تحتفظ الذاكرة بسؤال طرحته جريدة العلم في ثمانينيات القرن الماضي على الشهيد كمال جنبلاطي عن رأيه في الصراع الذي تفتعله الجزائر كلما أثير موضوع الصحراء المغربية ، فكان رده رحمه الله :" أنا مع الوحدة الترابية للمغرب وضد تفتيت البلدان العربية إلى كيانات صغيرة. ففي تفتيتها إضعاف لها " هذا رأي سياسي وحكيم و تقدمي أدى ثمن نضاله غاليا في سبيل وحدة لبنان. أما هواري بومدين غفر الله له، فقد سبق له في مؤتمر القمة العربية بالرباط سنة 1974، أن أكد بشكل علني وصريح أن موضوع الصحراء يهم المغرب وموريطانيا و إسبانيا. وتعهد أمام قادة الدول العربية بعدم تدخل الجزائر في هذا الشأن. وما زالت الحكومة المغربية في تقديرنا تحتفظ بهذه الوثيقة الصوتية الهامة و التي تدين حكام و عسكر الجزائر. غير أن التعهد الجزائري تبخر تحت ضغط سيكولوجية الجشع و الطمع فمناوراتها تعددت، ومؤامراتها السرية و العلنية تناسلت. ولأن المغرب في صحرائه كما قالها المرحوم الحسن الثاني في أكثر من مناسبة، فقد نحا رحمه الله منحى حرق آخر ورقة من أوراق المضللين بقبول استفتاء لن يكون إلا تأكيديا سنة 1981 وتحت إشراف هيئة الأممالمتحدة. وجاءت سنة 1985، السنة التي تجددت فيها البيعة للراحل الحسن الثاني الذي يؤكد أبناء شعبه في الأقاليم الجنوبية أنهم قد استفتوا وبايعوا ملكهم وأكدوا مرة أخرى – كما كان الشأن دائما عند أجدادهم – للعالم و التاريخ أنهم مغاربة، وأنهم عن وطنهم الأب لن يحيدوا. فنظرة واحدة إلى الاستفتاء الشعبي التلقائي الذي تم يوم زيارة الملك الحسن الثاني للعيون في 1985 تكفي ترجمانا عن تعلق الشعوب بوطنيتها و فرحتها بالتحرر من الاستعمار الذي كان يحرمها من التملي بطلعة قادتها الحقيقيين. ولم تتورع السلطات الجزائرية، عن تسخير كل طاقاتها و إمكانياتها الاستخبارية لاختراق صفوف البوليزاريو، وتحويلهم إلى أداة طيعة لأطماعها. فعملت على توجيههم وجهة عرقلة الاستفتاء بما يخدم مصالحها الاستراتيجية في منطقة المغرب العربي ويجب علينا أن نستحضر بعض المواقف الرسمية الجزائرية والتي يعود تاريخها إلى سنة 1975. " فجريدة الشعب" الجزائرية الحكومية كتبت يوم 28/11/1975 : "إن وحدة الصحراء المغربية مع المغرب، عمل يهدد أمن و سلامة الجزائر" وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية يوم 15/11/1975: " إن الجزائر ترفض أي حل لم تشارك في إعداده كطرف معني و مسؤول" وفي تعليق لإذاعة فرانس أنتير يوم 18/10/1975 قالت "إن الجزائر إذا ما احتلت الصحراء ستكون أكبر قوة في إفريقيا". هذه حقيقة الأطماع الجزائرية، تحت توجيه المؤسسة العسكرية .. تلك المؤسسة التي أقلت الشاذلي بنجديد و اغتالت محمد بوضياف. لا لشيء، إلا لكون بوضياف رحمه الله أجهر عن نيته في تأسيس مصالحة وطنية جزائرية حقيقية، تكون بداية عملية لمعالجة المشاكل الداخلية .. و الابتعاد عن إشعال فتيل الأزمة مع المغرب. //////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////// إنتظروا الحلقة الثالثة الثلاثاء المقبل حول جلالة الملك محمد السادس ومداخل تحصين الوحدة الترابية للمملكة.. فتابعونا...