ذكرت عدة مصادر إعلامية دولية أن حكومات غربية منها الأمريكية والبريطانية والفرنسية سجلت بقلق فشل جماعة الإخوان المسلمين في مصر في حشد عدد كبير من أنصارها يوم الجمعة 23 غشت 2013 للتظاهر في القاهرة ومدن مصر الأخرى للمطالبة بعودة الرئيس السابق محمد مرسي إلى سدة السلطة حيث إعتبرته مؤشرا على تقلص قدرة الجماعة في التأثير على مسار الأحداث، كما سجلت أن الأوضاع الداخلية تتجه إلى الاستقرار حتى أن الحكومة المصرية وبعد أن قصرت فترة حظر التجول بمدة ساعتين تفكر في رفعه نهائيا خلال النصف الأول من شهر سبتمبر 2013. موازاة مع ذلك تواصل إستمرار الإضطراب في سياسة البيت الأبيض وحلفائه في التعامل مع التحولات على الساحة المصرية، ويفسر محللون ذلك بأنه يعود إلى ضخامة الضربة التي وجهت لمشاريع ومخططات الإدارة الأمريكية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الكبير بما يخدم مصالح الغرب خلال العقد الأول من الألفية الثالثة التي تشهد عملية إعادة لرسم خريطة التوازنات الدولية المتمثلة في تقلص الدور الأمريكي وبروز الصين وروسيا كمنافسين يهددان بالتعاون مع قوى أخرى بتحويل الولاياتالمتحدة إلى قوة من الدرجة الثانية تماما كما حدث للإمبراطورية البريطانية في السنوات الني أعقبت الحرب العالمية الثانية. مصادر إعلامية قالت: كثيرة هي التساؤلات المثارة مع فشل المليونية التي دعت إليها ونظمتها جماعة الإخوان المسلمين يوم الجمعة 23 أغسطس، وسمتها مليونية «الشهيد»، ومحدودية المشاركة إلى المئات، في عدد ضئيل جدا من المظاهرات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، رغم ترويج الإخوان لهذه المليونية. فشل الإخوان في تنظيم مظاهرات الجمعة كان متوقعاً، برأي الشيخ أشرف سعد، من علماء الأزهر الشريف الأمين العام لاتحاد علماء الصوفية، ويوضح في هذا الإطار أسباباً ثلاثة لهذا الفشل الإخواني: السبب الأول هو أن هذه المظاهرات كانت امتدادا للاعتصامات السابقة، وجميعها ممول، بمعنى أن جزءاً كبيراً منها يجمع لها الناس بالمال، وبعد تساقط وضبط قادة التنظيم الإخواني انقطع التمويل عن هذا الجزء من الناس، وبالتالي كان لابد أن ينصرفوا عنها، ويبقى ما سماهم المغيبين والمضحوك عليهم، ممن يصدقون أن الإخوان لديهم قضية أو مشروع إسلامي، وهذا الجزء الأخير هو القاعدة التي تربى أفرادها على السمع والطاعة، والتحرك حسب أوامر القيادات دون إعمال للتفكير، ولأن القادة إما مقبوض عليهم أو فارين من الأمن، أو منسحبين من المشهد، فقد غابت الأوامر، وبالتالي ارتبك التنظيم وأصيبت قاعدته بالشلل وفقدان القدرة على التحرك أو التظاهر. ***************** الأسلحة والحرق أما السبب الثاني للفشل فهو أن كثيرا من الناس كانوا متعاطفين ومخدوعين، ولم يكونوا مصدقين لما يقال عن العنف والسلاح لدى الجماعة، وربما قضى البعض منهم في إعتصامي رابعة أو النهضة أياما كثيرة ولم ير أي أسلحة، وكان يصدق الإخوان في كلامهم عن السلمية وإنكار وجود الأسلحة، وحين خرجت المظاهرات إلى الشارع بعد فض الاعتصامات رأى هؤلاء المخدوعين أعمال الحرق والعنف التي قام بها الإخوان، والأسلحة مشهرة، وشاهد الضحايا يسقطون بنيران هذه الأسلحة. وتابع: «هؤلاء أفاقوا بالتأكيد وابتعدوا عن الإخوان، ولم يستطيعوا تكذيب أعينهم، لأن الشعب المصري بطبيعته مسالم وهادئ ولا يميل إلى استخدام العنف من أجل النضال السياسي، وإنما يلجأ للعنف