فجر رئيس الحكومة الأستاذ عبد الإلاه بنكيران فضيحة من العيار الثقيل حينما حاول التخفيف من وقع الورطة بالقول بأن مطبعة «طوب بريس» تابعة لحركة «التجديد والإصلاح» قبل أن تتوحد في حركة دعوية أكبر، يمثل حزب العدالة والتنمية درعها السياسي. بنكيران فجر فضيحة كبيرة بهذا الإعتراف لأنه اعترف وبصفة علنية أنه خالف القوانين الجاري بها العمل ويستحق بذلك الخضوع للمساءلة القانونية، أولا لأنه قبل أن تسجل مطبعة في ملكية حركة دعوية سياسية كان غير معترف بها في ذلك الحين، ثانيا لأن بنكيران لم يصرح بملكيته للمطبعة حينما أدلى بممتلكاته للمجلس الأعلى للحسابات طبقا للدستور. وحتى وإن رد بنكيران بأن حركته كانت تتعرض للمضايقات وأنه كان مضطرا لتسجيل المطبعة في ملكيته، فما الذي منع بنكيران من تسوية وضعية المطبعة بعد أن تغيرت الأمور وأصبح هو نفسه رئيسا للحكومة، أي أنه أضحى رئيسا للإدارة المغربية. وحتى وإن قال بنكيران بأن المطبعة ليست في ملكيته فعلا لذلك لم يكن في حاجة للتصريح بها أمام المجلس الأعلى للحسابات، إلا أن الجاري به العمل بالنسبة لممتلكات الأحزاب والنقابات والجمعيات أن الملك يسجل في ملكية الشخص بصفته مسؤولا أو عضوا في التنظيم، ثم ما الذي كان يضير الأستاذ بنكيران في التصريح بملكيته للمطبعة مع ذكر التفاصيل المتعلقة بهذه الملكية. الفضيحة لم تتوقف عند هذا الحد، بل زادت حدتها عندما كشف أن الأستاذ بنكيران بصفته ناشرا مالكا لمطبعة «طوب بريس» استفاد من دعم من وزارة الثقافة بقيمة 210 ألف درهم (21 مليون) وحينما يقع البحث في الكتب التي طبعتها مطبعة بنكيران سيكتشف أن الأمر يتعلق فقط بكتب لأصدقاء بنكيران في الحركة وفي الحزب، بمعنى أن الدعم لم يخصص لأهدافه بل تم تحريفه واحتكار الإستفادة منه لأشخاص معينين، والغريب أن أحزابا أخرى تملك مطابع ولم يسبق لها الإستفادة بسنتيم واحد من الدعم المخصص من طرف وزارة الثقافة، إلا أن الذي قد يفسر استفادة مطبعة بنكيران من هذا الدعم هو أن بنكيران استفاد منه وهو رئيس للحكومة، بمعنى أن بنكيران استغل صفته الحكومية ليحصل على استفادة مالية شخصية. بعد استعراض ماتبين لحد الآن في هذه الفضيحة المدوية يبقى التساؤل مشروعا حول ما إذا كان المجلس الأعلى للحسابات سيتدخل ويضع يده على هذا الملف الثقيل خصوصا وأن أحد المسؤولين الخاضعين لمسطرة التصريح بالممتلكات أدلى ببيانات ناقصة حتى لانقول كاذبة، وعما إذا كان وزير العدل والحريات سيأمر بصفته رئيسا للنيابة العامة - بفتح تحقيق في وقائع تتضمن شبهات كثيرة وكبيرة، أم أن وزير العدل والحريات لن يقدر على إدخال جسد هذه القضية إلى الحمام لتطهيره من الأوساخ القذرة؟ وسيكتفي بالمساهمة من موقعه الحزبي في حبك إخراج مسرحية وضع قسم الشفافية والنزاهة بنفس الحزب يده على القضية، وهو ما يعتبر تحايلا على إعمال القانون.