شكلت المنطقة العربية مركز الثقل الاستراتيجي والاقتصادي ضمن الشرق الأوسط الكبير، ولهذا كانت دائما الهدف الأول والرئيس لتدخلات القوى الطامعة سواء الإقليمية أو الدولية، هذا التدخل كان يصل إلى درجاته القصوى في الفترات التي كانت فيها دول المنطقة أما تبلغ حالة كبيرة من الضعف أو تكون على عتبة المرور إلى مرحلة متقدمة من التقدم وإمتلاك القوة مما يهدد بتعديل موازين القوى لغير صالح الأطراف الطامعة في الهيمنة على المنطقة. هناك أمثلة كثيرة على هذا المسار، خلال بداية القرن التاسع عشر استطاع محمد علي باشا أن يعتلي عرش مصر عام 1805 وحتى 1848 بعد أن بايعه أعيان البلاد ليكون واليا عليها، بعد أن ثار الشعب على سلفه خورشيد باشا، ومكنه ذكاؤه واستغلاله للظروف المحيطة به من أن يستمر في حكم مصر لكل تلك الفترة، ليكسر بذلك العادة التركية التي كانت لا تترك واليا على مصر لأكثر من عامين. خاض محمد علي في بداية فترة حكمه حربا داخلية ضد المماليك والإنجليز إلى أن خضعت له مصر كاملة، ثم خاض حروبا بالوكالة عن الدولة العلية في جزيرة العرب وضد اليونانيين الثائرين على الحكم العثماني في المورة "بيلوبونيز"، كما وسع دولته جنوبا بضمه للسودان. وبعد ذلك تحول لمهاجمة الدولة العثمانية حيث حارب جيوشها في الشام والأناضول، وكاد يسقط الدولة العثمانية ويقيم مكانها دولة قوية جديدة، لولا تعارض ذلك مع مصالح الدول الغربية التي كبدت أسطول محمد علي خسائر فادحة في معركة نافارين ثم أرغمته بعد ذلك بسنوات على التنازل عن معظم الأراضي التي ضمها. خلال فترة حكم محمد علي، استطاع أن ينهض بمصر عسكريا وتعليميا وصناعيا وزراعيا وتجاريا، مما جعل من مصر دولة ذات ثقل في تلك الفترة، إلا أن حالتها تلك لم تستمر بسبب ضعف خلفائه وتفريطهم في ما حققه من مكاسب بالتدريج وخضوعهم لإرادة القوى الاستعمارية وفي مقدمتها بريطانيا التي استخدمت كل ألأساليب للوصول إلى مبتغاها إلى أن سقطت دولته في 23 يوليو 1952 بثورة الجيش. حاولت مصر تحت قيادة جمال عبد الناصر إستعادة قوتها السابقة فنجحت حينا وفشلت أحيانا أخرى، توحدت قوى الاستعمار والصهيونية لتكيل الضربات لها أما بشكل مباشر أو عبر أطراف إقليمية ودولية، كان العدوان الثلاثي سنة 1956 بمشاركة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وبعده تدمير الوحدة مع سوريا التي اعلنت في 22 فبراير 1958 وأجهضت بانقلاب عسكري في دمشق يوم 28 سبتمبر 1961 وحرب اليمن التي انطلقت في 28 سبتمبر 1962 ولم تنته سوى في فبراير 1968 بعد أن استلزمت تدخل 70 الف جندي مصري، وكانت هزيمة حرب يونيو 1967 بدعم أمريكي لتل أبيب، وحتى عندما جاءت حرب 6 أكتوبر 1973 تدخلت واشنطن بشكل مباشر لتحول دون إنكسار الكيان الصهيوني. تجربة متكررة ما عانت منه مصر من مؤامرات تكرر في العراق وكان أحدث فصوله احتلاله في 9 أبريل 2003، وفد كتب الزميل علي الصراف: لو كانت بغداد تقدر أن تسقط لكانت قد سقطت على يد هولاكو فلا تنهض مجددا. ولكنها نهضت. ومن كل مجزرة تالية، ظلت تنهض ولتنحر الغزاة الذين نحروها. وقد فعلتها بغداد، في تاريخها، 12 