في ظل التوجه الحكومي الحالي، الذي تصفه جل المركزيات النقابية بالانفرادي في مقاربة إصلاح أنظمة التقاعد، التي تنذر بالخطر في الأفق المنظور إن لم يتم التعامل معها بما يكفي من التروي والجدية وإعمال الحوار. تتطرق عدد من القراءات لكون حكومة بنكيران، تسعى للاستغناء عن الفرقاء الاجتماعيين بلجوئها رأساً للمجلس الاقتصادي من خلال مذكرتين، اعتبرتهما جل المركزيات سابقتين لأوانهما وخرقا للحوار الذي خُلقت لجنة وطنية وأخرى تقنية لمتابعته. في هذا السياق، اعتبر لحسن الحنصالي، عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وعضو اللجنة التقنية لإصلاح منظومة التقاعد، أن موضوع إصلاح منظومة التقاعد لو أخذ مساره الحقيقي كان يمكن حله على مستوى اللجنتين الوطنية والتقنية اللتين تم تكوينهما لمتابعة الموضوع، لكن الحكومة أثارت اتخاذ قرار انفرادي بتوجيه مذكرتين لأخذ مشورة المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي قبل الأوان. وشدد الحنصالي، في تصريح ل"العلم"، على أن التخوف الحاصل لدى المركزيات النقابية اليوم، هو أن تؤول الإجراءات التي تلجأ إليها الحكومة وتضرب عرض الحائط بالحوار الاجتماعي، إلى حلول ترقيعية عوض الإصلاح الجذري الحقيقي والمتكامل للمنظومة، فالحكومة لم تطرح برنامج عمل يمكن أن يكون بين يدي النقابات لتعرضه على الشغيلة، الأمر الذي يمثل انتكاسة لمأسسة الحوار الاجتماعي والتشاور والتفاوض. ومن جهته اعتبر عبد الرحمن العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل في تصريح ل"العلم"، أنه "من الناحية المبدئية ليس هناك اعتراض على إحالة مشروع إصلاح صندوق التقاعد على المجلس الاقتصادي، ولكن الاعتراض يكمن في كون المجلس استشاريا وليس تقريريا حتى ينوب عن المركزيات النقابية، وبالتالي لا يمكن أن يكون بديلا عن النقابات ونحن نرفض إبعاد الملف من موقعه الحقيقي داخل الحوار الاجتماعي لهذه الهيئات". وبخصوص الخطوات التي تعتزم النقابات اتباعها بشأن هذا الموضوع، أضاف العزوزي أن "كلا من الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب عملت عقب ذلك، على بعث مذكرة مشتركة للحكومة للإجابة عن مقترحاتها، وكان على الحكومة أن تتصل بنا لتمدنا برأيها حول تلك المذكرة، لأنه ليس من الصواب أن تأخذها وتضعها في مكان دون وضع اعتبار لمرسليها". وعن اعتزام الحكومة الرفع من سن التقاعد، اعتبر العزوزي أنها "مسألة يجب أن تكون اختيارية وليست مفروضة، لأن هناك قطاعات يصعب على الإنسان أن يستمر بالعمل فيها لما وراء الستين سنة، وبالتالي اقتراحنا هو أن تبقى المسألة اختيارية". بدوره اعتبر الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل ميلودي مخاريق، أن اقتراح الحكومة الرفع من سن التقاعد هو إجراء يجهز على مكتسبات الموظفين، لأنهم من سيتحملون اخفاقات الدولة ومسؤوليتها، مبديا استغرابه من إحالة الحكومة هذا القرار على أنظار المجلس الاقتصادي والاجتماع معتبر أن اتخذ بشكل انفرادي من طرف الحكومة، دون الرجوع إلى الحوار والنقاش مع النقابات باعتبارها طرفا في الحوار الاجتماعي. كما اعتبر نفس المتحدث، أن الخطاب الملكي تضمن رسالة قوية مفادها أن ملف التقاعد هو ملف مجتمعي، ومن خلال إشادة الملك بالنقابات فإنه يوجه رسالة إلى الحكومة للجلوس مع النقابات على طاولة الحوار والتفاهم حول إصلاح صناديق التقاعد. رافضا أن يكون الخطاب دعوة إلى النقابات حتى توافق على خطة الحكومة لإصلاح صناديق التقاعد لأن الملك أكد فيه على أن النقابات تحافظ على السلم الاجتماعي في إطار الحفاظ على مصالح الطبقة العاملة