طول باع قراصنة القرن الإفريقي، صار مصدر قلق جدّي. وجع رأس جديد، بدأت المنطقة تشعر بمعاناته. ما كان في بداية الأمر عمليات سطو ونهب بحري، على مراكب تجارية صغيرة تطور، مع الوقت والخبرة، ليصبح عمليات صيد واسعة لأكبر السفن العابرة لتلك المنطقة. وهذه العمليات توالت كماً ونوعاً. توسّعت رقعتها وزادت وفرة غلالها، التي قد تصل ، حسب بعض التقديرات، إلى خمسين مليون دولار في العام الجاري. ومؤخرا تمكّن لصوص البحر من خطف ناقلة نفط سعودية عملاقة، بحمولة مليوني برميل. ولدت هذه الآفة وراحت تنتشر، منذ فترة، قبالة الشواطئ الصومالية. مع دخول العام الجاري، أخذت تنمو وتتمدّد. أكثر من ثمانين باخرة تجارية، من جنسيات مختلفة، تعرّضت لمحاولات الاستيلاء عليها. منها ستة وثلاثون وقعت فريسة في شدق القرصنة، وفق إحصاءات مكتب الملاحة البحرية الدولية بماليزيا؛ 14 منها لا تزال قيد الاحتجاز في موانئ صومالية. في سبتمبر الماضي ، انفتحت العيون على مداها عندما وقعت في الأسر، سفينة أوكرانية، كان على متنها شحنة معدات عسكرية ثقيلة، من بينها حوالي ثلاثين دبابة روسية. الفدية المطلوبة، لإخلاء سبيلها حوالي مليوني دولار. وهي ما زالت حتى الآن قيد الحجز. بعض السفن يابانية وغيرها تمّ فكّ أسرها بعد دفع الفدية، على الأثر ارتفع منسوب الحراسة البحرية. بوارج روسية وأميركية وهندية وأوروبية تدفقت إلى المياه الموازية للشواطئ الصومالية. لكن قوارب السطو بقيت تصول وتجول في المنطقة. قبل أيام حصلت مواجهة مع إحداها، أدّت إلى سقوط عدد من القتلى لإنقاذ باخرة دانماركية من الوقوع في شباك القراصنة. ومع أن الهجمات الناجحة هبطت خلال الشهر الفائت إلى النصف، إلاّ أن قطّاع الطرق البحرية نجحوا، على ما بدا، في نقل ميدان عملياتهم واستهدافاتهم إلى حيث لا يخطر على البال. المكان يبعد 450 ميلاً بحرياً عن شواطئ جنوب شرق كينيا. الهدف غير مسبوق بحجمه وحمولته. والناقلة مع بحارتها ال 25 تتجه نحو شواطئ الصومال. الواضح أن إمكانات القراصنة في تلك المنطقة، كبيرة؛ وأن قدرتهم على الحركة اكبر وأخطر. فليس أمراً سهلاً أن تتوفر لديهم المرونة الكافية لنقل ساحة صيدهم إلى هذا العمق البحري؛ كما إلى هذا البعد عن الشواطئ التي تحتضن فرائسهم. والواضح أيضا بأنهم ليسوا حفنة من الهواة، فبعض التقارير ذكرت أنهم جيش يزيد على ألف عنصر مجهّز بقوارب سريعة وبأسلحة كافية. وبذلك، كما في ضوء خطف الناقلة وحساسية المنطقة التي يسرح هؤلاء القراصنة فيها، صار من المحتوم التحرك الفعّال والمتضافر، لاستئصال هذا التورّم البحري الخطير؛ اليوم قبل الغد.