مرة. ومرة تلو الأخرى كانت المجازر هي السلاح الذي يستخدمه الغزاة. وما أخطأوا هذه المرة. فقد حاولوا قتلها بأكوام الجثث، وبفرق الموت، والتهجير، وحواجز الكونكريت، وبمزيج من مليشيات وجنود ومرتزقة من كل جنس. ولكن شاهد التاريخ يشهد انها تقاوم اليوم أفضل مما فعلت في كل مرة. وتتباهى بفرسان حريتها أكثر من كل مرة. وتدحر رعاع العصر أسرع من كل مرة. وهي تدفع غزاتها وعملاءهم الى دَرَك لم يروا له قاعا بعد. لو لم تكن بغداد بغدادَ لما كان لها من صمود أهلها ما كان. ولكنها من خلال الرماد والموت، كالعنقاء تنهض. وتاريخها هو الذي يصنع العبوة الناسفة. قد يمكن تعميم نظريات العمليات التآمرية على كل الأقطار في منطقة الشرق الأوسط الكبير الممتد من باكستان وأفغانستان شرقا حتى السواحل الأفريقية على الأطلسي غربا، ولكن المهم أنه مع مرور العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين كثفت القوى المتدخلة من إستغلال الصراعات السياسية الداخلية أما لركوب حركة التطور وتحويلها إلى "فوضى خلاقة" حسب القاموس الأمريكي أو للدفع ببعض التنظيمات السياسية عن إدراك أو بدونه إلى لعب دور تدميري من الداخل أو ما يوصف بالطابور الخامس. الإرهاب لن يوقف المسيرة يوم الأربعاء 25 ديسمبر 2013 أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين "تنظيما إرهابيا" وحظرت عليها التظاهر وحملتها مسؤولية تفجير مديرية امن الدقهلية في المنصورة الذي أوقع الثلاثاء 15 قتيلا وأكثر من 134 جريحا. وأعلن مجلس الوزراء المصري التنظيم "جماعة إرهابية في الداخل والخارج والتعامل معها بناء على نص المادة 86 من قانون العقوبات وكل ما يترتب على ذلك من آثار". وقال الدكتور حسام عيسى نائب رئيس الوزراء وزير التعليم العالي، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع الحكومة بمقر هيئة الاستثمار إن "مصر روعت بالجريمة البشعة التى ارتكبتها جماعة الإخوان المسلمين بتفجير مديرية أمن الدقهلية وسقوط شهداء ومصابين أكثرهم من الشرطة والباقي من المدنيين المسالمين من أبناء المنصورة وذلك في إعلان واضح من جماعة الإخوان المسلمين أنها لا تعرف غير العنف منذ نشأتها حتى أحداث الاتحادية والتعذيب في رابعة العدوية ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر واغتيال السادات". وأكدت الحكومة في بيانها أن جماعة الإخوان واعضاءها الذين "يستمرون فيها او ينضمون اليها" بعد صدور هذا القرار ستطبق عليهم بنود مكافحة الارهاب الواردة في قانون العقوبات المصري. وكان قانون العقوبات المصري قد عدل في عام 1992 بعد موجة عنف كان مسؤولا عنها انذاك تنظيمان مسلحان هما الجماعة الاسلامية والجهاد لتضمينه عقوبات مشددة تصل الى الاعدام في حالة ارتكاب جرائم "ارهابية". واكد بيان الحكومة ان الشرطة "ستتولى حماية الجامعات وضمان سلامة الطلاب من ارهاب تلك الجماعة". واوضح وزير التضامن الاجتماعي احمد البرعي في مؤتمر صحافي ان "الشرطة ستدخل الجامعات". وحتى الان لا يحق لقوات الامن دخول الجامعات الا بطلب من ادارتها وباذن من النيابة العامة. واوضح البرعي انه