(هل اختياراتنا صائبة ؟ وما هي الأمور التي يجب الإسراع بها، وتلك التي يجب تصحيحها ؟ وما هي الأوراش والإصلاحات التي ينبغي إطلاقها؟ أما إذا كان الإنسان يعتقد أنه دائما على صواب، أو أنه لا يخطئ ، فإن هذا الطريق سيؤدي به إلى الانزلاق والسقوط في الغرور). لقد كان خطاب جلالة الملك بمناسبة عيد العرش 15 تاريخيا، أعطى فلسفة جديدة للتعامل مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي ومع أهمية العنصر البشري في التنمية الوطنية لبلادنا .والأسئلة الواقعية التي طرحها جلالته هي في حد ذاتها رؤية عميقة لمستقبل البلاد ،فإلى أي حد يمكن قياس إنتاج الثروة البشرية مع الإنجازات التي حصل عليها المغرب وهل يساهم هذا في النمو الوطني من خلال ما يسمى " رأس المال غير المادي " . قد تعتبر الإمكانات المالية المعتمدة لبناء و تجهيز البنية التحتية لقطاع الرياضة ( الملاعب الكبرى – ملاعب القرب – القاعات المغطاة – حلبات ألعاب القوى – مراكز التكوين ) جد هامة يساهم فيها استعمال المال العام ،وبالرغم من أهمية هذه الإمكانات تبرز حالات التفاوت من حيث الاهتمام الجغرافي والمساهمة المالية بين الجهات والأقاليم ،واقتناعا أن الرياضة بصفة عامة تمارس تأثيرا له دور إيجابي على الاقتصاد الوطني بشكل دائم ومستمر ،فإن غياب المرد ودية المالية بشكل مباشر من التجهيزات الرياضية على المدى القريب قد لا يكون سببا كافيا لإعادة النظر في التمويل والدعم الخاص للبنية التحتية ، لأن لها ارتباطا بالسياسة العامة للاقتصاد الوطني التي تدفع إلى تقوية مجالات موازية ولها ارتباط مباشر بهذا القطاع ، فمثلا بناء مسبح أولمبي في مدينة الخميسات ( كما طالب به ممثل الفريق الاستقلالي في البرلمان وزير الشبيبة والرياضة ) سيعتقد البعض أن الاستفادة ستكون في الصيف فقط لكن إذا ما توسعت مجالات استغلال المسبح ستكبر الاستفادة بتحوليه إلى مركز لتكوين السباحين ليس من المدينة فحسب ولكن من الإقليم كاملا وعلى امتداد السنة ، وبالتالي ستكون الاستفادة مرتبطة بمجال الشغل وتنمية الحركة التجارية . فاستغلال المنشآت الرياضية بإقامة المهرجانات الرياضية وغير الرياضية يجرّ معه حركة تنموية مالية واقتصادية ولهذا نلاحظ العديد من المدن العالمية تتسابق على تقديم طلبات الترشيح لاحتضان مسابقات عالمية مختلفة مثل الألعاب الأولمبية ، سباق السيارات ،ألعاب القوى ،كرة المضرب ،الدراجات النارية ،إلى غير ذلك ،فجميع التظاهرات الرياضية أصبحت لها ردود فعل مباشرة على ما يسمى ب " الرأس المال غير المادي " ومن هنا جاءت الاهتمامات بمشاريع تجهيز البنية التحتية لقطاع الرياضة ،هذه المشاريع أصبحت تعطي فوائد لها تأثير واضح ليس في الاقتصاد فقط بل حتى في القطاع الاجتماعي بتخفيض نسبة الانحراف والإجرام والمرض وتعاطي المخدرات ،وبالمقابل رفع مؤشر الشغل والأعمال التجارية في المدن و الأقاليم المحتضنة للمهرجان الرياضي . في جميع الحالات إذا كان المغرب يريد أو يزعم تقديم الإمكانيات لاستغلال والنهوض بالرياضة ، ومخلفاتها من حيث ميدان الشغل ، فيجب استغلال كل الأدوات التي يقدمها " رأس المال غير المادي " التي تسهل مبادرات القطاع الخاص ،خاصة منها القانونية والضرائب ، وفي هذا الاتجاه يمكن القول إن وضع برنامج تنموي اقتصادي – رياضي المفروض أن يصبّ في اتجاه الرفع من نسبة " الشغل " والتأكيد من خلق صورة واضحة لشراكة مخلصة بين المؤسسات العمومية ( الجماعات والبلديات ) والمؤسسات الخاصة ( المستثمرون أو الحاضنون بالرعاية الإشهارية ، ووسائل الإعلام بكافة أصنافها ).