تبدو الجهود العملاقة التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، بصفته الضامن للوحدة الترابية جهودا ملفتة للانتباه منذ خطاب العرش يوم 30 يوليوز 1999 حيث قال حفظه الله "نجدد التزامنا بإكمال الوحدة الترابية التي تشكل فيها قضية أقاليمنا الصحراوية القضية الوطنية المركزية، ونحن نتطلع إلى إتمام الاستفتاء التأكيدي الذي ترعاه وتقوم على إجراءه منظمة الأممالمتحدة . وهو الاستفتاء الذي لم يفتأ خصوم وحدتنا الترابية يعملون على إفشاله ويضعون العراقيل دون تحقيقه ". إن هذا الالتزام الملكي، مسنود بالشرعية والقانون وبإجماع شعبي..وللتاريخ، يجب أن نستحضر نص التصريح المغربي المؤرخ ب 19/09/1963، والذي قدمه المغرب إلى الدول الموقعة عن ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية : " إن حكومة صاحب الجلالة وهي توقع على ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية لن تتنازل بأي شكل من الأشكال عن حقوقها المشروعة في تحقيق وحدة المغرب الترابية ضمن حدوده التاريخية ". وبعد هذا التصريح بسنوات، يسترجع المغرب إقليمي طرفاية وسيدي إيفني من الاستعمار الاسباني. وفي شهر فبراير 1975 تم بناء على طلب تقدم به المغرب تسجيل مسألة الصحراء في جدول أعمال منظمة الوحدة الإفريقية. وصادقت المنظمة على ملتمس تعلن من خلاله عن مساندتها التامة لحق المغرب في استرجاع أراضيه الجنوبية المحتلة وكذا باقي المناطق الموجودة تحت الاستعمار لحد اليوم. وفي شهر أكتوبر 1975 جاء منطوق الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بلاهاي لصالح المغرب حيث اعترفت بوجود روابط قانونية وروابط بيعة بين المغرب و الصحراء. وبناء عليه، أعلن الملك المغفور له الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء السلمية الاسترجاع الأقاليم الجنوبية وهي المسيرة التي عرفت مشاركة 350 ألف مغربية و مغربي مسلحين بكتاب الله و اليقين بأن الحق لا محالة راجع لأهله وأن الوطن لم يتخل عن جزء عزيز منه . وحققت المسيرة الخضراء هدفها الأسمى، وعادت الصحراء إلى الوطن الأم يوم 14 نونبر 1975 بعد التصريح / الاتفاق بين مدريد والرباط ونواكشوط. غير أن خصوم وحدتنا الترابية، تمكنوا بمكرهم وخبثهم السياسيين، توريط مجموعة من المرتزقة للتشويش على أهلية وأحقية المغرب في استرجاع أقاليمه الجنوبية. وبقدر ما تجندت الجزائر للمناورات، بقدر ما كان الملك الراحل الحسن الثاني و الشعب يقظين حذرين. فالحسن الثاني رحمه الله كان يعي أن الخصوم الحقيقيين للوحدة الترابية هم عسكر الجزائر، أما البوليزاريو فليسوا سوى كومبارس في مسلسل لا نهائي أعدته وتخرجه المؤسسة العسكرية الجزائرية. وفي يناير 1976، هاجمت القوات الجزائرية الصحراء المغربية بهدف احتلال منطقة أمغالا وفصلها عن المغرب. ومنيت القوات الجزائرية بالفشل الذريع وهزيمة نكراء. وتكرر الهجوم الجزائري بعد عشرة أيام، مما اضطر المغفور الحسن الثاني رحمه الله إلى أن يرسل خطابا إلى الرئيس الجزائري الهواري بومدين غفر الله له. وكان مما جاء في الرسالة الملكية : سيادة رئيس الثورة الجزائرية هواري بومدين، لا يسرني أن أوجه إليكم هذا الخطاب، لالك لأنه لا يرضينا أن أكون كاتب نصه. ولأنه لن يبعث لا محالة في نفوسكم الرضى و الارتياح،لقد حدث ما يدعو حقا إلى الدهشة و الاستغراب . ذلك يا سيادة الرئيس، أن القوات المسلحة الملكية وجدت نفسها يوم 29 يناير 1976 في مواجهة الجيش الوطني الشعبي الجزائري في أمغالا التي هي جزء لا يتجزأ من الصحراء المغربية . وسال الدم بين شعبينا لأنكم لم توفوا بعهدكم وها أنتم ترون أيضا بالأمس القريب أن الحامية المغربية التي بقيت في عين المكان بأمغالا أخذت غدرا من لدن وحدات الجيش الوطني الشعبي الجزائري، متوفرة على أسلحة ثقيلة ومعدات يكشف نوعها عن النية المبيتة للقيام بعملية تدمير، تسببت في عشرات الضحايا من بين أبنائي و المكافحين من أجل بلادي. وهكذا، ففي مرتين اثنين خلال مدة تقلعن عشرة أيام، ناقضت أفعاكم يا سيادة الرئيس تعهداتكم. فمن أجل شرف بلدكم وشعبكم، أناشدكم أن تجنبوا المغرب و الجزائر مأساة أخرى، وأطلب منكم كذلك أن تعملوا بحرب مكشوفة ومعلنة جهارا، وإما بسلام مضمون دوليا، وتعملوا على جعل حل في المستقبل للقول السائد في بلدي وبين أفراد شعبي " إن الجزائر يعادل مدلولها مدلول التقلب وعدم الوفاء بالعهود". فاس : 15 فبراير 1976 الحسن الثاني ملك المغرب هكذا تكشف هذه الوثيقة / الرسالة الملكية للراحل الحسن الثاني رحمه الله وهوية خصوم الوحدة الترابية. ////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////// الحلقة الثانية: مواقف بومدين والصحف الجزائرية من موضوع الصحراء المغربية.