دفاعا عن النفس أو لمحاربة العدو المعتدي، وهنا تظهر قوة المصري وشكيمته». بينما يتمثل السبب الثالث والأخير في فشل الإخوان في كون الأقوال اليسيرة المسربة من التحقيقات مع مرشد الجماعة محمد بديع، والدكتور صفوت حجازي، لابد وأن تصيب أي إخواني بالإحباط عندما يقارن بين ما كان يسمعه من المرشد وحجازي على منصة رابعة، و»الهوان» الذي تكشفه التسريبات، من إلقاء المرشد بمسؤولية التمويل والتسليح على محمد البلتاجي، بينما يتنصل حجازي في تسجيل صوتي من تصريحاته الماضية، فقد كان الإخوان يتوقعون منهما أن يكونا أكثر صلابة وبمستوى خطاباتهما على المنصة، وليس بهذا التواضع المهين. ويستطرد العالم الأزهري أشرف سعد منوها إلى أن استدعاء العنف أسقط الإخوان وكشف عن جهلهم بالتاريخ والمجتمع والشخصية المصرية، ويلفت إلى أن تنظيمات مسلحة مثل الجهاد والجماعة الإسلامية اعتمدت الإرهاب منهجا طوال الفترة الواقعة بين أواخر الثمانينات حتى نهاية التسعينات، ومع ذلك فشلت في بناء قاعدة شعبية لها. يقول الباحث في شؤون التيارات الإسلامية ممدوح الشيخ إن الحشد يوم الجمعة 23 غشت كان أقل من مرات سابقة، وقد يرجع هذا إلى القبض على «المرشد»، ما أربك الجماعة في مفترق طريق تنظيمي، وكان تعيين محمود عزت مرشدا، وهو مرفوض من قيادات إخوانية، بسبب اتجاهه المتسامح مع الأقباط، وبالتالي لم يحشدوا ولم ينزلوا للميادين. ويضيف الشيخ سبباً آخر لقلة الحشد وهو حالة الطوارئ وحظر التجوال، ما أدى لعرقلة الكثيرين، لذلك خرج الإخوان بالحد الأدنى، في انتظار العام الدراسي الجديد بالجامعات، نظراً لتزايد اهتمام طلابها بالسياسة، والتواجد الإخواني الكبير بها، على حد قوله، بما يهيئ الفرصة لحشود أكبر. قرار غربي لدعم الإخوان عن السيناريوهات المتوقعة في المرحلة القادمة يشير الشيخ إلى أنه حاليا تدار تفاهمات بشكل مباشر أو عبر وسطاء بين الحكومة الحالية والدكتور محمد علي بشر، أحد قيادات الإخوان المعتدلة، للتفاهم على حلول ترضي الجميع وتسمح لجماعة الإخوان بإعادة تموضعها في المجتمع. ويشير الشيخ أيضا إلى سيناريو آخر وهو انتظار الإخوان لقرار غربي ضد الحكومة المصرية يعطيهم شيئا من المشروعية السياسية، ويجعلهم يتصرفون بمعنوية مرتفعة، أو قد تتدخل الولاياتالمتحدة عسكريا ضد سوريا، بما يعطي دلالة بأن الأنظمة التي تعاديها أو التي لا ترضى عنها واشنطن ليست بمأمن، وهذا قد يكون عاملاً مساعدا للإخوان ينصفهم ويحولهم من جماعة إرهابية من وجهة النظر المصرية ليصبحوا الضحية فيكتسبوا تعاطفا غربيا وإقليميا. ويلفت إلى احتمال قائم وهو حدوث تحولات إخوانية داخلية بشكل سريع، تلقي باللوم على القيادات، وتعيد الجماعة نفسها للمجتمع بشكل مقبول قبل صدور وصف رسمي وقانوني لها بأنها «جماعة إرهابية». وسائل الإعلام الأمريكية التي تعبر عادة عن رأي مراكز الثقل في إدارة البيت الأبيض عكست بدورها حالة تقلص قدرة حركة الإخوان على تحريك أعداد كبيرة من المصريين وحشدهم ضد القوى المناهضة لها. صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الصادرة يوم الأحد 25 غشت قالت: أن حالة من الهدوء تسود حاليا شوارع مصر عقب تلاشى التحديات والعقبات، التي فرضتها جماعة الإخوان المسلمين على الجيش المصري، إلا أن مستقبل مصر لا يزال غامضا. وأشارت الصحيفة، في تقرير لها بثته على موقعها الإلكتروني، إلى انتظام حركة المرور وإعادة فتح المحال