بعد حذف سلاليم الوظائف التي كان يشغلها أعوان المحاكم على غرار موظفين آخرين أفرغت محاكم المملكة من فئة هؤلاء الأعوان الذين كانوا يرابضون بقاعات جلسات المحاكم للقيام بمهام إمداد رئاسة المحكمة بوثيقة يوقعها رفقة كاتب الضبط، والوثائق المدلى بها من طرف النيابة العامة، أو الدفاع، وكذا القيام بإحضار ما يستلزم من مهام خارج هذه القاعات، كإدخال الملفات وإخراجها وإحضار مع تطلبه الهيئة القضائية من ضروريات العمل .وقد عاينا مراراً أن الهيئات القضائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، وهي نموذج على سبيل الاستئناس، تجد صعوبة في أداء عملها بشكل طبيعي وفي ظروف عادية، رغم الوضع المزري لعدد من بنايات المحاكم، حيث يطلب كل من رئيس الجلسة والنيابة العامة رجال الأمن بمدهم بالوثائق المدلى بها، أو التي يجب توقيعها بين رئيس الجلسة وكاتب الضبط، بل نلاحظ أحيانا أن مستشارا من الهيئة يكاد ينهض من مكانه لمنح الوثيقة إلى كاتب الضبط، كما أن بعض المحامين يقومون بدور هؤلاء الأعوان في غياب عناصر أمنية بمحاذاة منصة الجلسة . إن هذه الوضعية المحرجة، التي تكون محل تعاليق ساخرة بقاعة بعض الجلسات، تحول دون أداء القضاة وباقي مساعدي العدالة عملهم في ظروف أقل من عادية، وتساءل وزارة العدل والحريات والحكومة، وتضع علامات استفهام عريضة بشأن شعارات إصلاح منظومة العدالة، التي يفترض أن يباشر كثير من إجراءاتها على أرض الواقع بشكل آني، لأنها غير مرتبطة بنصوص قانونية ولا تحتاج إلى تنظير . أكيد أن وزارة العدل والحريات لديها علم بالموضوع، إلا أنه تبدو أنها مازالت تتفرج على هذا الواقع البئيس، الذي يعيشه قضاة المملكة ومساعدو العدالة بشكل يومي، وأضحى يطرح معه سؤال: هل عناصر الشرطة، المخول لهم السهر على الأمن داخل قاعات المحاكم، تحولوا إلى "أعوان المحاكم" ، وبالتالي ما هو موقف القضاء الجالس والواقف إذا ما رفض شرطي القيام بهذه المهمة، خصوصا أن عددا منهم يقومون بها على مضض، علما أننا عاينا مرة حارس أمن خاص يقوم بهذه المهمة بإحدى قاعات المحكمة الابتدائية بالرباط .وهنا نود أن نسائل الجمعيات المهنية للقضاة بوجه خاص وجمعية هيئات المحامين وباقي مساعدي العدالة بوجه عام، عن رأيهم في سياسة الارتجال هاته، حيث كان يفترض على الحكومة إيجاد بديل لأعوان المحاكم قبل حذف سلالمهم الوظيفية .وللإشارة فإن غرفة الجنايات المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب كانت قد استعانت بكاتب ضبط للقيام بمهمة عون بعد ارتدائه اللباس الرسمي ل "الشواش" خلال جلسة حضرها وفد أممي من مختلف الجنسيات لمواكبة أطوار محاكمة ملف أحمد الشعرة وابنه ياسين، وذلك يوم 5 م مارس 2015 .