يستند الإضراب في مرجعيته كحق دستوري على مجموعة من فضول الدستور الحالي التي نصت على ضمانات متعددة لحقوق وحرية الممارسة النقابية وكذا الحقوق المرتبطة بها كالحق في التظاهر والاضراب والتي يمكن حصرها ف: الفصل 8 " تساهم المنظمات النقابية للأُجراء، والغرف المهنية، والمنظمات المهنية للمشغلين، في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها. ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون، يجب أن تكون هياكل هذه المنظمات وتسييرها مطابقة للمبادئ الديمقراطية. تعمل السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية، وعلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، وفق الشروط التي ينص عليها القانون. يحدد القانون، بصفة خاصة، القواعد المتعلقة بتأسيس المنظمات النقابية وأنشطتها، وكذا معايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكيفيات مراقبة تمويلها. الفصل 29 حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات. حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته." وتجدر الملاحظة أن جميع الدساتير المغربية المتعاقبة تضمنت إقرار هذا الحق لكنها وعدت بتنظيم ممارسته بواسطة قانون تنظيمي، ومن المعروف أن الدستور عندما يحيل أمر تنظيم موضوع أو حق على قانون تنظيمي، فذلك باعتبار أّهميته الدستورية، ولذلك فالقانون التنظيمي يعرض كمشروع على المجلس الدستوري قبل المصادقة عليه وهذه المسطرة غير معتمدة في القوانين العادية (التشريع العادي) و(التشريع الفرعي) حيث ان الهدف من هذا العرض أن افتحاص المجلس الدستوري لمدى ملائمة مشروع القانون التنظيمي لمقتضيات الدستور كما نصت المادة الثامنة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صادق عليه المغرب سنة 1979 واعتمد بعد النشر في الجريدة الرسمية سنة 1980 على: 1- تتعهد الدول بكفالة ما يلي: (أ) حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الانضمام إلي النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، بقصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها، ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. (ب) حق النقابات في إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها. (ج) حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دونما قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. (د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعني. نصت المادة (20) من الإعلان العالمي للتقدم الاجتماعي والتنمية(سنة 1969)وهو الإعلان الذي استهدف التأكيد على إيمان الأممالمتحدة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبمبادئ السلم وكرامة الشخص الإنساني وقيمته والعدل الاجتماعي، ويدعو إلى العمل قوميا ودوليا على اتخاذه أساسا مشتركا لسياسات الإنماء الاجتماعي نصت هذه المادة على: (أ) منح النقابات حريات ديمقراطية كاملة، ومنح جميع العمال حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، بما في ذلك حق المفاوضة الجماعية والإضراب والاعتراف بحق تكوين منظمات عمالية أخرى، واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين مشاركة النقابات بصورة متزايدة في الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وتأمين مشاركة جميع أعضاء النقابات فعلا في تقرير المسائل الاقتصادية والاجتماعية الماسة بمصالحهم" ولهذا فلا يمكن أن تلجأ السلطات إلى القوة لفض الإضراب إلا في الحالات التي تهدد القانون تهديدا خطيرا، ويعتبر استخدام أجهزة الأمن لإنهاء إضراب انتهاكا للحقوق النقابية. كما يمثل اعتقال المضربين أو فرض عقوبات عليهم تهديدا خطيرا للحرية النقابية، ولا يجوز- إطلاقا- تطبيق عقوبات جنائية على العمال الذين يشاركون في الإضرابات، كما لا يجوز فرض جزاءات على الموظفين العموميين لمشاركتهم في الإضراب، لأن ذلك يؤدي إلى زعزعة علاقات العمل وعدم استقرارها. أما اتخاذ إجراءات خطيرة ضد العمال بسبب اشتراكهم في إضراب، مثل فصلهم أو رفض إعادة تشغيلهم فهو يتضمن خطرا شديدا وتعسفا، ويمثل انتهاكا للحرية النقابية، أما إذا تم فصل نقابيين لممارستهم حق الإضراب فإن ذلك يعد عقابا على ممارسة النشاط النقابي، وهو إجراء غير مشروع. وعلى هذا الأساس فإن الاقتطاع من الأجرة بسبب الإضراب باعتباره تغيبا غير مبرر ينطوي علي تفسير تعسفي لحالات التغيب غير المبرر على اعتبار أن الموظف لم يتغيب واذا ما تم اعتبار الإضراب تغيب غير مبرر فهذا يعني تحريم ممارسة هذا الحق على الموظفين، وهذا أمر يناقش قانونيا ويترتب على هذا الاعتبار مسؤولية الحكومة في التعليل غير المطابق للحقيقة. إذ كان عليها أن تكون واضحة وترجع هذا الاقتطاع إلى سببه الحقيقي ألا وهو الإضراب عن العمل. وختاما و احتراما لالتزامات المغرب الدولية يجب ان تتوقف الحكومة المغربية الحالية عن سلوك مسطرة الاقتطاع ، وأن تكف عن السياسات العمومية التي تستهدف بشكل ممنهج كل المكتسبات الاجتماعية و الحقوقية التي ناضل الشعب المغربي من أجلها ، وقدم عدة ضحايا من المعتقلين والمختطفين ومجهولي المصير ، ومن الذين طالتهم إعدامات خلال سنوات الجمر والرصاص عن سلوك مسطرة الاقتطاع. وإذا كان هناك من تدبير تراه الحكومة لتنظيم ممارسة حق الإضراب, فما عليها إلا أن تباشر التفاوض مع باقي الفرقاء من أجل إخراج القانون التنظيمي الموعود به إلى حيز الوجود, وكذلك القانون المنظم للنقابات المهنية والحوار الاجتماعي، وفي الوضعية الحالية فلاشيء يسمح باتخاذ تدابير تتسم بالشطط في استعمال السلطة لغياب أساس المشروعية وطنيا ودوليا.