اذا استمر أي عضو في الانضمام إلى جماعة الإخوان ولم يخرج منها "معناه أنه يشاركها في ارهابها وسيطبق عليه القانون" المتعلق بمكافحة الإرهاب. وردا على سؤال حول الوضع القانوني لحزب الحرية والعدالة الذي شكلته جماعة الاخوان المسلمين، قال البرعي ان "حزب الحرية والعدالة لا يعدو ان يكون الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين والحكم الصادر بحظر انشطة جماعة الاخوان المسلمين يقضي بأن كل ما ينتمي الى تنظيم الاخوان المسلمين محظور وسنطبق الحكم بحذافيره". وكانت محكمة مصرية قد قضت في 23 سبتمبر بحظر انشطة جماعة الاخوان المسلمين وكل المؤسسات المتفرعة عنها والتحفظ على جميع أموالها ومقارها. وبحسب البيان فان الحكومة "ستبلغ الدول العربية المنضمة الى اتفاقية مكافحة الارهاب بقرارها". وتتهم الحكومة المصرية جماعة الاخوان بأنها على صلة بالتنظيمات الاسلامية المسلحة وانها تحرض على الهجمات ضد الجيش والشرطة وتمولها. واكد بيان الحكومة ان تفجير المنصورة يعد "تصعيدا خطيرا لعنف الجماعة ضد مصر والمصريين، وذلك في اعلان واضح من جماعة الاخوان المسلمين أنها ما زالت كما كانت لا تعرف إلا العنف أداة لتحقيق أهدافها". واشار بيان الحكومة في هذا الصدد الى اغتيالات سياسية تنسب الى الاخوان المسلمين وقعت في القرن العشرين في مصر. واضاف البيان ان "الجماعة جاوزت كل الحدود المتصورة في جريمة المنصورة لأنها تحاول يائسة اعادة عجلة الزمن إلى الوراء وايقاف" تنفيذ خارطة الطريق "بدءا من الاستفتاء الذي يؤسس" لدولة "ديموقراطية جديدة". وشدد انه "لا عودة إلى الماضي تحت أي ظرف ولا يمكن لمصر الدولة ولا لمصر الشعب أن ترضخ لإرهاب جماعة الإخوان المسلمين، حتى وإن فاقت جرائمها كل الحدود الأخلاقية والدينية والإنسانية". إبعاد شبح الحرب الأهلية يقول مراقبون أن الجماعة التي كانت حركة المعارضة الأكثر تنظيما على مدى عقود حكم حسني مبارك الثلاثة، تمكنت من الصعود الى قمة السلطة بعد ثورة شعبية بلا قيادة اطلقها مجموعات من الشباب. الا انه بعد سنة واحدة امضاها ممثل الجماعة محمد مرسي في قصر الرئاسة، نزل الملايين الى الشوارع في الثلاثين من يونيو 2013 للمطالبة برحيله ودعوة الجيش للتدخل بعد اتهامات وجهت اليه والى جماعته بالهيمنة على مفاصل الدولة والتآمر على وحدة أراضي البلاد والتعاون مع قوى اجنبية يضر بالأمن القومي وخلق وضع يهدد بإشعال حرب أهلية وبالسعي إلى أسلمة المجتمع بإسلوب متشدد وضرب الأقلية القبطية مما يشكل سندا للمطالبين خاصة في الخارج بتقسيم البلاد على أساس ديني. وكانت المؤسسة العسكرية، التي ساورتها شكوك كثيرة تجاه الجماعة وإرتباطاتها الخارجية خاصة في بريطانياوالولاياتالمتحدة، جاهزة للاستجابة لهذا المطلب واعلن الجيش عزل مرسي في الثالث من يوليو. ورفضت الجماعة قرار المؤسسة العسكرية وتحدته وأعلنت أن أرض البلاد ستحترق حتى يتراجع الجيش. ومنذ ذلك قتل قرابة الف مصري وتم توقيف عدة الاف اخرين من بينهم كل قيادات الجماعة الذين لم يستطيعوا الفرار خارج مصر. وتؤكد مصادر رصد أجنبية أن مجموعة كبيرة من قيادات الجماعة