سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدخول المدرسي: غلاء اللوازم وغياب مراقبة الأسواق آلة تقهر المواطنين *الأطفال يرغبون بلوازن الموضة والعائلات تبحث عن الجودة والثمن *رمضان والعطلة وعيد الأضحى اختناق كبير للعائلات مع الدخول المدرسي
هناك حاجة تفرض نفسها للنظر إلى الدخول المدرسي كوضعية اجتماعية من بين بقية الأنساق التي لابد من التطرق إلى مضاعفاتها وأثرها على العائلات المغربية من الجانب المالي وهو عنصر أساسي يدعو إلى النظر في أموره بجميع مفاهيمها التي تفرض نفسها سواء قبل أو بعد الدخول المدرسي والتي تكون فترة مواكبة لمتغيرات اقتصادية وطنية مستمرة ومتوالية ، فهل العائلة المغربية تواجه غلاء المعيشة والأسواق أو إرضاء رغبات وطلبات أبنائها ، وهو الحال الذي أدخل العائلات في نفق وضعية حرجة باللجوء إلى الاقتراض وأخذ سلفة إما من المشغل أو البنك ،لشراء لوازم الدخول المدرسي ( محافظ، كتب، ملابس جديدية، كراريس، مصاريف التسجيل والتأمين وغيرها )، وكل هذا يمثل تحديا كبيرا بعد توالي المصاريف ابتداء من شهر رمضان والعطلة الصيفية والتهييء لعيد الأضحى. وللتعامل مع الدخول المدرسي نبدأ بأول شيء وهو طرح الأسئلة بين محيطنا العائلي والأصدقاء وبائع الكتب في الحي : هل اللوازم المدرسية هذا العام رخيصة الثمن أم مرتفعة ؟ الإجابة واضحة في زمن الأزمة المالية وارتفاع نسبة غلاء المعيشة رغم المغالطات التي تقوم بها الحكومة نحو المواطنين بأخبار تخفيض الأسعار أو مراقبتها، فالمهنيون وتجار سوق اللوازم الدراسية يعملون بجهد لتوزيع منتوجهم لشبكة محلات التقسيط أهمها في الدارالبيضاء : حي الحبوس ، الذي يشكل القلب النابض لهذا السوق على النطاق الوطني، والمركز الرئيسي للمنتجين والموزعين ويمكن القول إن المنافسة في التنوع تساهم في جلب الطلب، لكن بالنسبة للعائلات باعتبارهم " الزبون الأول " فإن توالي وتتابع الأحداث المعيشية يشكل ضعطا مرهقا لميزانية الأسرة فشهر رمضان ترتفع فيه المصاريف والإنفاق، ثم يليه شهر العطلة الصيفية، ثم الدخول المدرسي الذي يحل مع اقتراب عيد الأضحى. ومن أهم المعوّقات التي تثيرها العائلات والتي تشكل مصاريف إضافية هي تغيير البرامج التعليمية التي معها يلزم شراء لوازم مدرسية جديدة عوض الاكتفاء باستعمال لوازم ومؤلفات المواسم السابقة، كذلك ينجذب الأطفال إلى لوازم مدرسية مثيرة للنظر التي تحمل مظاهر الموضة وصور النجوم والمشاهير والرسوم المتحركة، بينما يتجه الآباء إلى الجانب المادي وجودة المنتوج حتى يتم استغلاله للموسم الموالي من طرف أحد الأبناء، وهكذا يظهر الخلاف الأول بين الآباء والأمهات والأطفال قبل الدخول المدرسي . والملاحظ أن وتيرة التموين عند المنتجين والموزعين ترتفع مع اقتراب الموسم الدراسي وتصل قيمة التداول إلى 70 في المائة من القيمة الإجمالية لرأس المال رغم ارتفاع أثمنة اللوازم المدرسية بجميع أنواعها فإن التداول التجاري يسير بشكل عادي ، إلا أن الجديد هو المطالبة بالجودة وهذا يشير إلى أن المنافسة بين المنتوج الأوروبي والتركي قد تغلب على المنتوج الصيني الذي كان لعدة سنوات يكتسح الأسواق الشعبية المغربية نظرا لأثمنته الرخيصة جدا. وتطرح إشكالية أخرى جد محيّرة للعائلات، وتزيد في ارتفاع فاتورة