وامتلاء المقاهي قبل دخول ساعات حظر التجول، حيث تمكنت الإجراءات الأمنية من تضييق الخناق على مساعي جماعة الإخوان المسلمين من نشر الإرهاب في البلاد. وأفادت الصحيفة بأن عملية تقليص ساعات حظر التجول تعزز رغم كل شيئ الشعور بأن مصر لا تزال تعاني من أزمة تجبر المواطنين على البقاء في منازلهم، ومتابعة القنوات التليفزيونية التي ترفع شعار «مصر ضد الإرهاب». وأبرزت الصحيفة الأمريكية التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء، حازم الببلاوي، للصحفيين يوم السبت 24 أغسطس، والتي أكد فيها على أن استعادة الأمن تعد من أهم أولويات الحكومة المصرية، كما أنه لن يقبل باستخدام إجراءات أمنية مخففة إذا كان الثمن ترويع المواطنين الآمنين، مشيرة إلى تأكيد حازم الببلاوي على ضرورة السعي وراء تحقيق المسار السياسي، الذي يهدف إلى استعادة الديمقراطية في البلاد. تحذير لواشنطن صحيفة وول ستريت جورنال المعبرة عن وجهة نظر المركز الاقتصادي العسكري الأمريكي ذكرت أن مسئولون عرب وغربيين حذروا البيت الأبيض بأن التعاون العربي مع الجهود الأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط سوف يتعرض للخطر إذا أقدمت واشنطن على قطع المساعدات العسكرية لمصر. وأوضحت أنه في محاولة للضغط على الولاياتالمتحدة لإبقاء دعمها للقاهرة، حذر حلفاء مصر فى المنطقة، الإدارة الأمريكية بأنها تخاطر بالتعاون العربي على صعيد جهود مكافحة الإرهاب ومحادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية وكذلك تمرير المساعدات الأمريكية للمتمردين السوريين. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين وعرب اطلعوا على المناقشات فإن هذه الرسائل جرى نقلها بشكل مباشر إلى كل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وسوزان رايس، مستشارة الأمن القومي، خلال الأسابيع الماضية، من قبل أعضاء كبار في الحكومة السعودية والإماراتية. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه التحذيرات تمثل علامة جديدة على التهديد الذي يلاحق العلاقة بين الولاياتالمتحدة وحلفائها فى الشرق الأوسط بسبب الرد المختلف على الأحداث فى مصر. وذكر مسؤول عربي كبير شارك فى محادثات مع الولاياتالمتحدة: «إذا اتخذت الولاياتالمتحدة موقفا يقوض الحكومة المصرية ويمكن الإخوان من تعزيز صفوفهم، فكثيرون منا سوف يقولون لها: حظا سعيدا، تصرفي بمفردك»، مضيفا أنه سيكون هناك داعيات إقليمية واسعة. ويشير المسؤولون الأمريكيون والعرب أن السعودية والإمارات والأردن، يشكلون ضغطا على الولاياتالمتحدة لمواصلة تقديم مساعداتها العسكرية السنوية لمصر، ووفقا للمسئولين الأمريكيين فإن إدارة أوباما أحجمت عن قطع هذه المساعدة بشكل كامل خشية من فقدان آخر قنواتها للتأثير على القاهرة. وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت قد تعهدت بمنح مصر 12 مليار دولار، عقب سقوط نظام الإخوان المسلمين، للتقليل من تأثير أى تخفيض فى المساعدات الأمريكية. وأكد المسؤولون العرب لنظرائهم فى الولاياتالمتحدة أن إدارة أوباما فشلت فى فهم التهديد الذى يشكله الإخوان المسلمين للشرق الأوسط واستقرار بلدانهم. ويقول مسؤولون أمريكيون أن هناك قلقا متناميا داخل الكونغرس بشأن كيفية استجابة مصر لتعليق المساعدات بما من شأنه أن يعرقل العمليات العسكرية الأمريكية فى الشرق الأوسط. إذ تعتمد القوات البحرية الأمريكية على