لم تقبل تدخل الجيش ورفضت العودة إلى العملية الديمقراطية لأنها خشيت أنه بعد تجربتها في الحكم لمدة سنة لم تعد لها فرص في المستقبل القريب للعودة إلى السلطة عبر الصناديق. هكذا قررت ركوب قطار العنف، وإذا كانت بعض مكونات الجماعة قد رفضت هذا الاختيار فإن كفة التوجه نحو العنف رجحت بفضل الدعم الأجنبي والتدخل الذي تمارسه أجهزة مخابراتية غربية بطرق مختلفة لأنها وخاصة بعد تجربة غزو العراق وما كلفته من خسائر خاصة للولايات المتحدة وجدت أن التخريب من الداخل أفضل ويمكن أن يسهل تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير. علاقات مشبوهة يفيد تقرير روسي تسرب جزء منه ويلخص قسطا هاما من آلاف التقارير السرية للأجهزة الأمنية الأمريكية التي سربها إدوارد جوزيف سنودن المتعاقد التقني وعميل وكالة المخابرات المركزية، أن الادارة الأمريكية قدرت أن دفع وتوجيه حركات الإسلام السياسي في المنطقة العربية إلى تبني أساليب حكم وتوجه سياسي متشدد من شأنه خدمة المشاريع الغربية، حيث أن هذا التوجه المتشدد سيثير تحفظ بل وغضب الكثير من القوى السياسية والطبقات والمكونات العرقية وسيولد صداما داخليا يمكن أن يقود إلى تشجيع حركات إنفصالية على أسس متعددة. ويضيف التقرير الروسي أنه وبعد الأوضاع المضطربة التي نشأت في عدد من الدول العربية بداية من يناير 2011 وجدت واشنطن أن الحركات المذكورة هي الأكثر تنظيما وبالتالي القادرة على تولي السلطة خاصة وأن جزء كبيرا من قيادات هذه التنظيمات أقامت في الغرب لسنوات أو عقود وتمتعت بالدعم وكانت تحت أعين الأجهزة الأمنية خاصة في بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة، بل وأن الكثير من هذه القيادات حصلت على جنسية البلد المضيف، وهناك اتهامات بأن البعض منها كان يحصل على دعم مالي من أجهزة مخابرات غربية. يوم الخميس 26 ديسمبر وفي عملية علقت عليها بالكثير من التساؤلات وحتى الشكوك وسائل إعلام غربية، قالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، جنيفر بساكي، في بيان صدر عن إدارتها، أن وزير الخارجية جون كيري اتصل هاتفيا بنظيره المصري، نبيل فهمي وعبر له عن قلق الولاياتالمتحدة من تصنيف الحكومة المصرية الموقتة لجماعة "الإخوان المسلمين" بالحركة الإرهابية، منتقدا قرار الحكومة. وأضافت بساكي في بيانها أن كيري ندد خلال مكلمته مع فهمي ب"الاعتداء الوحشي الإرهابي" في المنصورة وبالهجوم في القاهرة، كما اتفق الوزيران على أن "لا مكان للعنف في مصر التي يستحق شعبها السلام والطمأنينة". وعلمت مصادر إعلامية أن كيري في مكالمته مع فهمي شدد على ضرورة ان "تشارك كافة القوى السياسية المصرية في العملية السياسية، بما في ذلك الفرصة للتصويت على استفتاء الدستور" المزمع في شهر يناير 2014، محذرا من أن استثناء القوى السياسية بعشوائية "سيلقي بظلال الشك على صدق عملية التحول السياسي في مصر والمضي قدماً نحو الديمقراطية" وذلك في تكرار روتيني لموقف واشنطن المستمر منذ ستة أشهر، على "الحاجة إلى عملية سياسية تضم أكبر عدد من القوى في المشهد السياسي برمته وتحترم