اللوازم المدرسية، حيث هناك فارق واضح في اللائحة المطلوبة بين المندوبيات الخاصة للتعليم إذ نجد بعض المدارس تطلب نفس اللائحة بينما أخرى تختلف في لائحتها خاصة المؤلفات المطبوعة، أما المدارس الخاصة فهي تتميز بالاختلاف الكبير فكل مؤسسة لها لائحة خاصة ، وقد يصل ثمن مؤلف واحد إلى ما يفوق 600 درهم خاصة المتعلقة بمواد اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية. وما يثير الانتباه في الفاتورة هو ثمن الحقائب الذي مع كل موسم يزيد في الارتفاع حتى إن كان صناعة محلية وطنية. وهذا الإشكال يحرم العائلات من تقليص ميزانية فاتورة الدخول المدرسي حيث العديد من العائلات تحتفظ بالأدوات واللوازم القديمة وتمررها أو تبادلها مع أفراد العائلة أو الجيران ولكن أمام هذا الإشكال تصبح هذه العملية بدون فائدة. وفي تصريح " للعلم" قال رئيس جمعية الفتح لحماية المستهلكين بالرباط السيد عبد القادرطرفاي : لقد اكتشفنا ارتفاعا هاما في أسعار محفظة الدخول المدرسي بدءا من 20 سنتم إلى 50 في الدفاتر حسب عدد الصفحات و30 سنتم في الأقلام ونسبة عالية في المطبوعات وخاصة الجديدة لهذا العام ،ولنتصور كم هي مصاريف عائلة لها 6 أطفال ، إن هذه المضاربات ناتجة عن سياسة وزارة التربية الوطنية التي تغير المناهج والبرامج لترفع سقف الطلب مما يخلق فوضى الأسعار" وتكون قوة المضاعفات المالية أكثر تأثيرا على الواقع المعيشي للعائلات التي أغلبها متكونة من عدة أطفال في سن التمدرس من الابتدائي والثانوي والإعدادي إلى الجامعة، وقد تصل الفاتورة بدءا من 500 درهم إلى 3000 درهم وما يفوق عند المؤسسات التعليمية الخاصة، علما أن من بين هذه اللوازم بدأت تظهر وسائل أخرى من معدّات الجيل الجديد مثل اللوحة الإليكترونية المحمولة والحاسب المحمول . طبعا هذه الوضعية هي آلة تتحركها سياسة عامة للدولة في إطار سياسة اقتصادية لقطاع التعليم وشقه التجاري والمالي، ولسائل أن يسأل هل التغييرات المستمرة في البرامج العامة للتعليم تخدم تطور المنهج التعليمي أم تخدم مصالح المنتجين والمطابع الخاصة في ترويج أعمالها من خلال تقديم صفقات تحت غطاء إنجاز مشروع ، بالمقابل نجد أن العائلات تخضع مستسلمة لهذه " الآلة " لأنها تقوم بتضحيات وتنازلات كبيرة لتلبية طلبات أبنائها وجعلهم في أحسن الظروف لضمان تعليم جيّد. طبعا ليست رؤية هذه الوضعية والطابع "الآلي" على ما بها وما فيها من قهر مالي لميزانية العائلة ينزّه هذا القطاع وهذا السوق بل هو الآخر لا يخرج عن السوق غير المنظمة وغير المراقبة، إذ في كثير من الحالات نكتشف أن بعض اللوازم غير مطابقة للصناعة الأصلية وأخرى غير مضبوطة الصنع وتحمل عيوبا جذرية، ومع ذلك يشارك في ترويج بيعها بعض تجار التقسيط ، والأكثر من هذا هناك بعض اللوازم التي تحتوي على مواد غير صحية وهي محظورة في الدول الأوروبية. ومن الصعب هنا أن نقول إن " البصير" لا يرى فغير معقول أن يحظى هذا السوق بالتساهل وغض البصر، فهل تتحمل وزارة التربية الوطنية وحدها مسؤولية فوضى السوق أم معها الشركاء الآخرون لتحديد الانضباط وتطبيق العقوبات ، مثل المجالس البلدية والولايات التي لها إدارة خاصة بالمراقبة ، أما عدم تحريك هذه الإدارات فيعني تحريك تفقير المواطنين وإنهاك قدرتهم الشرائية.