حسب أحد الأطباء المختصين في الأمراض النفسية و علاج حالات الإدمان إلى أكثر من 20 ℅ ناهيك عن مستعملي بعض أنواع المخدرات .. يقول الطفل ياسين (14) سنة انه يمارس عادة التدخين مع أصدقائه منذ أكثر من سنة, ويقول أن التدخين من مظاهر الرجولة, تماما كوالده الذي يدخن أكثر من 60 سيجارة يومياً, ويضيف ياسين أن التدخين لم يؤثر على صحته ودليل ذلك بالنسبة له أن والده الذي يبلغ من العمر 56 عاما يدخن منذ أكثر من 35 عاما ولم يحصل له شيء. أما سعيد (13) سنة فبرر التصاق هذه العادة السيئة به بسبب معاشرته لأبناء الشارع و خاصة هؤلاء الذين يشتغلون في بيع السجائر بالتقسيط و بعض ماسحي الأحذية..حسن (16) سنة قال أن سبب تدخينه كان هو معلمه بالابتدائي و أستاذه بالإعدادي اللذان كانا يدخنان بحجرات الدرس أمام تلاميذتهم.. و تؤكد أحدث أرقام منظمة الصحة العالمية ارتفاع أعداد المدخنين بين الأطفال العرب في الفئة العمرية من 13 - 15 سنة، حيث بلغت نسبة المدخنين بين الأطفال في هذه المرحلة العمرية 22 % ، بينما ارتفعت إلى 30 % في الجزائر، و 20 ℅ في المغرب. كما تؤكد الأرقام ارتفاع معدلات التدخين بين الفتيات في ذات الفئة العمرية، حيث بلغت 6 في المائة في بعض البلدان العربية كمصر. يرى أحد الأطباء المختصين في طب الأطفال أن الوالدين يريدان الأفضل لأطفالهما لكن كثيرين منهم لا يدركون المخاطر الخفية في دخان التبغ والتي يمكن أن تسبب مجموعة من المشاكل الصحية والأمراض عند الأطفال الصغار. من جهة ثانية دخان التبغ هو الذي يأتي من دخان حرق نهاية سيجارة وكذلك الدخان التي تنفس بها المدخن, مضيفا ان دخان التبغ يحتوي على أكثر من 4000 مادة كيميائية، وكثير منها سامة أو تسبب السرطان. ويضيف المصدر أن الأطفال الصغار حول العالم معرضون للخطر من مشاكل صحية بسبب دخان التبغ في الرئتين رغم الإنفاق الكبير للتوعية الصحية والحد من التدخين. وحسب المصدر ذاته فان المخاطر الصحية للتبغ معروفة تماما، ومع ذلك فإن معدلات التدخين تستمر في النمو. وكثير من الشباب يلتقطون هذه العادة في مراحل مختلفة من حياتهم ولكن 90% من المدخنين البالغين بدأت عندما كانوا أطفالا. لذلك يرى انه من المهم التأكد من توعية الطفل بمخاطر التدخين. حيث إن التدخين هو السبب الرئيسي للوفيات التي يمكن تفاديها، كما يمكن أن يسبب السرطان وأمراض القلب، وأمراض الرئة. و في استفسار عن أسباب التدخين الأخرى عند الأطفال و المراهقين ، يرى طبيب آخر اختصاصي في أمراض الأطفال ببركان انه قد يلجأ الطفل إلى التدخين نتيجة عدة أسباب كأن يتصور أن هذه العادة تعطيه نوعا من الاستقلالية عن والديه والرجولة والإحساس بالبلوغ ويوحي له بقدرته على الاعتماد على نفسه، تقليد للكبار، إحساسه أن هذا التصرف يمنحه نوعا من «البرستيج» والرقي الاجتماعي وانه يبدو أكثر جاذبية عند حمله السيجارة. وقد يلجأ المراهق إلى التدخين لاعتقاده أن ذلك قد يكون حلاً لبعض الضغوط النفسية آو الاجتماعية أو المرضية التي قد يتعرض لها كما آن وجود الفراغ في حياة الطفل من الأسباب المؤدية إلى ذلك. ووعيا منها بضرورة الحد من هذه الظاهرة الخطيرة قامت بعض الفعاليات الجمعوية بمدينة وجدة و على رأسها جمعية فضاء زيري للتعاون بعدة أنشطة تحسيسية على مستوى عدد من المؤسسات التعليمية بالجهة الشرقية لفائدة التلميذات و التلاميذ و هي الأنشطة التي نالت استحسان كل الآباء و الجهات المهتمة و الإدارة التربوية..