الحقوق الأساسية لجميع المصريين للتوصل إلى تغيير ديمقراطي". إلا أن مسؤولا أمريكيا لمح للصحافة بأن إدارة الرئيس باراك أوباما تعتقد "إن الحكومة المصرية ذهبت إلى مدى بعيد جدا في حملتها الحالية على جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديهم"، مؤكدا أن واشنطن لا تدرس أو حتى تناقش احتمال أن تحذو الحكومة الأمريكية حذو نظيرتها المصرية في هذا الشأن. يوم الأحد 29 ديسمبر ذكرت وزارة الدفاع الامريكية ان وزير الدفاع تشاك هاجل ابدى "قلقه" ازاء التطورات الاخيرة في مصر خلال اتصال بالفريق اول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري. وقال متحدث باسم البنتاغون ان هاجل قدم تعازيه في ضحايا سلسلة من الهجمات بالقنابل التي وقعت في مصر في الآونة الاخيرة وعرض مساعدة الولاياتالمتحدة في التحقيق في هذه الحوادث. وذكر المتحدث جون كيربي في البيان ان هاجل "شدد ايضا في المكالمة على دور العملية السياسية الشاملة" وانهما ناقشا "التوازن بين الامن والحرية." واضاف المتحدث ان "الوزير هاجل ابدى ايضا قلقه بشأن المناخ السياسي قبل الاستفتاء على الدستور بما في ذلك استمرار فرض تطبيق قانون مقيد للمظاهرات". يوم 26 ديسمبر واصلت صحيفة الواشنطن بوست المعروفة بتعبيرها عن مواقف العديد من مراكز القرار في البيت الأبيض دفاعها عن الإخوان ومطالبتها أوباما برد أقوى وعقوبات أكبر على القاهرة. وقالت الصحيفة، "إنه قبل ثلاث سنوات بدأت الشرارة الأولى التى أدت إلى الربيع العربى، وانطلاق موجة الثورات التى أثارت الآمال بالديمقراطية فى منطقة ظلت تفتقر إليها طويلا. إلا أن أحداث هذا الأسبوع أظهرت أن مصر" تخلت عن طريق الديمقراطية"، فيما وصفته بالمأساة التى سيكون لها تداعيات خطيرة على الولاياتالمتحدة. واعتبرت افتتاحية الصحيفة، أن إعلان الإخوان جماعة إرهابية هو الانتكاسة الأكثر ضررا للمصالح الأمريكية خاصة والغربية عامة". ورأت الصحيفة أن إعلان الإخوان جماعة إرهابية، وما سيترتب على هذا القرار من إغلاق المئات من الجمعيات الخيرية والمنظمات الأهلية التابعة لها، يمثل خطوة هائلة للوراء، ومن شأنها أن تفاقم عزلة "حركة اجتماعية واسعة"، حيث إن السلطات أعلنت أنها ستعاقب أى شخص ينضم أو يظل عضوا بالإخوان المسلمين، إلى جانب من يشاركون فى أنشطتها أو يروجون لها بالقول أو الكتابة أو أى وسيلة أخرى، ومن سيمولون أنشطتها. وختمت واشنطن بوست مقالها بمطالبة البيت الأبيض برد فعل أقوى على ما يحدث فى مصر. مخاطر تهدد دول الخليج العربي قلق واشنطن من تصنيف القاهرة للجماعة كمنظمة إرهابية يكثفه تقديرها أن أطرافا عربية أخرى قد تفعل نفس الأمر. يوم الأحد 29 ديسمبر دعا مدونون حكومات دول الخليج العربي الى اعلان جماعات الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا أسوة بمصر، مطالبين بالتحرك ضد الجماعة قبل ان يستفحل خطرها و"تنتشر كالسرطان" فأنصارها لا أمان ولا عهد ولا ميثاق لهم". واعتبر مغردون على "تويتر" ان اعلان الجماعة منظمة إرهابية ينسجم اساسا مع فكرها التنظيمي الذي لا يدين بالولاء للدول بل للقيادة العالمية