مشروع قانون المسطرة الجنائية يروم تعزيز مجال الحقوق والحريات (وزير العدل)    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الصين تعزز مكانتها العالمية في مجال الطاقات المتجددة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    حكيم زياش يدخل عالم المال والأعمال بمدينة مراكش    إيمينتانوت .. إحباط محاولة تهريب أطنان من الحشيش    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    طقس الخميس.. برد وغيوم مع قطرات مطرية    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة (دراسة)    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    الصحافيون الشرفيون المتقاعدون يسلطون الضوء على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية    المندوبية السامية للتخطيط تتحدث عن الأسعار خلال سنة 2024    مراكش: توقيف 6 سيدات وشخص لتورطهم في قضية تتعلق بالفساد وإعداد وكر لممارستة    ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار    الكاف يؤكد قدرة المغرب على تنظيم أفضل نسخة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    تصريحات تبون تؤكد عزلة الجزائر عن العالم    ترامب يصفع من جديد نظام الجزائر بتعيين سفير في الجزائر يدعم الموقف المغربي في نزاع الصحراء    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    كيوسك الأربعاء | الحكومة تنهي جدل اختصاصات كتاب الدولة    خديجة الصديقي    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    نقاش مفتوح مع الوزير مهدي بنسعيد في ضيافة مؤسسة الفقيه التطواني    الكنبوري يستعرض توازنات مدونة الأسرة بين الشريعة ومتطلبات العصر    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    أمريكي من أصل مغربي ينفذ هجوم طعن بإسرائيل وحماس تشيد بالعملية    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخت منية غولام تتدخل باسم الفريق الاستقلالي والفريق الاشتراكي بمجلس النواب في المناقشة العامة لمشروع القانون التنظيمي لقانون المالية
نشر في العلم يوم 14 - 07 - 2014

* تساؤلات حول تراجع الحكومة عن عدد من البنود والمواد المؤسسة والجوهرية التي تضمنتها المسودة المنقحة والتي جاءت كثمرة نقاش جاد وبناء بين كافة الفرق البرلمانية وبين الحكومة؟ * هفوات ونقائص وقف عليها تقرير المجلس الأعلى للحسابات كان لها الوقع السيء على المديونية وعلى الحساب الجاري لميزان الأداءات وعلى القدرات التمويلية للاقتصاد الوطني * ضرورة إرساء البعد الجهوي في التدبير الميزانياتي وهيكلة الميزانية حول البرامج والاعتماد على التدبير المرتكز على النتائج * تدخلت الأخت منية غولام باسم الفريق الاستقلالي والفريق الاشتراكي بمجلس النواب في المناقشة العامة لمشروع القانون التنظيمي لقانون المالية وجاء تدخلها كما يلي:
السيد الرئيس؛
السادة الوزراء؛
السيدات والسادة النواب
تأطير قوانين المالية
أتشرف اليوم بأخذ الكلمة باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية والفريق الاشتراكي في إطار المناقشة العامة لمشروع القانون التنظيمي 13-130 لقانون المالية، وهو القانون الذي يعد الدستور المالي للمملكة.
لا شك أن الجميع يعي الدور الأساسي الذي يضطلع به القانون التنظيمي لقانون المالية في تأطير قوانين المالية التي تعتبر الالية الاساسية لتنفيذ السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية المنبثقة عن البرامج الحكومية من خلال جعل تدبير المالية العمومية رافعة وقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. مما جعل الاصلاح الميزانياتي يعتبر إصلاحا سياسيا مهيكلا يندرج في إطار تحديث ودمقرطة هياكل الدولة وليس إصلاحا تقنيا فقط.
في هذا الإطار، وتجسيدا لوعي جماعي لدى مختلف الفرقاء السياسيين، فقد انطلق مسلسل الإصلاح الميزانياتي منذ أزيد من عشر سنوات، أي منذ حكومة التناوب، من خلال وضع أسس فعلية للإصلاح الهيكلي الذي تتطلبه المالية العمومية، خاصة فيما يتعلق:
بتطوير منظومة مراقبة النفقات العمومية عبرالتخفيف التدريجي للمراقبة القبلية وتعزيز الرقابة الداخلية والمراقبة البعدية التي تعتمد على تقييم الأداء؛
والتفعيل التدريجي للبرمجة المتعددة السنوا ت؛
وكذا التطبيق التدريجي لمبدأ شمولية الاعتمادات؛
فضلا عن تحديث النظم المحاسبية والمعلوماتية.
