بين الفينة وأخرى، تطفو قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني على سطح المشهد السياسي المغربي من خلال تنديد العديد من تنظيمات المجتمع المدني بما تصفه محاولات حثيثة لشركات إسرائيلية للتسلل للنسيج الاقتصادي المغربي في محاولة منها لكسر الحصار المضروب عليها والتغلغل في مفاصل الدولة ضدا على إرادة المغاربة في الوقوف إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني كقضية مركزية ووطنية حتى إنشاء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفي هذا الإطار، وفي سياق المواجهة المفتوحة لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، التأم ائتلاف وطني يضم أزيد من 27 تنظيما نقابيا وحقوقيا وجمعويا من أجل طرد شركة "زيم" من المغرب و إطلاق حملة لن تتوقف إلا بمنع كل أنشطتها في الموانئ المغربية. ويعتزم الائتلاف تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة المذكورة في الدارالبيضاء يوم السبت القادم،وهو الائتلاف الذي كانت الجمعيات والنقابات المشكلة له قد وجهت في 7 غشت الماضي خلال العدوان على غزة، رسالة إلى رئيس الحكومة، مع نسخة إلى كل من وزير التجارة والصناعة، و وزير الاقتصاد والمالية ، و وزير التجهيز والنقل واللوجيستسك، و إلى الوزير المنتدب المكلف بالنقل، تطالب فيه بوضع حد لأنشطة هذه الشركة بالمغرب،إلا أنها لم تتلق أي جواب يذكر. وتعمل الجمعيات المنظمة للائتلاف المغربي من أجل طرد شركة "زيم" الصهيونية على تجميع جهودها لحمل الدولة المغربية على طرد هذه الشركة من المغرب وإيقاف أي تعامل معها. وفي هذا الصدد، عبر أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، في تصريح للعلم، عن بالغ أسفه من ترك السلطات المغربية الحبل على الغارب لدخول شركات إسرائيلية إلى المغرب دون حسيب ولا رقيب، معتبرا أن هناك مفارقة كبرى في بلادنا تتجلى في نفي الدولة المغربية رسميا أي تطبيع مع الكيان الصهيوني،وفي المقابل نجد العديد من الممارسات على أرض الواقع تناقض التصريح الرسمي وتزكي حقيقة وجود علاقات اقتصادية مع إسرائيل، وهو ما يثير العديد من علامات الاستفهام والتساؤل. وقال ويحمان أن هناك العديد من الشركات الإسرائيلية التي تنشط في بلادنا متخفية في كثير من الأحيان وراء شركات أجنبية،وهو ما يفرض على الجميع تحمل مسؤولياتهم للكشف عن هذه الشركات وإيقاف أي تعامل معها من أي نوع،محذرا من المحاولات الحتيتة التي لا ينفك قادة الكيان الصهيوني يخوضونها بهدف كسر الحصار عليهم وفرض الأمر الواقع،وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا. وأضاف رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني أن خطوة الائتلاف من أجل طرد الشركة الصهيونية للملاحة "زيم" من المغرب بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقرها يوم السبت المقبل تأتي في سياق خطوات نضالية أخرى يعتزم تنفيذها في القادم من الأيام. وكان عدد من النشطاء المغاربة قد أسسوا مطلع 2013 "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع إسرائيل"، والذي يسعى إلى "فضح المطبعين مع الكيان الصهيوني"، حيث عمل على إعداد مشروع قانون يجرم التطبيع طرحته الفرق البرلمانية للنقاش من أجل المصادقة، لكن رغم تأكيد الحكومة الحاليةعلى أن مقاطعة إسرائيل هي بمثابة "عقيدة ومبدأ" ، إلا أن الجمعيات المغربية المناهضة لإسرائيل ترى في أرقام التبادل التجاري بين الرباط وتل أبيب عكس ذلك، حيث يعتمد هؤلاء النشطاء على أرقام المركز الإسرائيلي للإحصاء الذي كشف أن المغرب يعتبر على الصعيد القاري، "سابع زبون إفريقي لإسرائيل" بنحو 60 مليون دولار خلال 2013 مقابل 17 مليون دولار فقط خلال 2012. وتعد الشركة المغربية "زيماك" الوكيل الرسمي لشركة "زيم " للملاحة في المغرب،وهي الشركة التي أسست سنة 1945 بغرض نقل المهاجرين اليهود القادمين من أوروبا وغيرها إلى فلسطين، وأيضا بهدف نقل الأسلحة والذخيرة التي استعملتها عصابات (الهاكانا) و(البلماح) خلال الحرب العدوانية على الفلسطينيين في1948 ، كما أنها ما فتأت تعلن على موقعها الالكتروني استمرارها على نفس النهج لعقود من الزمن،خصوصا دورها في نقل المستوطنين إلى فلسطينالمحتلة، كما تؤكد على موقعها أنها استمرت في شحن الأسلحة والذخيرة للجيش الصهيوني وأنها لعبت دورا لوجيستيكيا خطيرا في هذا المجال في كل الحروب العدوانية التي شنتها إسرائيل منذ نشأتها خلال سنوا 1956 ، 1967 ، 1973 ، 1982 ، 2002 ، 2006 . كما لعبت شركة "زيم" منذ نشأتها دورا لوجستيكيا استراتيجيا من أجل فك عزلة الكيان الصهيوني الجيوغرافية التي استمرت زمنا طويلا، بضمان تواصله مع باقي العالم عن طريق البحر، ولا زالت تلعب هذا الدور الاستراتيجي إلى غاية اليوم، حيث تعد بمثابة آلة لوجستيكية للتطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني من خلال نقلها لحاويات السلع من حيفا و إسدود إلى الدارالبيضاء وميناء طنجة المتوسطي .