أكد المشاركون في ندوة دولية حول موضوع "المغرب، بلد هجرة إفريقية"، انطلقت أشغالها أول أمس الاثنين بالرباط، أن الاستراتيجية التي اعتمدتها المملكة في مجال الهجرة واللجوء تشكل مقاربة نموذجية للتعاون جنوب جنوب، لاسيما بين البلدان الإفريقية. وأبرز المتدخلون في هذا اللقاء الدولي، الذي تنظمه، على مدى ثلاثة أيام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، بمشاركة جامعة لومان بفرنسا وجامعة باماكو للعلوم القانونية والسياسية، ومعهد الدراسات الإفريقية ووكالات الأممالمتحدة بالمغرب، أن هذه الإستراتيجية تقوم على أربعة أهداف كبرى تتمثل في تسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين وتدبير تدفق المهاجرين في إطار احترام حقوق الإنسان، وإقامة إطار مؤسساتي ملائم، وتأهيل الإطار القانوني وأضافوا أن هذه الاستراتيجية من شأنها تعزيز التعاون بين المغرب وفضائه الإفريقي، في أبعاده الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والسياسية على الخصوص. وأكد المتدخلون أيضا، وبينهم المنسق المقيم لبرنامج الأممالمتحدة بالمغرب، برونو بويزات، وعميد جامعة باماكو للعلوم القانونية والسياسية، أبدولاي ديارا، وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، الحبيب الدقاق، ومدير معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، يحيى أبو الفرح، أن هذه الإستراتيجية ستساهم في تفعيل سياسة عمومية منسجمة وشمولية وإنسانية في مجال الهجرة واللجوء، لاسيما بعد أن تحول المغرب من بلد مصدر للهجرة وعبور، خصوصا بالنسبة للمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، إلى بلد إقامة واستقرار بالنسبة لهؤلاء المهاجرين. واعتبروا أن إستراتيجية المغرب في مجال الهجرة واللجوء، وهي الأولى من نوعها على الصعيد العربي والإفريقي، جاءت نتيجة تفكير مشترك من شأنه تقديم أجوبة عن أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المرتبطة بإشكالية الهجرة، مبرزين في هذا الصدد، أن هذه الاستراتيجية شملت برنامجا لفائدة المهاجرين لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع المغربي وتمكينهم من أن يصبحوا فاعلين فيه. كما شدد المتدخلون في هذا اللقاء على أهمية العملية الاستثنائية لتسوية وضعية الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية في المغرب، التي خولت في 2014 تسليم 18 ألف بطاقة إقامة لطالبي اللجوء وأسرهم. من جانب آخر، أبرز عدد من المتدخلين المقتضيات الجديدة التي حملها دستور سنة 2011 والتي نصت، على الخصوص، على تمتيع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين والمواطنات المغاربة وحضر كل أشكال التمييز ضدهم، مشددين على أهمية تكييف التدابير التي اتخذها المغرب في مجال تدبير الهجرة مع التغيرات المتلاحقة والمتسارعة التي تعرفها هجرة الأجانب بالمملكة، لاسيما على المستويات الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. من جهة أخرى، وفي ظل توالي مآسي غرق المئات من اللاجئين والمهاجرين السريين في مياه البحر الأبيض المتوسط في طريقهم نحو أوروبا، شدد المتدخلون على ضرورة وضع استراتيجية إقليمية في مجال تدبير تدفقات الهجرة، تقوم أساسا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان المصدرة لهؤلاء المهاجرين، بدل الاكتفاء بالمقاربة الأمنية وحدها، والتي أثبتت عدم كفايتها ونجاعتها من أجل التدبير الأمثل لإشكالية الهجرة على الصعيد العالمي. ووتواصلت أشغال هذه الندوة الدولية بتنظيم جلسات عامة ستناقش على الخصوص "جوانب من علاقات المغرب مع فضائه الإفريقي" و"الهجرة وحقوق الإنسان" و"الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للهجرة" و"الأممالمتحدة ومسألة الهجرة" و"الجوانب الأمنية وتدبير تدفق المهاجرين"، فضلا عن ورشات حول "ظروف المهاجر" و"حق اللجوء واللاجئين" ومعارض فنية لبلدان إفريقية، وكذا عرض للرقص والموسيقى الإفريقية.