هل هناك خيط رابط بين الفساد المالي واختلاس الأموال العامة وبين موجة الغلاء التي تشهدها البلاد ؟ وهل ثمة علاقة بين العجز المالي الذي تعاني منه ميزانية الدولة وبين عجز الحكومة في محاربة الفساد المستشري في طول المغرب وعرضه ؟ . أطرح هذه التساؤلات في خضم الاستياء الشعبي المتصاعد بسبب ما يعيشه المواطنون في السنوات الاخيرة تحت وطأة موجة الغلاء الذي أصاب المواد الاساسية ، وفي مقدمتها الكهرباء . المواطنون مستعدون للرضوخ والإذعان لقرارات الحكومة القاضية برفع الاسعار ، سواء في إطار ما يفرضه النظام العام ، او التضامن لمواجهة التقلبات الاقتصادية ، وفوق ذلك فهم يحبون وطنهم ، لكنهم سيكونون مستعدين أكثر ودون استياء ولا شجب ولا تنديد ولا مسيرات او مظاهرات إذا عاينوا ان الحكومة تعمل جادة لمحاربة الفساد . المواطنون الذين يكتوون حاليا بفواتير الكهرباء ، يؤدون هذه الفواتير على مضض ، وهم لا يكتمون غيظهم وحنقهم كلما وقفوا أمام شبابيك استخلاص هذه الفواتير ، لأنهم غير مقتنعين البتة بدواعي هذه الزيادة في الاسعار رغم تبريرات الحكومة . ( طاحت الصمعة علقوا الحجام ) هذه القولة هي التي يرددها المواطنون في موضوع رفع أسعار الكهرباء ، عجز في مالية المكتب الوطني للكهرباء والماء بالملايير يكون ضحيته الشعب المغربي الذي عليه ان يَصْب في صندوق المكتب ما ينقذه من السكتة القلبية ، هكذا إذن ودون ان يعرف هذا الشعب المسكين شيئا عن سبب هذا العجز المفاجيء سوى ان كلفة انتاج الكهرباء قد ارتفعت . المواطنون متذمرون لان الحكومة لم تكن صريحة معهم في الكشف عن أسباب هذا العجز المفاجيء ، وعما اذا كان هناك سوء في التسيير أو تبديد أموال في غير محلها أو اختلاسات للمال العام ، تستوجب المساءلة والمتابعة . ما يغيظ المواطنين ، وما لا يقبلونه ، ان تتنصل حكومة بنكيران من كل الوعود التي قدمتها منذ ثلاث سنوات حول محاربة الفساد ، وأن تتحول 180 درجة لتردد عفا الله عما سلف عِوَض ان تشمر عن ساعدها للضرب بيد من حديد على أيدي المفسدين وتستعيد الأموال المنهوبة عِوَض تحميل المواطنين أعباء العجز الذي يصيب صناديق المؤسسات العمومية . المواطنون يلاحظون ويصابون بالغصة والألم ، ان جل الفضائح المالية التي تشهدها البلاد تبدأ مثل كرة ثلج ضخمة سرعان ما تتدحرج من القمة الى السفح ، وتذوب وسط المياه ، والمحاكمات التي تجري والاعتقالات التي يتعرض لها الفاعلون في هذا المجال تظل مثل المسكنات يتجرعها المواطنون لأسابيع او أشهر ليكتشفوا بعدها انه تم حفظ الملف و( عفا الله عما سلف ) . الشعب المغربي شعب ذكي ، غير أنه فقد الأمل في حكومة غير قادرة على مواجهة الفساد المستشري في البلاد لدرجة أنه لم يعد يثق في شيء اسمه المحاكمات ولجان التقصي ولجان التحقيق ، وهل من مثال أحسن من ملف عشب مركب الامير مولاي عبد الله ؟ ، ومامعنى ان يتم تأجيل ملف صندوق الإيداع والتدبير لأشهر ؟ . إن المواطنين يحتفظون بذاكرة قوية ، إنهم يتابعون ويلاحظون ويترقبون ، وفوق كل شيء ، فهم مستمرون في تحمل الاعباء ولو على مضض.