سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مواصلة ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية وتيسير شروط المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 تكريس مبدأ الحرية النقابية شكل أحد الاختيارات الكبرى للمغرب
أكد ميمون بنطالب الكاتب العام لوزارة التشغيل والتكوين المهني أن تكريس مبدأ الحرية النقابية كحق من حقوق الإنسان شكل أحد الاختيارات الكبرى للمغرب الذي يأخذ بالتعددية النقابية كاختيار دستوري ديمقراطي، مبرزا أن اعتماد هذا المبدأ له أهميته في خلق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية. وأوضح الكاتب العام لوزارة التشغيل والتكوين المهني خلال افتتاح أشغال ندوة »الحرية النقابية وآفاق تطورها« نظمتها الوزارة بتعاون مع منظمة العمل الدولية يوم الاثنين 4 أبريل 2011 بالرباط أن الحرية النقابية، حسب المعايير الدولية تعتبر من الحقوق الأساسية للأجراء التي تضمنتها ديباجة دستور منظمة العمل الدولية، والتي أكدت أن إقرار مبدأ الحرية النقابية يعتبر وسيلة لتحسين ظروف العمل وإقرار السلم الاجتماعي. وأوضح بنطالب أن الحرية النقابية، تحتل مكانة متميزة ضمن العديد من الآليات الدولية لحقوق الإنسان، أهمها بالخصوص التصريح العالمي لحقوق الإنسان المعتمد في 10 دجنبر 1948، والذي ينص في مادته 23 على أن »لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته«. كما نصت الاتفاقية الدولية لإلغاء جميع أشكال الميز العنصري المعتمدة في 21 دجنبر 1965، على »الحق في تكوين النقابات والانتماء إليها«. ومن جهتها نصت المادة 2 من الاتفاقية الدولية رقم 98 حول حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، على أن »تتمتع منظمات العمال ومنظمات أصحاب العمل، بحماية كافية من أي أعمال تنطوي على تدخل من قبل بعضها إزاء الأخرى فيما يتعلق بتكوينها أو تسييرها أو إدارتها، سواء بصورة مباشرة أو من خلال وكلائها أو أعضائها«. كما أن العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بتاريخ 16 دجنبر 1966، أقر عبر المادة 22 على أن »لكل فرد الحق في تكوين الجمعيات مع آخرين بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه«، مبرزا أنه »لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم«. وذكر بنطالب أنه بالموازاة مع ما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، فقدأكد الدستور المغربي على التشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وأوكل في فصله الثالث للنقابات المهنية مهمة تنظيم وتمثيل الأجراء والدفاع عن مصالحهم وبالتالي اعتبرها جزء من المنظومة الديمقراطية إلى جانب دور الأحزاب السياسية كهيآت للتأطير والتمثيل السياسي. كما أن الفصل 9 من الدستور يكفل لجميع المواطنين، حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الاجتماع، وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم. وأكد كذلك في فصله 14 على أن حق الإضراب حق مضمون، محيلا في فقرته الثانية على إصدار قانون تنظيمي لبيان الشروط والإجراءات التي تكفل ممارسة هذا الحق. وأضاف الكاتب العام لوزارة التشغيل والتكوين المهني قائلا إنه لتعزيز الحماية القانونية لممارسة الحرية النقابية، بادر المشرع المغربي إلى إصدار القانون رقم 01 18 بتاريخ 15/2/2000 بهدف تجريم المس بالحرية النقابية وعرقلة العمل النقابي ومنع التدخل في الشؤون النقابية. وقد سارت مدونة الشغل التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2004 والتي هي ثمرة حوار ثلاثي الأطراف، في اتجاه تأكيد مقتضيات الدستور في مجال تعزيز الحرية النقابية. وتجدر الإشارة أن هذه المدونة تتميز بسريان مقتضياتها على جميع الوحدات الإنتاجية بالقطاع الخاص، ويتجلى ذلك في إقرار مجموعة من الآليات والمؤسسات الوطنية الثلاثية التركيب للحوار حول قضايا الشغل بالنسبة للقطاع الخاص: مجلس المفاوضة الجماعية، مجلس طب الشغل والوقاية من الأخطار المهنية، المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل، اللجنة المختصة الثلاثية التركيب المكلفة بتتبع تطبيق الأحكام المتعلقة بالتشغيل المؤقت. كما أكدت المدونة كذلك على مجموعة من الآليات والمؤسسات الثنائية التركيب على مستوى المقاولة من قبيل لجنتي المقاولة والسلامة وحفظ الصحة. وأوضح بنطالب أنه إذا كانت الحريات النقابية ببلادنا، قد راكمت في الممارسة تجربة جد مهمة، وذلك بفضل تقدم التشريعات التي تؤطر الممارسة النقابية وبفضل دينامية الحركة النقابية بالمغرب، والجهود المبذولة لتفعيل مختلف آليات ومؤسسات الحوار والتشاور بين الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، فإن التقدم في تعزيز هذه الحريات يستلزم في نظرنا تقوية اسس هذه الممارسة، من خلال توفير الحماية القانونية والفعلية لممثلي وأعضاء المكاتب النقابية، ومواصلة ملاءمة تشريعاتنا الوطنية مع المعايير الدولية، خاصة في الجوانب المتعلقة بالحريات النقابية، وتيسير شروط المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 ومراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي. وهكذا فإن إقرار مشروعي قانون النقابات المهنية، والقانون التنظيمي لشروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب، من شأنه تعزيز حماية حقوق كل الأطراف، وتأطير العلاقات المهنية وحماية الممارسة النقابية، وتحديد المسافة الفاصلة بين الحق والواجب كإحدى مستلزمات دولة الحق والقانون.