فوجئ الآلاف من أولياء التلاميذ الذين يتابع أبناؤهم دراساتهم الإبتدائية و الإعدادية و التأهيلية في مؤسسات التعليم الخاص بزيادات مهولة في رسوم التسجيل و الدراسة و اضطروا للتعبير عن غضبهم من خلال أشكال إحتجاجية متعددة . و الحقيقة أنها ليست المرة الأولى و لن تكون الأخيرة التي تقدم عليها مؤسسات التعليم الخاص على إجبار الآباء و الأمهات على الخضوع لزيادات في الرسوم و الأسعار،بل اعتادت على فرض زيادات متتالية في كل دخول مدرسي جديد بنسب متفاوتة ،و هذا ما يكون أجج غضب أولياء الأمور لأن الحكومة لم تحرك ساكنا و باركت من خلال سكوتها هذا التعدي السافر على القدرة الشرائية للأسرة التي تنتمي غالبيتها للطبقة المتوسطة . إن كثيرا من مؤسسات التعليم الخاص تمارس إبتزازا خطيرا في حق أسر اختارت أن تخفف عن الميزانية العامة تكاليف الدراسة و التجأت للقطاع الخاص ،أو لأنها لم تعد تثق في التعليم العمومي حيث تعتقد هذه الأسر أنه يفتقد لأبسط شروط التعليم الجيد فقررت الإقتطاع من لحمها لضمان تعليم أكثر جودة في القطاع الخاص لذلك احتمت فيه ، لكنها وأمام إهمال الحكومة وجدت نفسها بين مخالب إبتزاز خطير،لأن أصحاب مؤسسات التعليم الخاص يدركون مسبقا أن أولياء الأمور لن يفكروا و لن يقدروا على إعادة فلدات أكبادهم إلى التعليم العمومي لذلك إتخذوهم رهائن حقيقيين يفعلون بهم ما يشاؤون . إن السلطات العمومية مسؤولة مسؤولية كاملة على مراقبة مضامين التعليم في هذه المؤسسات و أنها مسؤولة أيضا على مراقبة جودة شروط وظروف التدريس في هذه المؤسسات،و لذلك فإن رسوم التدريس و أسعاره تندرج في صلب هذه المسؤولية ، أولا من خلال الملاءمة بين العرض و الأسعار،ثم عبر تحديد و توحيد رسوم التسجيل ،إذ لا يعقل أن تبقى الرسوم و الأسعار خاضعة فقط لجشع بعض أصحاب هذه المؤسسات يفترسون ضحاياهم كما يحلو لهم . نعم قد تكون لبعض المؤسسات الخاصة العاملة في هذا القطاع بعض الصعوبات المالية ، لكن لا يمكن أن نقبل بأن يكون جيب المواطن هو الملجأ الوحيد الذي تدخله أيادي مالكي هذه المؤسسات ليسلبوا منه المال الذي يريدونه ، هنا أيضا يجب أن تتدخل السلطات العمومية المسؤولة لإيجاد الحلول المناسبة حماية للإسثمارات في هذا القطاع و حماية أيضا للقدرة الشرائية للطبقة المتوسطة التي تجرها السياسات الحكومية بقوة و عنف لتلتحق بالطبقات المعوزة. فهل تفهم الحكومة مثل هذا الكلام ؟ هل يجرؤ الوزير صاحب اللسان الطويل المسؤول على مراقبة الأسعار على أن يفتح فاه في هذه القضية التي تؤرق المواطنين ؟ لا أظن ذلك .