المرور عبر قناة السويس لنقل السفن الحربية داخل وخارج منطقة الخليج العربي، وهناك قلق حيال تباطئ الجنرالات فى القاهرة فى الرد على الطلبات الأمريكية لإرسال سفن عبر القناة. وأشار مسؤول رفيع من الإدارة الأمريكية أن البنتاغون يرسل طائراته للمرور عبر المجال الجوى المصري للقيام بعمليات في بلدان مثل باكستان وأفغانستان واليمن، وربما تشكل هذه نقطة ضغط أخرى، وأضاف أن هذا يعتمد على الخطوات التي سيتخذها المصريين ردا على قطع المساعدات. ومن جانب آخر أكد مسئول عربي رفيع أنه إذا انهارت مصر أو سقطت في حرب أهلية فإن السعودية والإمارات لا يمكنها مواصلة المساعدة في عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين أو مواجهة التهديدات الأمنية. وأشارت الصحيفة إلى أن الخارجية المصرية قالت، أنها تجرى مراجعة خاصة خل فائدة المساعدات الأمريكية والغربية الأخرى، حيث أعرب المسئولون المصريون عن قلق متزايد حيال استخدام هذه المساعدات كأداة ضغط على مصر. وذكر مسئول مصري رفيع: «نحن لن نستسلم للضغوط الخارجية.. إننا نتخذ قراراتنا بناء على احتياجاتنا الأمنية الخاصة». العلاقة مع المخابرات الأمريكية تحت عنوان «المصريون لديهم مبرر فى عدم الثقة فى الغرب» تحدث الكاتب البريطاني كيم سينغوبتا، في مقاله يوم الأربعاء 21 أغسطس بصحيفة «الإندبندنت» عن الأسباب التي تجعل المصريين لا يثقون فى الغرب، ولاسيما بريطانيا، موضحا أن المملكة المتحدة تحالفت في الماضي مع الإسلاميين ضد الجيش. وقال الكاتب إن مجموعة من ضباط الجيش المصري، حاولوا ومن وراء الحاجز الذي كان يفصلهم عن أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى التأكيد على أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لا يطمح لأن يكون مثل جمال عبد الناصر، وأن ما فعله لم يكن إلا استجابة لنداء شعبي للإطاحة بحاكم مستبد كاد يدمر البلاد، وأن ما حدث كان ثورة وليس انقلابا. ويؤكد الكاتب على أن هناك دعما كبيرا للجيش بين أعداد شاسعة من المصريين جزعوا من سعى الإخوان لإنشاء دولة دينية، في حين أساء الإخوان إدارة الاقتصاد المنهار، ولم يكن هناك تعاطف كبير مع الإسلاميين الذين قتلوا في مواجهات مع قوات الأمن، ويقول مصريون كثيرون إن الإخوان هاجموا وقتلوا من كان يعارضهم عندما كانوا في السلطة وخارجها. ويتابع الكاتب قائلا إنه ظل على اتصال بالضباط الشباب الذين التقاهم عند إعتصام رابعة العدوية، ويقول إنهم أصروا على أنهم يحاربون المجرمين والإرهابيين، وأن عرض الأحداث في الإعلام الغربي هو في الواقع دعاية لجماعة الإخوان المسلمين ممزوجة برغبة بتصوير الدول العربية على أنها غير مستقرة بطبيعتها، متهمين أوروبا والولاياتالمتحدة بالنفاق. وأشار الكاتب إلى حديث بعض الضباط عن الدعم السري الذي يقدمه الأمريكيون والبريطانيون للإخوان، وتناولهم أمثلة سابقة من التلاعب الغربي بالإسلاميين، والعديد منها لا يمكن إنكاره، على حد قول الكاتب. وتطرق سبغوبتا إلى علاقة بريطانيا بالإسلاميين، وقال إن أول اتصال للندن بالجماعات الإسلامية كان قبل الحرب العالمية الثانية لجمع معلمات عن النشطاء المشاركين في حركة استقلال مصر، بحلول عام 1942 بدأت لندن تمويل الإخوان على أمل أن يواجه الإسلاميون «فيروس القومية العربية»، ودعم الإخوان حركة الضباط الأحرار عندما تولوا السلطة، لكن في غضون عامين، وفى عام 1954 حظر عبد الناصر الجماعة