موازاة مع ذلك، وانسجاما مع مشروعه المجتمعي المبني على التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، ووعيا منه بالأهمية الإستراتيجية التي يكتسيها هذا القانون التنظيمي، كان الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية سباقا إلى الانخراط في ارساء دعائم هذا الإصلاح حيث تقدم خلال الولاية التشريعية 2007-2002 ثم الولاية التشريعية 2007-2011، بمقترح قانون لتعديل القانون التنظيمي لقانون المالية، قصد إعادة الاعتبار لقانون المالية كآلية لتنزيل السياسات الاقتصادية والاجتماعية وجعلها تصب أساسا في تحسين ظروف عيش المواطنين بالإضافة إلى تعزيز دور البرلمان في الرقابة على المالية العمومية نحو مزيد من الشفافية والنجاعة. وقد تمت مناقشة هذا المقترح داخل لجنة المالية بمجلس النواب بحضور وزير المالية خلال الولاية التشريعية السابقة. والتزمت وزارة المالية آنذاك بفتح نقاش موسع مع مختلف مكونات البرلمان من اجل وضع مسودة للقانون التنظيمي غنية بمقترحات السيدات والسادة النواب.
وفي نفس هذا السياق الإصلاحي، أرسى دستور2011 بنية محكمة للمالية العمومية من خلال:
أولا، دسترة مجموعة من آليات الإصلاح، كالبرمجة المتعددة السنوات؛
ثانيا، إعلاء مبادئ مُؤَسِسَة للتدبير المالي العمومي، ترتكز على الحكامة الجيدة لضمان الشفافية، والمسؤولية، والمحاسبة، والمراقبة في تدبير الموارد العمومية؛
وثالثا، إرساء قواعد، أضحت دستورية، ترتبط بإعداد قوانين المالية ومناقشتها والتصويت عليها وكذا تنفيذها.
وهكذا، تضمن دستور 2011 مقتضيات مؤطرة لتدبير المالية العمومية تهم أساسا:
المسؤولية المشتركة للحكومة والبرلمان في الحفاظ على التوازن المالي للدولة (الفصل 77)،
المسطرة الجديدة للتصويت على قانون المالية (الفصل 75)،
البرمجة المتعددة السنوات (الفصل 75)،
إيداع الحكومة لقانون التصفية سنويا لدى البرلمان وذلك خلال السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون (الفصل 76)،
السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة
ترشيد الإنفاق العمومي وتنفيذ الاستراتيجيات القطاعية
لقد كان منتظرا أن تحكم هذه المبادئ الدستورية مختلف أحكام مشروع القانون التنظيمي للمالية الذي يعتبر بحق دستور المالية العمومية، بل وأن تجعل منه رافعة لترشيد الإنفاق العمومي وتنفيذ الاستراتيجيات القطاعية، لتقوية الإمكانات والشروط الكفيلة لرفع تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق نمو اقتصادي متضامن ومتوازن مجاليا.
لقد كان من المفروض، أن يشكل مسلسل إصلاح التدبير الميزانياتي أرضية خصبة لتنزيل الإصلاح الذي يستلزمه القانون التنظيمي للمالية، وأن تحقق الآليات والإجراءات المتخذة منذ سنة 2001، التراكم الإيجابي لاعتماد إصلاح حقيقي للقانون التنظيمي للقوانين المالية يواكب رهانات الوثيقة الدستورية، من خلال تنزيل المبادئ الدستورية المتعلقة بتدبير المالية العمومية والقواعد الدستورية المتعلقة بالحكامة الجيدة للمالية.
وفي هذا السياق، وعملا بالمنهجية التشاركية، وعلى اعتبار أن إصلاح القانون التنظيمي للمالية يشكل بحق محطة مؤسسة لمرحلة ما بعد دستور 2011 وداعمة للتنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور وللإصلاحات المؤسساتية والهيكلية، فقد انخرطت الفرق البرلمانية في إطار لجنتي المالية بمجلسي البرلمان في تدارس المسودة الأولية لمشروع القانون التنظيمي للمالية، التي تم إغناؤها بمذكرات ومقترحات الفرق البرلمانية، كأرضية للمسودة المعدلة والمنقحة.
