فقد كبير آخر رزئ به الوطن مساء أمس الأحد برحيل أحد الوجوه البارزة في الساحة السياسية، وفي العمل الوطني الصادق. وأبى القدر إلا أن يلقى الفقيد الكبير حتفه في حادث مأساوي في نفس المكان الذي كان مسرحا قبل شهر من الآن لحادث مأساوي آخر ذهب ضحيته الفقيد الكبير الآخر أحمد الزايدي. لم تتجل كل المعطيات الدقيقة المتعلقة بظروف وملابسات وفاة الفقيد عبد الله باها وزير الدولة نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونكتفي بذكر الأجزاء المتقطعة من مشهد الحادث المؤلم. في هذا السياق أجمعت الروايات على أن الفقيد كان بصدد معاينة مكان وفاة أحمد الزايدي، وكان يقف عند الجهة المواجهة للطريق الوطنية، قبل أن يتذكر أن مكان وفاة أحمد الزايدي كان في الجهةالأخرى من القنطرة، آنذاك قرر الانتقال الى هناك، وحينما هم بقطع السكة الحديدية فاجأه قطار سريع ودهسه وحوله في رمشة عين الى أشلاء متناثرة، وبقي على هذه الحال، وكان التوقيت يقارب السادسة مساء، إلى أن أحد الشهود أثار انتباهه وقوف سيارة (وهي سيارة الدولة التي كان يسوقها الفقيد) مركونة في مكان الحادث وأضواؤها مشتعلة. فاقترب منها ليفاجأ بوقوع حادث قطار مؤلم، حينها سارع الى ابلاغ رجال الدرك الذين حضروا إلى عين المكان، واستعصى عليهم تحديد هوية الضحية، إلى أن عثروا في أحد جيوبه على بطاقته الوطنية، وتأكدوا من ترقيم السيارة، فقاموا بإبلاغ الجهة المعنية، ليبدأ بعد حين وصول الوفود والشخصيات إلى عين المكان، ولوحظ حضور الجنرال حسني بنسليمان ورئيس الحكومة ووزير العدل والحريات ووزير الداخلية وغيرهم كثير، وبقيت الجثة على حالها إلى أن حضر فريق متخصص من الشرطة العلمية التي اشتغلت في عين المكان لمدة تجاوزت الساعتين، حيث جمعت المعطيات الضرورية ولم تنقل جثة الفقيد الكبير من مكانها إلا حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا، لتنتقل الوفود والشخصيات إلى منزل الفقيد. خبر وفاة الفقيد عبد الله باها نزل كالصاعقة على الأوساط السياسية والنقابية والحقوقية والمهنية، وأشعل لهيبا من ردود الفعل على صفحات التواصل الاجتماعي مما كان يتسم به الرجل من خصال التواضع وحسن المعاملة، ولما راكمه الفقيد من نضال نظيف طيلة مسار كان شاقا ومكلفا. رحم الله فقيدنا الكبير عبد الله باها وأسكنه فسيح جنانه. إنا لله وإنا إليه راجعون .