مثلما تهدد الحكومة المؤقتة بفعل هذا الآن، وفى ظل اتهامات تتراوح ما بين الإرهاب إلى منع إصلاح الأراضي كانت هناك إتهامات بإجراء محادثات سرية مع البريطانيين. وعلى الرغم من أن العديد من الدبلوماسيين البريطانيين في القاهرة أعجبوا بما كانت الحكومة الجديدة تحاول تحقيقه، لكن في غضون أيام وقبل إعلان ناصر تأميم القناة، كان رئيس الحكومة البريطانية حينئذ «انتوني إيدن» يقول لوزير خارجيته إنه يريد اغتيال الزعيم المصري، وتمت مناقشة الخطط لتنفيذ هذا الأمر بين الإخوان وجهاز المخابرات البريطانية الخارجية م إ 6. وتناول الكاتب كذلك مواقف أمريكا من العدوان الثلاثي على مصر، وقال إن الأمريكيين شعروا بالقلق من عبد الناصر، وأجرى الرئيس الأمريكي حينها دوايت أيزنهاور محادثات مع الحكومة البريطانية عن الحاجة إلى «خطة ميكافيلية رفيعة المستوى لخلق وضع في الشرق الأوسط مواتي لمصالح الغرب يمكن أن يقسم العرب ويهزم أهداف قياداتهم قومية التوجه». وقد سعت المخابرات الأمريكية إلى البحث عن معارضة إسلامية ولو صورية، وعلى هذا الأساس تشكلت العلاقة بين الإخوان والمخابرات الأمريكية، والتي يمكن أن تستمر لسنوات قادمة. ويختم سينغوبتا مقاله قائلا إنه صحيح أن هذا الأمر كان من زمن، إلا أن التاريخ يتم تذكره بشكل واضح في أوقات النزاع، ليس فقط في الشرق الأوسط لكن في أماكن أخرى، فمؤامرات الماضي بين الإخوان المسلمين والدول الأجنبية ضد الجيش المصري ربما لا يكون لها صلة مباشرة كبيرة لحملة قوات الأمن الحالية على الإخوان، إلا أنها تظهر كيف شملت الآن الشكوك والاتهامات المتبادلة على أرض الواقع فا مصر اليوم. خطر الانهيار الذي تخشاه واشنطن صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية كتبت يوم الأربعاء 21 غشت إن جماعة الإخوان المسلمين التي وصفتها بالحركة الإسلامية الأكثر تأثيرا في العالم تواجه خطر الانهيار في مهدها بمصر، مع سجن قادتها ومقتل بعض أنصارها ووصف نشطائها بأنهم إرهابيون فيما يقدره البعض بأنها أسوأ أزمة تواجهها جماعة الإخوان في تاريخها الممتد على مدار 85 عاما. وأشارت الصحيفة إلى أن الجماعة ومنذ فض اعتصام أنصارها وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسى في ميداني رابعة العدوية والنهضة، أصبحت في حالة من الفوضى وسقط عنها الإدعاء بالسلمية. ومن ناحية أخرى، فإن الجماعة تواجه مستوى من العداء الشعبي غير المسبوق في تاريخها، كما أن استراتيجية الإخوان في مواجهة الحكومة الجديدة المدعومة من الجيش بالاعتصامات والمسيرات لم تؤد إلا إلى إثارة الرأي العام المصري ضدها. ونقلت الصحيفة عن بعض قيادات الإخوان قولهم، إنهم يتعهدون بعدم العودة للعنف مع استمرار تحديهم للحكومة المؤقتة الحالية، وقال خالد حنفي، الأمين العام المؤقت لحزب الحرية والعدالة، إن الخيار الوحيد أمامهم هو الأساليب السلمية، مضيفا أن القبض على مرشد الجماعة محمد بديع ليلا لن يغير نهج الجماعة. وتابع قائلا: نأسف لاعتقال بديع لكننا اخترنا طريقا، ويجب أن نستمر بغض النظر عن التضحيات. وعلقت الصحيفة على اعتقال بديع، وقالت إن بث صوره عبر التلفزيون بعد اعتقاله أكمل حالة الإذلال لقيادة الإخوان، وقد أدت الاعتقالات داخل صفوف الجماعة ومقتل مسئوليها إلى جعلها غير قادرة على تنسيق عملها وتشققها، حسبما يقول المحللون. ونقلت «واشنطن بوست» عن ضياء رشوان، نقيب الصحفيين والخبير في