وفي هذا الصدد، ارتكزت مداخل الإصلاح في المسودة المنقحة على المحاور الأساسية التالية:
ملاءمة هذا القانون التنظيمي مع مقتضيات الدستور الجديد،
إرساء التدبير الحديث المبني على فعالية ونجاعة التدبير العمومي وربط الانفاق العمومي بتحقيق النتائج،
تعزيز شفافية المالية العمومية وتقوية دور البرلمان في المراقبة المالية.
السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة
تأخر غير مبرر
لقد كنا ننتظر من الحكومة أن تضع المسودة المنقحة في مسطرة المصادقة فور اعتمادها. لكن وقع تأخر غير مبرر كالتأخر الذي عرفته إحالة المشروع على الجلسة العامة بعد التصويت عليه داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية منذ أزيد من شهر، وهو التأخر الذي حاولت الحكومة تبريره باستعمالها للفصل 82 من الدستور، فمرحبا بتطبيق الدستور لكن بشكل شمولي، وليس بانتقائية إن لم نقل بانتهازية.
اليوم، إذن، تطرح الحكومة مشروع القانون التنظيمي للمالية، وقد تجاوزنا منتصف الولاية التشريعية. فعمليا، لن يتم تطبيق مقتضيات هذا القانون إلا على قوانين المالية لسنتي 2015 و2016 من عمر هذه الحكومة، علما أن معظم المقتضيات الأساسية والإستراتيجية لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد سنة 2018.
وهنا لا بد أن نسائل الحكومة عن الأسباب التي كانت وراء تراجعها عن عدد من البنود والمواد المؤسسة والجوهرية التي تضمنتها المسودة المنقحة، والتي جاءت كثمرة نقاش جاد وبناء بين كافة الفرق البرلمانية وبين الحكومة؟
ألم يكن من الأجدر ، بدل ذلك، إغناء هذه المسودة في اتجاه إصلاح الاختلالات التي طبعت تدبير الحكومة الحالية للميزانية العامة. فلقد أفرز تدبير الحكومة للميزانية العامة، مجموعة من الهفوات والنقائص، وقف عليها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وكان لها الوقع السيء على المديونية، وعلى الحساب الجاري لميزان الأداءات، وعلى القدرات التمويلية للاقتصاد الوطني، وذلك على مستوى إعداد قوانين المالية أو مناقشتها والتصويت عليها تحت قبة البرلمان أو تنفيذ أحكامها خلال السنة المالية:
ففي مجال إعداد مشروع قانون المالية، تم الوقوف على أن المعطيات المرقمة والفرضيات المعتمدة لمشاريع قوانين المالية لسنوات 2012 و2013 و2014، لم تكن تمت للواقع في شيء، وكانت تفتقد إلى الدقة.
وفي مجال المصادقة والتصويت على التعديلات في البرلمان بغرفتيه، لم تنخرط الحكومة الحالية في مقاربة تشاركية فعلية والتعامل بايجابية مع التعديلات المقترحة خاصة من المعارضة،ضدا على مقتضيات الفصل 10 من الدستور، على الرغم من أهمية وقعها الاقتصادي والاجتماعي وعدم ثأتيرها على التوازنات المالية.
أما على مستوى تنفيذ قانون المالية، فقد اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات خلال السنتين الماليتين المنصرمتين مست أركان قانون المالية دون أن يتم اللجوء إلى قانون مالية تعديلي وبالتالي إشراك البرلمان في اتخاذ القرار. وقد كان لهذه الإجراءات الوقع السلبي على المواطنين وعلى المقاولة (وقف تنفيذ نفقات الاستثمار على سبيل المثال).
السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة
المشروع المقترح أغفل عدة جوانب
من المؤكد أن مشروع القانون التنظيمي للمالية الذي نحن بصدد مناقشته، قد تضمن عدة مقتضيات ايجابية تم إقرارها بمساهمة جميع الفرق البرلمانية أغلبية ومعارضة، في اتجاه:
إرساء البعد الجهوي في التدبير الميزانياتي، (رغم ان المسودة حول القانون التنظيمي للجهوية تفيد ان هذا الاخير لم يواكب هذه المستجدات ولابد من الملاءمة التي طالبنا بها داخل هذا القانون ورفضتها الحكومة)
هيكلة الميزانية حول البرامج والاعتماد على التدبير المرتكز على النتائج؛
اعتماد البرمجة المتعددة السنوات؛
تطوير منظومة مراقبة المالية من خلال إقرار افتحاصات الأداء والنجاعة؛
تحسين مراجعة طرق وشروط إحداث الحسابات الخصوصية للخزينة ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة؛
إقرار التصديق على حسابات الدولة من طرف المجلس الأعلى للحسابات، إلى غير ذلك من الأحكام والمقتضيات المؤسسة لإصلاح جوهري.
