عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة شأنه شأن جل البلدان في العالم تزايد إقبال الشباب على إنتاج مقاطع فيديو تعرف "بالبودكاست" "les podcasts "،وهي مجموعة من التسجيلات الصوتية المرئية يتطرق صاحبها "podcasteur " لمواضيع سياسية أو اجتماعية أو فنية ... يهدف من خلالها إلى التعبير عن رأيه خصوصا في ظل وجود منابر إعلامية مرئية رسمية تعكس صور نمطية عن الشباب أو عن القضايا التي تهمهم. لذلك كان عالم الانترنيت المساحة الحاضنة لهم نظرا لوجود حرية أكبر يستطيع من خلالها "البودكاستر" أن يعالج قضايا لازالت تعتبر من الطابوهات في التمثل الذهني المغربي، أو أن يمارس نقدا حرا ومباشرا لبعض القضايا و المستجدات التي تهم بالخصوص الساحة السياسية المغربية. محمود عبابو شباب مغربي نشيط على مستوى الشبكة العنكبوتية ومنشط إذاعي براديو الغد وفاعل جمعوي، وصحفي إلكتروني، حاصل على دبلوم في المعلوميات وله كذلك تكوينات متعددة في مجال الصحافة والإعلام، اختار أن يخوض تجربة البودكاست في المغرب يحكي للعلم عن تجربته مع البرنامج الساخر "مشيتي بعيد" الذي يبث من خلال قناة citoyen 0.2 على اليوتوب. بداية محمود كيف ترى تجربة البودكاست في المغرب وكيف جاءت فكرة إعداد "بودكاست" ساخر ؟ البودكاست بالمغرب عرف و يعرف طفرة كبيرة خصوصا بعد حراك 2011، وكان واضحا جدا، أن الجانب السياسي غائب عن مخيلة أو مشاريع البودكاسترز المغاربة، ومن هنا جاءت فكرة إعداد برنامج ساخر يحاول معالجة الواقع السياسي المغربي بطريقة بسيطة ولغة "دارجة" نقية بعيدا عن لغة الشارع التي يستعملها غالبية من سبقونا لهذا الأمر، طرحت الفكرة على الصديق عبد الرحيم الهاني، الذي رحب بها، ثم قمنا بإنجاز الحلقة الأولى، والتي حفزنا نجاحها على الاستمرار، مع الإشارة إلى أن برنامج "مشيتي بعيد" يقترب الآن من إطفاء شمعته الأولى، وكما نعلم اليوتوب أو منصات الفيديو أصبحت موازية للإعلام الكلاسيكي هذا إن لم نقل بديلا، لأنها بعيدة عن مقص الرقيب وبعيدة عن الأجندات السياسية، بل فقط تحاول أن تطرح الواقع كما هو أمام المتتبع أو المشاهد، الذي تبقى له الكلمة الأخيرة في تقييم العمل أو قبوله. ونحن في قناة المواطن الرقمي CITOYEN 2.0 نحاول قدر المستطاع أن نرتقي بفكر المتلقي و وعيه السياسي لأن الهدف هو التثقيف السياسي بشكل سلس وبسيط، رغم الصعوبات و قلة الإمكانيات، إلا أننا مستمرون في عملنا وفي إنتاج مواد إعلامية سواء برنامج" مشيتي بعيد" أو برامج أخرى مستقبلا. وأريد أن أشير لنقطة مهمة، أظن أن تجربة مشيتي بعيد و بعض تجارب زملاء الميدان تستحق كل التشجيع لأنها ملتزمة بقضايا المواطن و الشعب بعيدا عن الخطابات الجمالية أو التفاهة التي يزيد البعض من ترسيخها في زمن أصبحت فيه سلعة مطلوبة، فنجد مثلا من يتخذ من السب والشتم و تتبع أعراض الناس مادة إعلامية تلقى متابعة كبيرة جدا. أما عن الأفاق فأكيد أن العالم يتطور و من الضروري أن نساير هذا التطور، لهذا فنحن من خلال قناة CITOYEN2.0 بصدد الإعداد لبرامج جديدة منها الساخر والجاد لكنها لا تخرج عن الإطار والمستوى العاميين، أي لغة نقية بسيطة واحترام لذكاء المشاهد. .