شئون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قوله: إن الجماعة التي كانت قبل شهرين فقط تحكم مصر في خطر الانقسام الآن، وأضاف رشوان أنهم يواجهون لحظة حاسمة حقا، ويمكن أن تختفي الجماعة وهناك بدائل موجودة بالفعل. وتمضى الصحيفة قائلة، إن الإخوان أكثر من مجرد جماعة دينية أو سياسية، بل هي أشبه بدولة ظل في مصر الحديثة، وقد استطاعت أن تحشد الأنصار على مدار عقود ولها شبكة خدمات خيرية. ويقول شادي حميد، الخبير بمركز بروكنغز الأمريكي، إن حركة الإخوان المسلمين تمثل أملا لكل الحركات الإسلامية خاصة في المنطقة العربية. ويضيف رشوان، إن هذه المرة الأولى التي نرى فيها الإخوان في صراع ليس فقط مع الدولة، ولكن مع كل المؤسسات والبيروقراطية والنخبة السياسية وجزء مهم من المجتمع، وهى ليست مواجهة محدودة. من ناحية أخرى، ذكر إبراهيم الهضيبي، المحلل السياسة المنتمى لعائلة بارزة في الإخوان المسلمين لكنه ترك التنظيم منذ سنوات، إنه لا يوجد إخوان فيما يتعلق بالتسلسل الهرمي وصنع القرار، وكل القرارات يجرى اتخاذها على المستوى المحلى والفردي. وترى الصحيفة أن الانقسام داخل الإخوان قد يكون له عواقب بعيدة المدى، إذا كانت الحكومة تريد في نهاية المطاف التفاوض مع الجماعة. ويقول الهضيبى إن الحكومة، وبمحاولتها تدمير قيادة الجماعة ربما لا يكون لها شريك تتفاوض معه يستطيع أن يبقى تماسك أعضاء الجماعة. ويقول الهضيبى إن الجماعة ستخسر جزءا كبيرا من أعضائها لصالح الحركات العنيفة. تخبط واشنطن في نفس الوقت رصدت الصحيفة التخبط في موقف الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بقطع المساعدات العسكرية عن مصر من عدمه، وقالت إنه على الرغم من التصريحات الصادرة عن البيت الأبيض والإدارة الأمريكية بشأن المشاورات اليومية التي تجرى حول مراجعة المعونة العسكرية الأمريكية لمصر وعدم البت في هذا الأمر بعد، ونفى ما ورد في تقارير صحفية مؤخرا عن بدء قطع المساعدات، إلا أن حالة التخبط لا تزال مستمرة. وعزت الصحيفة السبب في ذلك إلى أن هيكل برامج المساعدات مربك وينطوي على قانون غير مفهوم بشكل جيد، وأيضا لأن الإدارة الأمريكية تظل حذرة فى ردها المعلن على الأزمة فى مصر. ونقلت الصحيفة تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، الذي قال إن تقديم المساعدات الخارجية ليس أشبه بالصنبور، لا فتحه أو تغلقه مثل «الحنفية». ويقول المسئولون الأمريكيون، حسب الصحيفة، إن الإدارة سلمت بالفعل أغلبية المساعدات السنوية المقررة لمصر هذا العام، وأن نسبة صغيرة منها لا تزال عالقة بسبب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسى أو فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة وما نتج عنه من أحداث دموية. وتشمل الخيارات المطروحة أمام الإدارة الأمريكية تعليق بعض الأموال، أو تحويلها إلى برامج أخرى أو عدم فعل أي أمر على الإطلاق. ويتعين على الإدارة الأمريكية والكونغرس كل على حدة أن يقرروا ما الذي سيفعلونه بالمساعدات المقررة للعام 2014. وتشير الصحيفة إلى أن التأخر الحالي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمعونة هو ما يسميه بعض المراقبين بتعليق المعونة. ويقول السناتور باتريك ليهى، المؤيد الرئيسي للقانون الذي يمنع المساعدات عن الدول التي شهدت انقلابا عسكريا، إن التأخير هو بمثابة تعليق، فإذا لم تتدفق الأموال، فإنها معلقة