كما كان متوقعا تداولت مواقع ومنتديات التواصل ردود أفعال بشأن العدد الجديد من صحيفة «شارلي إيبدو» التي عادت لتخصص عددها الجديد لكاريكاتورات ساخرة عن الإسلام وتجسيدا للرسول محمد صلى الله عليه وسلم على غلاف العدد. العدد الذي نشر يوم الثلاثاء الماضي (13 يناير 2015) واختارت هيئة التحرير ترجمته ل 16 لغة منها العربية والتركية تم اعتباره تحديا سافرا للمجتمعات الإسلامية واستمرارا لنهج هذا المنبر في المساس بالمقدسات الإسلامية. واعتبرت الآراء المعبر عنها في عدد من المنتديات الاجتماعية أن حرية الصحافة وحرية الرأي لا تعطي الحق للإساءة للرسول الكريم عليه السلام، معتبرة أنها ستولد نتيجة واحدة وهي الكراهية، والعنف المبرر، بل نبهت إلى أن هذا التوجه من شأنه أن يفتح الباب لواقعة مماثلة لتلك التي حدثت قبل أيام في مقر الصحيفة أو أكبر منها. آراء أخرى وجهت النداء إلى المؤسسات الدينية والهيئات بكل الدول الإسلامية من أجل الوقوف ضد هذه الإساءات التي تترجم أحقادا دفينة وغيظا من الرسالة الإسلامية التي عرت حقيقة بني إسرائيل، وأن أشد عدواة للمومنين هم اليهود، في تحذير واضح ومباشر وأزلي من مواقفهم من الرسول الأكرم وأتباعه. وارتأت بعض الآراء كذلك أن تذهب إلى تحليل الرسم الكاريكاتوري على صدر صحيفة شارلي إيبدو معتبرة أن الرسول الذي جاء رحمة للعالمين سيحزنه ما وقع للصحفيين، على اعتبار الواقعة التي حدثت له مع الجار اليهودي الذي كان يؤذي الرسول ليلا فيأخذ الشوك والقاذورات ويرمي بها عند باب بيت الرسول، وعندما انقطعت عادته هذه بادر الرسول بزيارته في بيته فوجده طريح الفراش بسبب حمى شديدة، فتمنى له الشفاء، فكانت ردة فعله بكاءا ونطقا بالشهادتين. على مستوى آخر بادرت تعليقات أخرى إلى اعتبار أن وقفات التضامن التي تم تنفيذها في بعض العواصم العربية كان يجب أن يحسب لها الحساب في ضوء استمرار الصحيفة في خطها التحريري المعادي للإسلام وللرسول الذي يذكر على ألسنة أتباعه أكثر من 40 مليار مرة في اليوم. وأشارت إلى أن المتعاطفين بالأمس مع الهجوم المسلح سيغيرون مواقفهم وقناعتهم جراء النشر الأخير الذي دعمته مؤسسات إعلامية أخرى. وذكرت التعليقات في ذات الاتجاه أن تنامي العداء للمسلمين والإسلاموفوبيا له مسبباته الدينية والعقدية، وإن كانت الرسوم استفزازا، فهي تحمل في طياتها نعما مصداقا لقوله سبحانه وتعالى «إنا كفيناك المستهزئين»، وقوله «ورفعنا لك ذكرك»، حيث يسمع عنه الكافر والمؤمن والصديق والعدو، وهذا ما حدث عقب الرسوم المسيئة عام 2005 عندما طبع أكثر من 17 ألف كتاب عن الرسول ب 48 لغة. نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي: مع حرية التعبير، ضد المس بالأديان اختار رواد الشبكات الاجتماعية أن يرفعوا شعار:» أنا لست شارلي» في إشارة منهم لرفض ما تنشره الجريدة الفرنسية «شارلي إيبدو» من مس للمقدسات الدينية للمسلمين والهجوم غير المبرر على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم تحت غطاء حرية التعبير. فقد أنشأ النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي العديد من الصفحات التي نذكر من ضمنها :» أنا لست شارلي..