لكن، تجدر الإشارة أن المشروع المقترح أغفل عدة جوانب تهم أساسا تقوية شفافية الميزانية العامة وتعزيز مراقبة البرلمان للمالية العمومية، وتقوية الترخيص البرلماني، إلى غير ذلك من الجوانب المهمة التي من شأنها الارتقاء بمواد المشروع إلى حاجيات التدبير المالي العمومي الشفاف والمعقلن والناجع الذي يتطلع إليه الرأي العام الوطني.
ومن دون شك، فان النقاش المسؤول والبناء الذي خاضت فيه كافة الفرق البرلمانية مع الحكومة، شكل تراكما معرفيا مهما مكن السيدات والسادة النواب من اغناء المشروع المعروض للمصادقة البرلمانية، بما يستجيب لضرورات ربط المسؤولية بالمحاسبة وتكريس قيم الحكامة المالية الجيدة،
السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة
اقتراح تعديلات جوهرية
في سياق كل ذلك، انخرطنا في الفريق الاشتراكي والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إلى جانب زملائنا في فرق المعارضة، بايجابية واسعة في تحسين مقتضيات مشروع القانون التنظيمي من خلال اقتراح تعديلات جوهرية لتجويد النص، وجعله:
أكثر مواكبة للإشكالات والتحديات المستجدة التي تواجهها وستواجهها المالية العمومية في المدى القريب والمتوسط؛
أساسا لتقوية وتعزيز العلاقات بين البرلمان والحكومة؛
والنواة الحقيقية لوضع سياسة اقتصادية ومالية محكمة؛
ومؤسسا لإصلاحات حقيقية قوامها تكريس الشفافية وتقييم وتقويم السياسات العمومية ومعرفة دقيقة بالمعطيات الحقيقية للنفقات والمداخيل المدرجة بالميزانية؛
وسندا قويا للرفع من فعالية ونجاعة النفقات العمومية بما يراعي الأولويات والحاجيات الضرورية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والإنصاف في توزيع الموارد بين الجهات.
وهكذا اقترحت فرق المعارضة، مجتمعة مجموعة، من التعديلات تهم صميم مشروع القانون التنظيمي المعروض للمصادقة، شملت النقاط التالية:
ايلاء الأهمية للتوازن الاقتصادي عوض التوازن الميزانياتي المحاسباتي، وذلك بهدف بناء قانون المالية، بمنظور اقتصادي، على أساس الرفع من معدلات التنمية والنمو وليس فقط على أساس التحكم في عجز الميزانية، عبر التقليص من نفقات الاستثمار والنفقات الاجتماعية وعدم تحسين المداخيل الجبائية؛
منح دور أقوى وفعال للبرلمان وللمعارضة في مناقشة قوانين المالية والتأسيس لمراقبة حقيقية لعمل الحكومة؛
وتحديد وتقنين تدخلات الحكومة التي تؤدي إلى المس بأركان قوانين المالية (الاستثمارات، عجز الميزانية،..). ولا يمكن تغيير هذه البنود الا بقانون المالية تعديلي (كسر طابو قانون المالية التعديلي)؛
. وكذا، إدراج آليات جديدة من أجل تعزيز الحكامة الميزانياتية والشفافية في إعداد وتدبير قانون المالية، من خلال تحديد وتعزيز صدق الفرضيات المعتمدة ومن خلال الاحتفاظ فقط بالنفقات المشتركة التي لا يمكن إدراجها ضمن قطاع واحد في الفصل المخصص للنفقات المشتركة؛
تقنين مسطرة التصويت على مواد الميزانية وعلى التعديلات، من خلال الحد من لجوء الحكومة، بشكل غير مبرر وأحيانا تعسفي، للفصل 77 من الدستور من أجل رفض التعديلات المقترحة والتي لا تمس التوازنات المالية، ومن خلال كذلك توضيح مسطرة القراءة الثانية وتجنب الثغرات التي شابت التصويت على قانون المالية لسنة 2014؛
وضع نسبة للموارد الذاتية من الموارد الإجمالية بالنسبة للحسابات الخصوصية للخزينة ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة المحدثة في السابق، وذلك على غرار ما تم إقراره بالنسبة للمصالح التي سيتم إحداثها بعد دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ. علما أنه يتعين إجراء مراجعة شاملة لهذه المصالح بدراسة نجاعة وفعالية تدخلاتها، وذلك في اتجاه حذف المصالح التي لا ترقى إلى مستوى الأهداف التي أحدثت من أجلها.