إذن، حسبما قال مكتبه. وتشير الصحيفة فى سياق تقريرها إلى أن المسؤولين الأمريكيين كافحوا من أجل إنفاق المساعدات غير العسكرية في مصر منذ عام 2011 بسبب الاختلافات مع القاهرة بشأن المبادرات الداعمة للديمقراطية الممولة أمريكيا، والتي لم تكن الحكومات المصرية السابقة تتسامح معها كثيرا لأنها رأت أنها وسيلة للتدخل في الشأن الداخلي بل ووسيلة للتجسس. وأوضحت أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي تشرف على المساعدات غير العسكرية لمصر لم تستطع إنفاق 125 مليون دولار من الأموال التي خصصها الكونغرس لبرامج التنمية في البلاد عام 2012. ولو لم يتم إنفاقها، فإن هذه الأموال قد تنفذ صلاحيتها بنهاية العام المالي يتم إعادتها للخزانة الأمريكية. ويذكر مسؤول بالوكالة الأمريكية إنهم يأملون في تجنب هذا، مشيرا إلى أنهم يراجعون الخيارات القانونية لمنع نفاذ صلاحية تلك المخصصات مؤقتا بما يمكن الوكالة من إنفاقها فى موعد لاحق. مناورة تآمرية ضخمة تمارس الإدارة الأمريكية عدة أساليب في تعاملها مع الأحداث بمصر سواء فيما يعتبره البعض تخبطا أو ما يقدره آخرون على أنه جزء من مناورة تآمرية ضخمة. يوم السبت 24 غشت 2013 نشرت عدة مصادر إعلامية ما قالت أنها وثيقة سرية لاجتماع في القاعدة العسكرية الأمريكية في «دار مشتادت» في ألمانيا، خلال الفترة من 13 إلى 18 أغسطس 2013، بحضور ممثلين عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، وألمانيا، وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وكذلك مسئول غرفة عمليات حلف شمال الأطلسي، تناول الاجتماع ثورة 30 يونيو 2013 حيث وصفها المجتمعون ب «الانقلاب العسكري في مصر». ناشروا الوثيقة لمحوا إلى أن الإجتماع كان هدفه تركيع القاهرة ومقاطعتها اقتصاديا وإجبارها على إعادة السلطة إلى جماعة الإخوان تحت غطاء الدفاع عن الشرعية. وتكشف الوثيقة أن قرار مقاطعة مصر اقتصاديا تم اتخاذه على أن يبقى «سرياً» وتكليف مؤسسات مالية دولية بتنفيذه عبر المضاربة على الجنيه للتأثير على قيمته، والعمل على زعزعة الأمن، وقد تم وضع تفاصيل خطط لتموين أنصار الإخوان المسلمين بالسلاح، والتركيز على سيناريو يمنع الاستثمار في مصر ويصعب من عمليات تمويل المشاريع . وذكرت الوثيقة «أن إنجاح مهمة زعزعة الأمن في مصر تستوجب إجراءات عديدة، من بينها التأكد من استحداث شبكة مالية لاستبدال شبكة الإخوان التي تجرى الآن تصفيتها، ووضع تفاصيل خطط التموين بالذخيرة والتجهيز، عن طريق صحراء النقب والسودان وتشاد وليبيا، وخطط تمركز للجماعات المسلحة في سيناء . وأضافت الوثيقة «يجب الحفاظ على حالة التوتر في مصر، القائمة على احتجاجات ومظاهرات مستمرة محدودة وسلمية بقصد استدراج العطف الداخلي، لكن أيضا بهدف كسب الوقت، مع الإصرار على عدم تهور القيادات الإسلامية ولجم حماسها غير المدروس، ووضع حد نهائي للارتجال، والطلب من الدبلوماسية الغربية كلها التعاون من أجل الحفاظ على حد من الضغط على الحكومة المصرية، واختتمت الوثيقة بعبارة «القيادة السياسية تبلغنا أن المدة المتاحة للإنجاز لا تتجاوز منتصف سبتمبر 2013». هامش المناورة في نفس الوقت الذي جرى فيه الحديث عن هذا اللقاء متعدد الأطراف ذكرت وكالة «فرانس برس» أن مسؤولين أمريكيين صرحوا لها أن تشاك هاغل وزير الدفاع الأمريكي أجري اتصالا هاتفيا مع وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي مع نهاية شهر أغسطس. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية إن محادثة هيغل مع السيسي تركزت علي تطورات الأوضاع في مصر، وأنه يجيء في ظل مؤشرات علي نجاح وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون في الضغط علي إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للحيلولة دون اتخاذ موقف متشدد تجاه الحكومة المصرية، وذكرت عدد من الصحف الأمريكية أن قيادات البنتاغون وخاصة وزير الدفاع ورئيس أركانه مارتن ديمبسي يشكلون جبهة الرفض الرئيسية لقطع المساعدات الأمريكية عن مصر. لكن في نفس الوقت قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية يوم الأحد 18 غشت نقلا عن مسؤول أمريكي بارز قوله «أن مروحيات الجيش المصري من طراز «أبايشي» الأمريكية الصنع التي القت آلاف الأعلام على متظاهري 30 يونيو 2013 ربما تصبح في القريب العاجل نوعا آخر من الرمز على تناقص الدعم الأمريكي، حيث تناقش إدارة أوباما ما إذا كانت ستوقف تزويد الجيش المصري بطائرات أبايشي جديدة طراز «إيه إتش-64 دي» والذي كان مقررا أن يتم في شهر سبتمبر». وأوضحت الصحيفة أن هناك قدرا ضئيلا من الدلائل على أن وقف تسليم المروحيات لن يكون له أي تأثير على سلوك الجيش المصري، أكثر من تعليق تسليم مقاتلات «إف-16» الأمريكية شهر يوليو، أو إلغاء أوباما لتدريبات عسكرية مشتركة. وذكرت الصحيفة أن «مصر تمتلك نحو 36 طائرة أباتشي من حزم مساعدات سابقة». في واشنطن يقول محللون أن الهاجس الأكبر لصناع القرار قي البيت الأبيض هو أن تستغل موسكو الأزمة الحالية في علاقات القاهرة مع واشنطن لتقديم نفسها كبديل، وهو أمر إن نجح فسيشكل أكبر نكسة للولايات المتحدة منذ انسحابها من الفيتنام سنة 1975. تعزيزات أمريكا العسكرية بالمتوسط يوم الأحد 25 غشت صرح اللواء عبد المنعم كاطو، الخبير الاستراتيجي المصري: إن القوات الأمريكية كثفت من وجودها على السواحل الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط، من خلال استقدام سفن من الأسطول الرابع الأمريكي المسئول عن العمليات الحربية في المحيط الأطلسي وجزء من سواحل قارة أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى ومركزه مدينة جاكسونفيل بفلوريدا. وقال أن تلك الخطوة هي محاولة لتهديد مصر والضغط عليها وليس تجاه سوريا كما تزعم الإدارة الأمريكية، التي لا تستطيع توجيه أي ضربات عسكرية لسوريا في الوقت الراهن، نظرا لوجود سفن للأسطول الروسي في المياه السورية ما يدفعها للتفكير ألف مرة قبل ضرب سوريا. وأوضح كاطو، أن أمريكا لا يمكن أن تتدخل في مصر عسكريا، إنما ما تفعله هو محاولة للضغط على مصر، مشيرا إلى أنه حتى لو قامت بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا فسيمثل ذلك خطورة كبيرة على الأمن المصري، حيث تمثل سوريا ومصر جناحين يطوقان إسرائيل وهو ما يجعل أمريكا تحاول التخلص من سوريا ليقع بعدها العبء الأكبر على مصر وحدها لمواجهة خطر الإرهاب في الداخل، وخطر إسرائيل في الخارج. وعن توقيت اتخاذ قرار تكثيف وجود القوات في الأمريكية في البحر المتوسط، قال عبد المنعم كاطو: إن هذا التوقيت يرجع إلى محاولة أمريكا اصطناع أزمة تلهى بها الشعب الأمريكي والعالم وتحول بها عن إنتقاد أمريكا لدعمها الإرهاب في مصر وفى نفس الوقت إرسال رسائل تهديد غير مباشرة للقوات المسلحة المصرية عن طريق التلويح بالتدخل العسكري في مصر.