أكد القاضي محمد الهيني خلال ندوة نظمتها جمعية الأهداف النبيلة بشراكة مع جامعة محمد الخامس بالرباط الخميس الماضي في موضوع الرأسمال غير المادي، أن القضاء ليس مرفق تجارة حتى يصبح ثروة ولكنه مرفق إداري يروم صناعة رأسمال غير مادي وذلك عن طريق ضمان قضاء مستقل وعادل للجميع، مشيرا أن الدستور المغربي أكد من خلال الفصل 110 ان أحكام القضاء لا تصدر إلا على أساس التطبيق العادل للقانون، وان قضاة النيابة العامة يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها . وكان الهيني يقصد أن القضاة يتبعون للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وليس السلطة التنفيذية، معتبرا أن وجود النيابة العامة تحت وصاية وزارة العدل يتنافى مع مبدأ استقلالية القضاء , ويتنافى كذلك مع ما جاء به الخطاب الملكي ليوم 30 غشت 2009 الذي دعم استقلالية السلطة القضائية. وأوضح الهيني الذي مازالت قضيته مع وزارة العدل لم تحسم بعد، ان العدالة جزء مهم من الثروة اللامادية . وان المشرع الدستوري ركز على ضمان حقوق المتقاضين حين اقر من في الفصلين 117و 118 ان حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون، وان القاضي يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي عن طريق التطبيق العادل للقانون الشيء الذي لا يتوفر اليوم، حسب الهيني، بسبب ما وصفه تأثيرا تمارسه وزارة العدل باعتبارها المشرف الفعلي على النيابة العامة التي تمثل المجتمع وتنوب عنه وتدافع عن مصالحه. وذكر برفض تنفيذ حكم قضائي مغربي صدر مؤخرا في حق مستثمر أمريكي يقضي بدفع تعويضات مالية مهمة لشركائه من طرف محكمة أمريكية استندت إلى تقارير تؤكد أن القضاء في المغرب غير مستقل إضافة إلى أنه يعاني من فساد مستشري، حيث أفاد في نفس السياق ان كل قاض ثبت فساده يجب ان يعرض للمساءلة. في نفس السياق أكد ان معاقبته من طرف وزارة العدل بنقله من القضاء الإداري الى النيابة العامة ينم عن جهل هذه الأخيرة بتخصصات القضاء، مضيفا ان هذا القرار يرسخ لمبدأ الاستهتار بمنظومة العدالة ويشجع على الارتجالية نظرا لكون النيابة العامة لا تدخل في إطار تخصصه القضائي، مضيفا أن أي محاولة لإصلاح العدالة لن تتأتى إلا عن طريق استقلال السلطة القضائية. وتجدر الإشارة أن القاضي محمد الهيني المستشار بالمحكمة الادارية بالرباط قدم استقالته مؤخرا من سلك القضاء احتجاجا على قرار المجلس الاعلى للقضاء بنقله من القضاء الإداري الى النيابة العامة على خلفية الأحكام الصادرة في قضايا محضر 20 يوليوز والأحكام الصادرة ضد وزارة العدل والمواقف الدستورية المتعلقة بالدفاع عن استقلال السلطة القضائية عن وزارة العدل ومطلب إحداث مجلس الدولة، حيث اعتبر الهيني ان الأمر يشكل انتهاكا دستوريا فاضحا لمبدأ استقلال القضاء ولحرية التعبير.