وعموما، تجاوز نقائص القانون التنظيمي الحالي المعمول به، والعوائق التي شابت الإعداد الجيد والمصادقة الشفافة والبناءة والتنفيذ السليم لقوانين المالية في فترات سابقة.
تلكم، السيد الرئيس، السادة الوزراء، الزميلات والزملاء النواب أهم التعديلات التي اقترحتها فرق المعارضة، في محاولة لتصحيح الاختلالات وتجاوز المعيقات التي يطرحها القانون الحالي. لكن، مرة أخرى، كانت المنهجية التشاركية شعارا رنانا لم تتمكن الحكومة من تنزيله على أرض الواقع خاصة خلال التصويت على التعديلات داخل لجنة المالية والتنمية ألاقتصادية فلم يتسع صدر الحكومة لتقبل تعديلات المعارضة إلا في حدود 5 تعديلات من أصل 34 تعديلا.
بالمقابل لا يفوتني أن أنوه، بتعاون فرق الأغلبية (صاحبة التعديل) والمعارضة داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية من أجل تكريس الشفافية في المالية العمومية، من خلال التصويت بالإيجاب وبالإجماع على تعديل المادة 8 من مشروع القانون التنظيمي الذي بين أيدينا والقاضي بإدراج جميع مداخيل ونفقات حسابات الخزينة وعمليات الخزينة المرتبطة بتدبير الأموال العمومية في الميزانية العامة للدولة
إن هذا التعديل كنا نأمل أن يؤسس، بحق، لمرحلة جديدة وفارقة في التدبير المالي العمومي، وذلك من خلال إقرار الحذف النهائي لما يصطلح عليه بالصناديق السوداء وإدراجها بشفافية في الميزانية العامة.
وقد جاء اقتراح والمصادقة على هذا المقتضى تدعيما للتوجه الذي أسسنا له، جميعا، في قانون المالية لسنة 2013، حيث عملت الفرق البرلمانية (أغلبية ومعارضة) على اعتماد تعديل غير مسبوق يرمي إلى تكريس الشفافية في المالية العمومية. ويتعلق الأمر بإدراج مادة جديدة (18 مكرر) في قانون المالية لسنة 2013، تقضي بإدراج جميع مداخيل ونفقات حسابات الخزينة التي تقوم بها الوزارة المكلفة بالمالية في الميزانية العامة.
. انه توجه منبثق من رغبة شعبية ورأي عام متتبع ويقظ ومتعطش لإرساء الشفافية في تدبير المالية العمومية. انه توجه إرادي لمختلف فعاليات السلطة التشريعية ولا يمكن التراجع عنه بأي حال من الأحوال. و كنا نتمنى أن لا يتم نتمنى أن لا يتم التنازل عن الاجماع على الصيغة التي صادقت عليها اللجنة، هذا التنازل الذي يشكل صدمة للرأي العام الذي لا يزال ينتظر أن يرى شعار محاربة الفساد، الذي طالما رفعه الحزب الذي يقود الحكومة وخصوصا وهو يستنكر بشدة وجود الصناديق السوداء خارج المرقابة البرلمانية، واقعا ملموسا وليس مجرد شعار لدغدغة المشاعر. لكن للأسف تم التخلي عن كل هذه الشعارات التي كان الكل يعتقد انها مبادئ بمجرد الجلوس على الكراسي الوثيرة للحكومة.
السيد الرئيس، لقد كنا نأمل أن تكون الحكومة جادة أكثر في تقبل مقترحات فرق المعارضة والتعامل معها بإيجابية خصوصا تلك التي اعتبرناها ضرورية لإصلاح هياكل الميزانية وتعزيز الشفافية وتقوية دور البرلمان، لكن رفضت الحكومة جل التعديلات الجوهرية المقترحة إن لم نقل كلها، مما جعلنا نُقَرر بمرارة التصويت بالامتناع على هذا المشروع ، ولكن وبعد التراجع الخطير الذي عرفته المادة 8 عن ما تمت المصادقة عليه داخل أللجنة فقد قررنا وبمرارة أيضا أن نصوت بالرفض على هذا المشروع الذي طالما انتظرناه، لكن جاء للأسف دون طموحاتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.