أثار غياب رئيس الوزراء الجزائري في آخر لحظة عن ترؤس وفد وزاري هام اتجه إلى بريطانيا، الكثير من الأسئلة خاصة في ظل ما خلفته زيارته الأخيرة لفرنسا من مخاوف في محيط بوتفليقة كونه يسوق نفسه بديلا خارجيا لتجاوز الصراع على كرسي الرئاسة. وألغيت في آخر لحظة، زيارة رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال التي كانت مقررة أمس واليوم إلى بريطانيا، على رأس وفد وزاري يتقدمه وزير الصناعة عبدالسلام بوشوارب، ووزير التجارة عمارة بن يونس. في هذا السياق تقول مصادر مطلعة، إن زيارة سلال التي أعلن عنها منذ أسابيع، وقبل زيارته الأخيرة لفرنسا، قد ألغيت من طرف الرئيس بوتفليقة، ولم تتسرب أي إضافات عن المسألة، واكتفت المصادر بالقول إن "إجراءات بروتوكولية حالت دون زيارة سلال لندن". وأثار القرار تساؤلات كثيرة حول طبيعته وتوقيته، فذريعة الإجراءات البروتوكولية تبقى مسألة غامضة كون الزيارة كانت مبرمجة من قبل، وأعلن عنها منذ أسابيع، وبالتالي فإن أشياء كهذه تندرج ضمن الترتيبات الأولية لتحضير الزيارة. ويربط مراقبون هذا التناقض في القرارات بمسألة الفراغ في هرم السلطة، وتخبط محيط الرئيس بوتفليقة في ضبط مثل هذه الترتيبات المسيئة إلى سمعة البلاد لدى شركائها. ولم يصدر إلى ساعة متأخرة من مساء أمس، أي تفسير من الرئاسة الجزائرية أو رئاسة الحكومة، حول خلفية القرار المفاجئ. ولم تستبعد المصادر أن يكون القرار شبيها بقرار اتخذ منذ أسابيع في حق وزير الدولة والمستشار الرئاسي عبد العزيز بلخادم، الذي أنهيت مهامه من الدولة ومن الحزب الحاكم بشكل مفاجئ ومثير أيضا. وذهب المراقبون إلى ترجيح فرضية استغناء مسبق للرئاسة عن خدمات سلال في ظل ما يروج عن إيلاء هذا المنصب في الحكومة القادمة لشخصية أخرى. وقد يكون قرار إلغاء الزيارة على علاقة بقطع طريق أمام طموحات سلال لاعتلاء قصر المرادية في المرحلة القادمة، بعدما اتضح للكثير من المتابعين أن الرجل صار يتقلد ثوب الرئيس في نشاطه الداخلي والخارجي، حيث طرحت زيارته الأخيرة لفرنسا العديد من الشكوك في محيط بوتفليقة. وقال خصوم سلال، إنه حاول استمالة الفرنسيين في الزيارة بتصريحات تؤكد أنه لن يكون من المطالبين بالاعتذار عن الاستعمار، في إشارة إلى طيّ صفحة الحساسيات التاريخية التي هيمنت على علاقات البلدين.