رغم حصر وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) الاتصالات بين الولاياتالمتحدة وجماعة الحوثيين الشيعية داخل إطار سياسي لا يتضمن تبادل المعلومات الاستخباراتية، إلا أن مصادر تؤكد أن الولاياتالمتحدة باتت مضطرة إلى تبادل المعلومات بخصوص ضرباتها على تنظيم القاعدة بعد سيطرة "أنصار الله" على كافة أجهزة الأمن والاستخبارات في صنعاء. وقالت نفس المصادر، إن تنحي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، واستقالة حكومة خالد بحاح الخميس الماضي أثارا شعورا بالقلق بين أروقة الإدارة الأميركية حول سياستها في الحرب ضد تنظيم القاعدة التي مازالت تحتل رأس قائمة الأولويات الأمريكية. وألمحت "البنتاغون" إلى وجود اتصالات مع ميليشيا أنصار الله في اليمن، في وقت ما تزال الأوضاع السياسية اليمنية تشهد عدم استقرار منذ حدوث الفراغ الدستوري في السلطة. وأكد المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، في مؤتمر صحفي من واشنطن، أنه "من الدقة أن نقول إن الحوثيين كمشاركين في هذه الأحداث سوف يكون لديهم بكل تأكيد مبرر للحديث مع شركاء دوليين والمجتمع الدولي عن نواياهم وعما سيسفر عنه الوضع". مضيفا أنه "بسبب عدم الوضوح السياسي، فمن المنصف القول إن مسؤولين حكوميين أميركيين على اتصال مع أطراف مختلفة في اليمن، بخصوص ما يمكن وصفه بالوضع السياسي غير المستقر والمعقد". لكن كيربي أصر على أنه "لا توجد مشاركة في المعلومات الاستخباراتية مع الحوثيين. ليس هناك اتفاق رسمي على فعل ذلك". وجاءت تصريحات كيربي متناقضة إلى حد بعيد مع تقارير أمريكية أشارت إلى ما أكده المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" مايكل فيكرز الذي قال إنه على الرغم من عدم الاستقرار السياسي الذي يشهده اليمن، فإن "الولاياتالمتحدة طورت علاقات استخباراتية مع الحوثيين خلال الأشهر القليلة الماضية حفاظا على استمرارية عملياتها العسكرية ضد تنظيم القاعدة". وتسيطر مخاوف داخل الولاياتالمتحدة من انهيار الأجهزة الأمنية والحكومية اليمنية، ويرى مسؤولون في البيت الأبيض أن حدوث ذلك سيمنح تنظيم القاعدة مساحة أكبر للحركة قد تسمح له بالقيام بعمليات مماثلة لتلك التي استهدفت صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة في 7 يناير الجاري. ولم يكن من المتوقع في السابق أن تتعامل واشنطن بطريقة مباشرة مع الحوثيين، لكن التقارب مع إيران أعاد ترتيب الأولويات الأميركية برمتها في المنطقة. "داعش يجمع أمريكاوإيران في هذا السياق، يقول مراقبون إنه لا يوجد أي شك في أن الولاياتالمتحدة تتعاون استراتيجيا مع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، لقتال تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في كل من العراق وسوريا، وهو ما لا يمكن استبعاده أيضا في اليمن. مضيفين أن واشنطن تتحرك بحذر شديد في تعاملها مع القضايا التي تهم الإيرانيين في المنطقة خشية تأثير ذلك على محادثات الملف النووي، ولا يبدو أنها كانت تولي اهتماما كافيا لوجهة نظر حلفائها التقليديين في المنطقة. وعندما أدلى فيكرز، الذي يشغل منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات، بهذه التصريحات الصادمة لحلفاء الولاياتالمتحدة، كان يتحدث إلى مجلس حلف شمال الأطلسي في واشنطن. وقال فيكرز إن التعاون الأميركي مع الحوثيين في مجال جمع وتبادل المعلومات هو "الافتراض الأكثر أمانا" في ظل تعقيد المشهد الحالي في اليمن. وتعمق تصريحات فيكرز الاعتقاد بأن الولاياتالمتحدة ماضية في التحول الكبير الذي تشهده سياساتها تجاه منطقة الشرق الأوسط، إذ لطالما شكلت جماعة الحوثي في الماضي كيانا معاديا لمصالح الولاياتالمتحدة. ويبدو أن واشنطن كانت مجبرة على التعاطي مع الحوثيين بعد أن ذكرت تقارير أنهم تمكنوا من بسط سيطرتهم على الأجهزة الأمنية التي كانت مكلفة بالتنسيق مع سي أي ايه وقيادة العمليات المشتركة لاستهداف عناصر القاعدة بطائرات دون طيار.