للجماعة. ووجد مغردون تطابقا كاملا بين الاخوان المسلمين وتنظيم القاعدة. وقال احدهم ان الإرهابيين هم من نشأوا على يد الإخوان إلى القاعدة ويستخدمون الدين ذريعة لتنفيذ مخطط الغرب". وأيده متدخل آخر قائلا "لا تتركوهم كما تركتم القاعدة من قبلهم حتى انتشر فكرهم واكتوينا بنار إرهابهم"، ومتدخل ثالث اعتبر أن "لا فرق كبير بين القاعدة والإخوان. الفرق: الأول يصرح بالتكفير والعنف، أما الإخوان فعنفهم وقت الحاجة". وينتشر تنظيم الاخوان بشكل متفاوت بين دول الخليج العربي، إلا أن قطر تعتبر حالة خاصة في المنطقة مع دعمها المتواصل للجماعة منذ صعودها الى السلطة في خضم الإضطرابات العربية التي انطلقت في اوائل 2011. وفي السعودية والكويت تحاول السلطات محاصرة نشاطات الجماعة التي تغلغلت في قطاعات حيوية مثل التعليم والارشاد الديني. أما الإمارات فقد اختارت طريق القضاء للتعامل مع الاخوان المسلمين. ففي ختام قضية شغلت الرأي العام الإماراتي على مدى شهور طويلة، اصدرت المحكمة الاتحادية العليا في مطلع يوليو 2013 احكاما بالسجن على مدانين بالانتماء للجماعة للتآمر على نظام الحكم فيما بات يعرف ب"التنظيم السري". من جهة أخرى، وتأكيدا على طبيعة الانتماء المطلوب من أتباع الاخوان، قال متدخل خليجي "يتوشحون بعلم الدولة ويدعون حب الأوطان وهم من يسمونها الأوثان! تناقض لدرجة الغثيان". وأضاف اخر "لا يؤمنون بالاوطان وولائهم تفرضه عليهم بيعتهم للمرشد". كما راى بعضهم ان القرار الخليجي المأمول سيدعم مصر على الساحتين العربية والدولية. الدعم المالي الضخم يوم الاثنين 2 ديسمبر انطلقت من اسطنبول قناة "رابعة" تيمنا برابعة العدوية، وذلك على قمر "النايل سات" تحت شعار "رابعة نبض الحرية". وذكر ان القناة، التي حاولت ان تفتتح مكتبا لها في بيروت، يدعهما رجال أعمال مصريون وتمول من قبل التبرعات، وستكون ناطقة باللغة العربية، وسيكون لها موقع على ‘الفيس بوك' بالاسم نفسه. وقال احد المذيعين "انها ستعلي مطالب الربيع العربي، وستعنى باعادة بناء العلاقة بين المشاهدين وتطور الفكر الاسلامي المعاصر". كما اكد بانها ستكون قناة منوعة تبث 24 ساعة على 24، وتستضيف رموز العالم الاسلامي. وسيكون المكتب الرئيسي للقناة في تركيا، وربما يصبح له لاحقا مكاتب اقليمية ودولية. يوسف القرضاوي رئيس اتحاد العلماء المسلمين افتتح القناة بكلمة حرض فيها المصريين على الوقوف ضد ما سماه "الانقلاب العسكري" في مصر ومناصرة الجماعة في العودة الى السلطة. وأضاف "أدعو جموع المصريين والعرب والمسلمين وأحرار العالم، إلى العمل على دحر الظلم والعدوان". وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أول من أطلق شعار "رابعة" بعد تدخل قوات الأمن والجيش المصريين لإخلاء الميدان. وظل رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان طوال الأشهر الماضية يطلق التصريحات المناهضة للقيادة الجديدة في مصر، حتى انه دعا الى تدخل عسكري دولي في مصر لصالح جماعة الإخوان المسلمين. ويقول مراقبون إن قيام جماعة الإخوان بإطلاق قناة تلفزيونية من تركيا، يفضح العلاقات