من الطبيعي أن نتساءل جميعا عن هذه الاستفاقة المفاجئة للمدعو علي بوزردة، وسواء كان هو كاتب هذا "العجب" ضد النقابة الوطنية للصحافة المغربية أم غيره، فالأمر سيان. وما يهم هو أنه تحمّل مسؤولية التشهير والتحامل والقذف في حق النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وتكلفت "صحيفة الناس" بنشر ذلك (عدد الأربعاء 11 يونيو 2014). ونود أن ننبّه هنا إلى مسألة خطيرة، وهي ما ردَّ به مسؤولون في الجريدة المذكورة على أحد الزملاء الذين اتصلوا بهم محتجين على نشر هذه "المادة" المنافية لأخلاقيات المهنة، حيث قالوا "إننا لا نتحمل مسؤولية ما ينشره الآخرون في جريدتنا". وهذا أمر خاطئ قانونيا وأخلاقيا، لأن الصحيفة أو أية وسيلة إعلام ليست مزبلة أو مرحاضا، يترك فيها كل من يريد قاذوراته. و لولا إلحاح بعض الزملاء أعضاء النقابة، لما قمنا بالرد على ما نشر، لأننا تعودنا على مثل هذا النوع من الحملات. ونزولا عند رغبة هؤلاء الزملاء، ترد النقابة على ما كتب المدعو علي بوزردة. في البداية: حول تهمة "الديمقراطية البوتينية"، وهنا لابد أن نؤكد أن قيادة النقابة تعمل بشكل جماعي، ونتحدى كاتب الاتهامات أن يثبت العكس بالحجج، لا بالادعاءات، وأن يقدّم الدليل على قرار انفرادي واحد تم اتخاذه دون العودة لهياكل النقابة. فبالعمل الجماعي تمكنت النقابة من التطور والحفاظ على وحدتها وتماسكها. بالإضافة إلى أن ادعاء ما سمي ب"الديمقراطية البوتينية" يسيء إلى أعضاء النقابة وإلى المؤتمرين، ويصوّرهم كما لو كانوا قطيعا، وهذا غير صحيح، لأنهم مناضلات ومناضلون، لا يصل بوزردة و أمثاله حتّى إلى أسفل قدمهم. المسألة الثانية التي ينبغي الرد عليها هي نكتة "ترحيل المؤتمر الوطني لطنجة"! ونرد على القول بأنه كان يجب أن ينظم في الرباط أو الدارالبيضاء حتى يحضر "المعارضون" و"الغاضبون"، بما يلي: - أولا، نظمت النقابة المؤتمر في "بيت الصحافة" بطنجة تثمينا لهذا الإنجاز الذي أشرف عليه جلالة الملك محمد السادس. - ثانيا، لأن النقابة أرادت أن تعطي الإشارة بتوجه مستقبلي يهتم بكل الجهات. - ثالثا، لأن الزملاء في فرع طنجة للنقابة وفروا كل الوسائل الكفيلة بإنجاح المؤتمر. - رابعا، انعقد المؤتمر في طنجة لأن أجهزة النقابة واللجنة التحضيرية اختارت ذلك بالإجماع. أما أن نقول إنّ اختيار مدينة طنجة هو هروب من المعارضين، فهو قول ينّم عن جهل بقواعد عمل المنظمات، لأن من يحضر المؤتمر هم المندوبون الذين أتوا من كل مدن المغرب. ومن الممكن أن يكون بينهم المعارض والغاضب، وعليه أن يعبر عن رأيه وموقفه في المؤتمر ويصوت لمن يشاء..! من خلال هذه الترهات، يظهر بوضوح أن بوزردة يريد التحامل بأية وسيلة. وقمّة تحامله هي التساؤل عن ميزانية النقابة والتشكيك في الذمة المالية لمسؤوليها. وهذا أمر يستحق الذهاب إلى القضاء حتى يثبت، هو والجريدة التي تولت نشر القذف، بالحجج والدلائل أن مالية النقابة "بزيزيلة" (هذا التعبير السوقي من عند بوزردة، و ليس من عندنا). ما هو المصدر الذي اعتمده بوزردة الذي اشتغل في وكالة "رويترز" وكان مديرا للأخبار في "القناة الأولى" ومديرا عاما ل"وكالة المغرب العربي للأنباء"، وهو الذي يعرف أهمّية المصادر، لتوجيه التهمة لمسؤولي النقابة؟ إن مصدره هو "الرواة"، حيث كتب بصدد الاتهامات حول مالية النقابة و"العهدة على الرواة"، أي أنه يروّج وينشر الإشاعة عن "رواة" مزعومين لم يكشف عن هو يتهم، ولم يطلب منهم إثبات ادعاءاتهم...! المسألة الأخرى هي ما يتعلق بأسفار مسؤولي النقابة، وهنا نحيله على التقرير المالي الذي يثبت أن التنقلات الداخلية والخارجية لكل أعضاء النقابة، بمن فيهم من يأتي من الأقاليم الجنوبية وغيرها، لم تتجاوز نسبة 3،47 في المائة من الميزانية العامة. وبالإضافة إلى هذه البيانات، فميزانية النقابة مراقبة كل ستة أشهر من طرف لجنة منتخبة من المجلس الوطني الفيدرالي، والتصرف فيها يتم عن طريق توقيع مزدوج بين الرئيس وأمين المال، والمحاسب الدائم في النقابة هو خبير مختص. نؤكد هذه المعطيات ليس لإثبات براءة مسؤولي النقابة، بل فقط لنوضّح أن كاتب "المادة" يجهل حتى قواعد التسيير الإداري والمالي...؟ ! أما حكاية "التناوب بين الاتحاد والاستقلال على النقابة" التي يروّجها باستمرار ورثة النهج الأوفقيري، فهي مردود عليها، لأن انتخاب الزميل عبد الله البقالي رئيسا للنقابة لم يأت بتوجيه استقلالي أو حضور كثيف لأعضاء هذا الحزب بالمؤتمر، بل لأنه اشتغل لسنوات في منصب قيادي وثبتت نضاليته وقدرته على القيادة. وعلى هذا الأساس تم انتخابه، كما تم انتخاب الرئيس السابق، في المؤتمرات السابقة والمؤتمر الأخير، بشكل ديمقراطي. إن اعتماد أسلوب "اصطياد الساحرات"، أي الاتحاديين والاستقلاليين، من طرف التوجه الفاشي، لم يعط أية نتيجة، فقد فشل باستمرار وسيفشل مرة أخرى في نقابة الصحافة وغيرها. لكن بعد هذه الردود السريعة، ما هي علاقة بوزردة بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية؟ إنه يتذكّر جيّدا أنه عندما نشر خبرا ضد إدريس البصري في وكالة "رويترز" وتلقى استدعاء من طرف الشرطة، لجأ إلى النقابة. ولكن لجوءه كان مثيرا، إذ طلب من مسؤولي النقابة أن يرافقوه للمخفر. ورفض الدخول وفرائصه ترتعد. وتطوّع مسؤولون من النقابة للدخول عند الشرطة في كوميسارية "بلاص بيتري" في الرباط، ليستفسروا عن فحوى الاستدعاء والاستنطاق. واحتراما للنقابة أخبرهم مسؤولو الشرطة بأن الأمر يتعلق باستنطاق شكلي حتى يطوى الملف. وخرج مسؤولو النقابة ليطمئنوا بوزردة الذي كان خائفا، مبتلا، يتصبّب عرقا. وقالوا له "لاتخف، فالاستنطاق سيكون شكليا"، وهكذا كان. لكن علي بوزردة لم يحفظ أي جميل لنقابتنا، فبمجرد تعيّينه مديرا للأخبار في "القناة الأولى"، سارع إلى اضطهاد زملائنا، ومارس على الصحافيات والصحافيين ما لم يعيشوه أبدا في حياتهم المهنية من قمع وتضيّيق وابتزاز... مما أدى إلى انتفاضة ضدّه، توّجت بوقفات احتجاجية مطالبة برحيله. ورحل بالفعل في اتجاه "وكالة المغرب العربي للأنباء"، حيث كانت الدولة تبحث باستعجال عمن يعوّض السيد محمد خبشي الذي تم إعفاؤه بطريقة مفاجئة، فحضر، في زحمة الاستعجال، إسم بوزردة لسد الفراغ، خاصة وأنه تمكن من ربط علاقات "خاصة" مع نافذين في الدولة في المطعم الذي كان يديره وسط العاصمة الرباط، وهذه هي "الكفاءة المهنية" الوحيدة التي برع فيها كوسيط بين رجالات الدولة والصحافيين والسياسيين، عبر موائد السمك واللحم والمشروبات. وقد أبلى البلاء الحسن في الوكالة، حيث كان أوّل قرار اتخذه هو نفي أحد النقابيين إلى مدينة بوعرفة عقابا له على خلاف مع أحد المسؤولين، ومارس كل أنواع الاضطهاد على الآخرين. أما على المستوى المهني، فالوكالة انحدرت انحدارا شديدا في عهده. ولذلك لم يطل به المقام في هذه المؤسسة التي طرد منها شر طردة! ماذا يمكن أن ننتظر من شخص كهذا إلا تصريف الأحقاد وتصفية الحسابات تجاه النقابة وتجاه من أحسنوا إليه..؟ ونتأسف لأننا اضطررنا للرد عليه، مرغمين، فأمام النقابة ملفات كبرى سواء على صعيد مواصلة الدفاع عن الإصلاحات أو حماية الصحافيين والدفاع عن كرامتهم... ولا يشكل بوزردة في اهتماماتها أيّ شيء، كما أن هذه الملفات والانشغالات لم تعنيه في السابق ولا تعنيه في الحاضر.