أنا محمد صلى الله عليه وسلم» ،»أنا ضد الإرهاب والتطرف..أنا لست شارلي إيبدو» ، «أنا ضد شارلي»،فيما فضل آخرون إنشاء صفحات تحت عنوان»أنا لست شارلي،أنا ناجي العلي»، في إشارة لرسام الكاريكاتور الفلسطيني الشهير الذي اغتالته «الموساد». وفي هذا السياق، أكدت سارة الزعيمي،وهي صحفية وباحثة في الإعلام في تصريح لشباب توك على قناةdw عربية تناقله نشطاء فايسبوكيون على نطاق واسع: « أنا لست شارلي،مع كل احترامي للحياة الإنسانية وقيمة الحياة الإنسانية،لكن أنا لا أرى نفسي كشارلي،أنا أرى نفسي أكثر كسوريا،كالعراق، كليبيا، على أن أقول أنا شارلي، علما أنني أول ضحية للإرهاب.»فيما أكد ناشط على تويتر: « أنا عربي، أنا مسلم، أنا ضد الإرهاب، أنا أكره شارلي». كما كتب آخر في تدوينة له:» الغرب عوض البحث عن الأسباب، أصبح يجعل من تلك الجريدة مفخرة له،ونحن لسنا قطيعا كي ننساق وراء مبتغاه، ونخرج في تظاهرة ترفع لافتات مؤيدة لجريدة شارلي التي تسب نبينا». وعلق ناشط آخر: « كوننا مسلمون، هذا لا يعني أننا إرهابيون،لذلك يجب أن نكثف من حملاتنا لمقاومة مثل هذه التهم، ونحن مستعدون للدفاع عن ديننا الحكيم وعن رسولنا الكريم عليه أزكى الصلاة والسلام.» كما دون آخر على جداره في الفايسبوك:» أنا لست شارلي ولن أكون.. أنا مع حرية التعبير لكن مع عدم المساس بالأديان والأفراد..أنا مسلم وأحترم جميع الديانات ولن أجرؤ قط على قول شيء مشين ضد ديانة ما تحت «مبرر» حرية التعبير. كما دون الداعية المعروف طارق رمضان على جداره :قد قلتها وكررتها منذ مدة طويلة...لنقولها مرة أخرى بشكل واضح: نشهد اليوم حالة من التطبيع مع الخوف كما نشهد توظيف هذا الخوف لأغراض سياسية وإعلامية. وبالتالي نحن في حاجة إلى ثورة ومصالحة لبت أجواء الثقة. لنتعلم فن الحديث والإنصات إلى الآخر، وقبل كل شيء، لنتصالح مع قيمنا التي تدعو إلى الاحترام، والمساواة، والعدالة، والأخوة الإنسانية. لنكن أكثر حكمة، وأكثر توازنا وتعاطفا، وفي نفس الوقت أقل انفعالا، وإفراطا، ودوغمائية، إن تجاهل حقوقنا ومشاعرنا الغاضبة، هو أقصر طريق إلى الصمم وسد الأبواب، و إلى الاحتقار والكراهية أساسا. فيما كتب الشيخ محمد صالح المنجد على صفحته» ذمّ الله من أبغض نبيه صلى الله عليه وسلم فقال(إن شانئك هو الأبتر)فهو أبتر مقطوع من كل خير..ومادام رفع له ذكره فلايضره أن يشتموه بل يزداد رفعة» لتتقاطر تعليقات المعجبين الذين أشادوا بالتعليق مع دعوتهم إلى عدم الخلط بين التطرف وبين مس مقدسات المسلمين تحت غطاء حرية الرأي والتعبير.ليضيف في تدوينة أخرى: «بلغ من قوة سمعة نبينا صلى الله عليه وسلم أن صحيفة مغمورة على وشك الإفلاس في عالم الصحافة الورقي إذا أرادت استعادة مبيعاتها فما عليه إلا شتمه».