المريبة التي تقيمها هذه الجماعة السياسية مع الخارج وطبيعة دورها كأداة في أيدي قوى خارجية تبحث لها عن موطئ قدم في مصر، كما يشار إلى أن تكاليف بث القناة لا يمكن أن تضمنها سوى دولة بميزانية ضخمة. وتشير مصادر رصد إلى تجارب مشابهة في شرق أوروبا وفي آسيا حيث مولت المخابرات المركزية الأمريكية محطات إذاعية وتلفزية تنشر أفكارا مناهضة لدول تعتبرها معادية. أمر لابد منه إذا كان جزء مهم من الصحف الأمريكية والبريطانية قد هاجم قرار الحكومة المصرية بإعتبار الجماعة حركة إرهابية، فإن وسائل إعلام أوروبية رأت غير ذلك. صحيفة "الباييس" الإسبانية أكدت أن حظر جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها جماعة إرهابية كان أمرا لا بد منه، لكن هذا القرار من الممكن أن يزيد الصراع بين هذه الجماعة والحكومة المصرية. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المصرية المؤقتة تأمل بهذا القرار فى أن تشل قدرة الجماعة الإرهابية، وتضع حدا للقتال وحدا للعنف الذى تقوم به هذه الجماعة الإرهابية، ولذلك فقد حظرت كل أنشطتها، وكذلك دعمها المالى فضلا عن الانضمام إليها. واعتبرت الصحيفة أن هذا القرار لن يوقف تظاهرات شباب الجماعة، بل سيزيد الشحن المعنوى لشبابها، وهو ما سوف تستغله القيادات فى الترويج لقضية الجماعة. ونقلت الصحيفة قول الناشط محمود هاشم، عضو حركة 6 إبريل، إن قرار حظر الجماعة لن يعتبر حلا نهائيا، ولن يجدى مع جماعة تعمل منذ 80 عاما، ولو كان حظر الجماعة حلا لنهايتها لنجح عبد الناصر فى القضاء على الجماعة، خاصة أنها تعمل منذ 80 عاما تحت اسم المحظورة، ومع ذلك كانت تصل للبرلمان وتحقق نجاحا بالوصول للطبقات الفقيرة، مضيفا أن إدراج جماعة الإخوان كجماعة إرهابية لن يوقف الإرهاب، ولكن سيقفل الباب أمام الأمل فى محاسبة المخطئ، بل ستعمل الجماعة فى سرية، وستخوض معركة من أجل البقاء". يوم 27 ديسمبر سلطت صحيفة الموندو الأسبانية، الضوء على تصاعد وتيرة أعمال العنف فى مصر، وانشغال الحكومة المؤقتة وقوات الأمن بالتصدى لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، مما يشكل ضغطا كبيرا على الجهات المسئولة. وأضافت الصحيفة، إن دائرة الأزمة السياسية والأمنية التى تعصف بمصر قد تزداد اتساعا وخطورة فى ظل تفاقم موجة أعمال العنف. وأشارت إلى أن أعمال العنف فى مصر تأتى فى ظل الاستعداد لإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد، وتسعى الجماعة المحظورة إلى تعطيل تلك العملية الانتقالية التى تمر بها مصر، كما تسعى إلى شغل الحكومة المؤقتة والأمن والجيش بصد تلك الأعمال العنيفة التى تتبعها، وذلك لتعطيل مسيرة البلاد وانتقالها إلى الاستقرار والديمقراطية فى وقت قريب. ولفتت الصحيفة إلى أن حادث المنصورة، كان من أبشع الحوادث العنيفة التى نفذتها جماعات جهادية فى مصر، مطالبة جميع الجهات المسئولة بتسريع العمليات من الانتخابات البرلمانية والرئاسية حتى تتمكن من القضاء على هذه الجماعة الإرهابية بشكل نهائى. صحيفة الغارديان البريطانية وفي متابعتها للتطورات على الساحة المصرية، قالت