صادق مجلس النواب الأربعاء الماضي على ثلاثة مشاريع قوانين انتخابية تتعلق بمدونة الانتخابات، تنظيم المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة، تنظيم المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية للغرف المهنية. هذه المشاريع التي جاءت في أفق الاستحقاقات الانتخابية التي ستعرفها البلاد السنة المقبلة والتي تهم تجديد أعضاء المجالس الجماعية والغرف المهنية وممثلي المأجورين وتجديد ثلث مجلس المستشارين. ويمكن القول أن التعديلات التي جاءت بها مدونة الانتخابات تعتبر نقلة نوعية لتقوية دعائم الديمقراطية المحلية وتعزيز مسلسل الإصلاحات التي عرفتها مشاريع القوانين الانتخابية منذ 1997 حتى تواكب متطلبات الحكامة الجيدة في تدبير الشأن المحلي، ودعم نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية، حيث استهدفت هذه التعديلات تخفيض سن الترشيح من 23 سنة شمسية كاملة على الأقل الى 21 سنة من أجل توسيع الانخراط الملتزم لدى الشباب حتى يساهم بطاقاته وإبداعاته وكفاءاته في تحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي. ومن أجل عقلنة المشهد السياسي وضمان حد أدنى من الانسجام داخل المجالس المحلية لما فيه تطوير تدبير الشأن المحلي، فقد جاءت التعديلات بمقتضيات جديدة تم بموجبها رفع نسبة الأصوات المطلوبة للمشاركة في عملية توزيع المقاعد من 3% إلى 6% من الأصوات المعبر عنها على مستوى كل جماعة سواء تعلق الأمر بالانتخاب عن طريق اللائحة أو بنمط الاقتراع الفردي. كما تم رفع عدد السكان بالنسبة للجماعات التي يتم فيها تطبيق أسلوب الانتخاب بواسطة اللائحة من 25 ألف نسمة الى 35 ألف نسمة. ويبقى التنصيص على التمثيلية النسائية بالمجالس المحلية التعديل البارز والمتميز باعتباره يشكل نقلة نوعية نحو حضور مشرف للمرأة فيما يخص الترشيح في الانتخابات الجماعية المقررة يوم 12 يونيو المقبل، التي ستنطلق فيها هذه التجربة الجديدة على غرار اللائحة الوطنية بالنسبة لمجلس النواب عندما حصل التوافق بين جميع مكونات البرلمان والحكومة على الأحكام القانونية التي يتم بمقتضاها تحقيق هذا المبتغى دون المس بالأحكام الدستورية بوضع مقتضيات جديدة خاصة بالانتخابات برسم الدوائر الانتخابية الإضافية المحدثة في الجماعات الحضرية والقروية والمقاطعات بشكل يضمن للمرأة حضورها الكامل الى جانب الرجل على مستوى الترشيح وتمثيلها الوازن على مستوى المجالس المحلية. ولهذه الغاية، فقد نص الفرع الأول من الباب الثالث من المادة الثانية من مدونة الانتخابات على أنه إلى جانب عدد المقاعد المخصصة لكل جماعة على حدة، يحدد عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية الإضافية في كل جماعة أو مقاطعة على الشكل التالي: مقعدان بالنسبة لمجالس الجماعات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع الفردي. 4 مقاعد بالنسبة لمجالس الجماعات التي ينتخب أعضاؤها عن طريق الاقتراع باللائحة والتي يفوق عدد سكانها 200.000 نسمة. 6 مقاعد بالنسبة لمجالس الجماعات التي ينتخب أعضاؤها عن طريق الاقتراع باللائحة والتي يفوق عدد سكانها 2000.000 نسمة وغير المقسمة إلى مقاطعات، منها أربعة (4) مقاعد إضافية ومقعدان يخصمان من عدد المقاعد المخصصة لمجالس الجماعات. مقعدان بالنسبة لمجالس الجماعات المقسمة الى مقاطعات: منهما مقعد إضافي ومقعد يخصم من عدد المقاعد المخصصة للمقاطعة. مقعدان برسم مستشاري المقاطعة بالنسبة لمجالس المقاطعات منهما مقعد إضافي ومقعد يخصم من عدد المقاعد المخصصة للمقاطعة. وبهذه الطريقة، سيصل عدد المقاعد المخصصة للنساء 3600 مقعد من أصل 23763 مستشار جماعي دون احتساب الترشيحات النسائية العادية. غير أن تحقيق هذا المبتغى من خلال تطبيق المقتضيات الخاصة بالتمثيلية النسائية يقتضي اتخاذ إجراءات موازية وتدابير مواكبة لتفعيل هذه المقتضيات وتنفيذ مضامينها في غياب الجزاءات الكفيلة بضمان الالتزام بتطبيقها مادام الأمر يتعلق بأحكام متوافق بشأنها، بحيث يبقى تنفيذها مرهونا بمدى التزام الأحزاب السياسية بهذا الاختيار السياسي القائم على إرادة سياسية بأبعادها المعنوية ودلالاتها الاجتماعية ورمزيتها الوطنية. وهذا ما جعل الحكومة تتوافق مع الأحزاب السياسية على وضع ميثاق شرف تحترم من خلاله مضامين هذه الصيغة الملائمة للتمييز الإيجابي لفائدة المرأة على غرار اللائحة الوطنية بالنسبة لمجلس النواب. كما جاء المشروع بمقتضي يتم بموجبه إحداث صندوق لدعم تشجيع تمثيلية النساء وتقوية قدراتهن، بالإضافة إلى التحفيز المادي فيما يخص تمويل الحملات الانتخابية عبر مكافأة الأحزاب على المقاعد التي حصلت عليها النساء في الانتخابات الجماعية. وهذا يعني أن هذه التجربة المتوافق بشأنها لتشجيع مرور أوسع للمرأة في المجالس المحلية وضمان إدماجها في الحياة السياسية ستكون موضوع امتحان صعب خلال الاستحقاقات الجماعية المقبلة حتى تشكل خطوة إيجابية نحو تمثيل وازن وأكثر قوة للمرأة في مختلف مجالس الجماعية المحلية الأخرى، بما فيها مجالس العمالات والأقاليم والمجالس الجهوية.