إسهاما منا في الحوار الوطني حول مشروع الجهوية المتقدمة، وانسجاما مع توجهات الخطاب الملكي حين تنصيب اللجنة الاستشارية الجهوية بتاريخ 3 يناير 2010، وتأكيد جلالته بأن الجهوية الموسعة المنشودة ليست مجرد إجراء تقني أو إداري، بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة؛ وتماشيا مع مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011 الذي ينص في الفصل 136 على أن التنظيم الجهوي يرتكز على مبادئ التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن، ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة؛ فإننا نعتقد بأن بناء مغرب الجهات يمر أساسا عبر تقليص عدد الجهات، على أن تعطى لها صلاحيات واضحة وموارد بشرية ومالية كافية من أجل تحقيق نهضة تنموية وديمقراطية تشمل سائر جهات المغرب وتضمن عدالة مجالية وتوفر خدمات عمومية بشكل متساو لكل المواطنات والمواطنين بغض النظر عن محل سكناهم وانتمائهم الجهوي. ولاشك أن بناء جهات قوية ستعطي دفعة كبيرة للتطور التنموي والديمقراطي للمملكة المغربية، حيث ستحقق مشاركة سياسية لم تشهدها البلاد من قبل، كما ستضمن تحرير طاقات جديدة محلية وجهوية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، بل ستضمن مشاركة فعالة ووازنة لمغاربة العالم في المساهمة في تنمية جهاتهم. إن أجرأة تقليص عدد الجهات يتطلب مقاربة تشاركية، ففيما يخص مثلا جهة الريف الكبير نقترح إدماج الجهات المتوسطية الثلاثة الحالية من السعيدية إلى طنجة، أي الجهة الشرقية وجهة تازةالحسيمة تاونات جرسيف وجهة طنجةتطوان، سيما وهي تتوفر على قواسم مشتركة تاريخية وجغرافية، ممتدة على طول الساحل المتوسطي المغربي وسلسلة جبال الريف، مما يجعل منها جهة حقيقية بمؤهلات اقتصادية متنوعة ومتكاملة. نتمنى من أعماقنا أن يتفاعل مع هذا المقترح سائر الفاعلين، من منتخبين وجمعيات مدنية وجماعات محلية، علما أن النداء لا يهم هنا فقط المنتمين لهذه الجهة الممتدة من السعيدية إلى طنجة، بل لكافة الجهات المغربية لأن الموضوع يهم المغاربة قاطبة، إنه موضوع بناء مغرب الجهات، مغرب موحد بجهات قوية ومنسجمة.