يوم 26 ديسمبر إن تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، يمثل تصعيدا فى حملة الحكومة للحرب على الإرهاب، وأضافت أن المحليين منقسمون حول تأثير هذا القرار على الإخوان، فقد تم حظر الجماعة بالفعل، وتم مصادرة أموالها بعد حكم قضائى فى سبتمبر 2013. كما أن أغلب قيادتها خلف القضبان، وتم القبض على رئيس الوزراء السابق هشام قنديل، بينما كان فى طريقه على السودان. ويقول "إتش إيه هيلر"، الباحث البريطانى بالمعهد الملكى للخدمات المتحدة والمقيم بالقاهرة، إن التداعيات القانونية الفورية لإعلان الإخوان منظمة إرهابية ليس واضحا، إلا أنه لم يفاجأ بهذا القرار. وأضاف هيلر قائلا "إن القضاء ظل على مدار أشهر يصف الإخوان جماعة إرهابية، مضيفا أن الإعلام كذلك يصف الإخوان بالإرهابيين منذ أشهر. والفرق أن الحكومة والقائد الفعلى للدولة هو من يقول ذلك الآن. وهذه هى المرة الأولى التى تربط فيها الدولة الإخوان مباشرة بالإرهاب. ويرفض هيلر المزاعم بأن كل قيادات الإخوان تقف وراء تفجير المنصورة، وقال إن هناك عددا كبيرا أيدوا مرسى، وهؤلاء هم المسئولون عن الهجمات وهم المجرمون والإرهابيون الذين يجب أن تستهدفهم قوات الأمن. وتوقع هيلر "أن يزداد المناخ سوءا بالنسبة لمؤيدى الإخوان، وأن تزيد احتمالات أن نرى مزيدا من العنف". ويتابع الخبير البريطانى، قائلا إن مبعث القلق الآن هو احتمال وقوع هجمات انتقام على أنصار مرسى والإخوان، وعلى معارضى الحكومة المؤقتة. وفى المقابل، تقول الصحيفة، إن العديد من المراقبين المصريين صفقوا للخطوة التى قامت بها الحكومة، بل إن البعض رأى أنها قد جاءت متأخرة. فيقول المحلل والناشر هشام قاسم، إن الحكومة اتخذت هذا القرار ردا على الانتقاد الشعبي المتزايد لفشلها فى إنهاء حركة الاحتجاج والعنف لمن يعارضونها. وأضاف قاسم، أن الناس لم يعتقدوا أن الحكومة حازمة بما يكفى، مؤكدا أن هذا الإعلان من جانبها لن يكون له أى تأثير لأن هناك حرب كاملة دائرة بالفعل، مشيرا إلى تهديدات الإخوان فى أعقاب عزل مرسى. وقال إنهم أدلوا بتصريحات تهدد بحرق البلاد عقابا على الإطاحة به. وأكد قاسم، أن الإخوان أوضحوا أنهم يرفضون استخدام المنطق، وهددوا مرارا بعرقلة تقدم البلاد. ديني لا استجديه من غير خالقي عندما سئل الشيخ محمد متولي الشعراوي أحد كبار رجال الأزهر في مصر: لماذا لا تنتمي إلي حزب ديني؟ أجاب: لأن الانتماء إلى حزب ديني ليس من ركائز الإسلام ولا يضير إسلامي شيء إن لم أنتمِ إلى هذا الحزب، فأنا مسلم قبل أن أعرفكم، وأنا مسلم قبل أن تكون حزبا، وأنا مسلم بعد زوالكم، ولن يزول إسلامي بدونكم، لأننا كلنا مسلمون، وليسوا هم وحدهم من أسلموا. لأنني أرفض أن انتمي إلى حزب يستجدي عطفي مستندا على وازعي الديني قبل أن يخاطب عقلي. لأنني أرفض أن أستجدي ديني في صندوق انتخاب، فديني لا أستجديه من غير خالقي. ويقول: "أتمني أن يصل الدين إلي أهل السياسة، ولا يصل أهل الدين إلي السياسة"، فإن كنتم أهل دين، فلا جدارةَ لكم بالسياسة، وإن كنتم أهل سياسة فمن حقي أن لا أختاركم ولا جناح على ديني. [email protected]