من هم الشباب الذين يشتغلون معك في هذه التجربة ولماذا هذه التسمية بالذات "مشيتي بعيد"؟ فريق "مشيتي بعيد" مكون من شخصين فقط أنا وصديقي عبد الرحيم الهاني الذي يشرف على تصوير الحلقات وتوظيبها والإخراج وكذا المشاركة في كتابة السيناريو، أما بخصوص التسمية "مشيتي بعيد" فهي موجهة للمسؤولين والذين يكونون موضوع الحلقات، بسبب تجاوزهم خطوط الصواب وما يجب أن يكون، فهي إشارة لهم لكي نقول لهم "عيّقتوا". وهل صادف أن تعرضتم لمضايقات من آية جهة كانت على اثر إحدى الحلقات؟ ليس هناك أية مضايقات بكل صراحة لم يسبق لأحد أو جهة ما أن حاولت التضييق أو بعث رسائل، اللهم بعض المنابر التي ترفض نشر الحلقات بدون أي سبب يذكر في الوقت الذي تنشر فيه للجميع! هل من الممكن تقديم المزيد من تفاصيل حول العراقيل التي تواجهكم أثناء إعداد الحلقات مثلا من حيث جرأة الموضوع آو المشاكل تقنية آو من حيث الانتقادات ... خصوصا وأنكم تتطرقون لمواضيع في بعض الأحيان حساسة؟ أظن أن أول مشكل يطرح أمامنا هو مشكل المادة المرئية أو المسموعة التي يمكن الاشتغال عليها لأن القنوات الرسمية لا يمكن أن توفر مادة كبيرة مقارنة مثلا بدول تتوفر على قنوات تلفزية خاصة وهذا حديث أخر، و فيما يخص المواضيع فأظن أن المهمة الأساسية للإعلام البديل هو التطرق للطابوهات وتجاوز الخطوط الحمراء التي يعرفها الإعلام الرسمي ولكننا بطبيعة الحال نبتعد عن الصور الجاهزة و النمطية و ننشد الموضوعية بمعزل عن السب أو التقليل من قيمة أي أحد، ومن خلال ردود الفعل المتباينة يظهر جليا أن المتلقي بدأ يتعود على الجرأة بل وينتظرها في كل مرة وقد حدث أن كانت حلقة غير جريئة بما يكفي فلم يعجبهم الأمر وبعثوا بملاحظات تحثنا على الاستمرار في نفس الخط الإعلامي الذي عودناهم عليه. كلمة أخيرة للشباب الذين يطمحون للسير في نفس الاتجاه وخصوصا الشابات لأن عددهن قليل بالمقارنة مع الشباب؟ أعتقد أن تجربة مشيتي بعيد ولو أنها تنضج تدريجيا إلا أننا لازلنا في مرحلة التطور، لكني أنصح من يريد اقتحام عالم "البودكاست" أن يتحلى بالصبر وخصوصا الثقة في النفس وفي العمل الذي يقدمه لأنه إن لم يقنع نفسه به فلن يقنع المتلقي، مع الإبتعاد عن التفاهة من أجل المشاهدات أو الأرباح، فأولا وأخيرا لا يصح إلا الصحيح. و فيما يخص العنصري النسوي فشخصيا أتمنى صادقا أن تقتحم نون النسوة الميدان لأنهن غائبات تقريبا اللهم تجربتين أو ثلاث، ومن هنا أود أن أقول أننا مستعدون لتقديم أي مساعدة ممكنة في سبيل تحقيق مقاربة للنوع في هذا الميدان.