لم يحدث يوما أن وزيرا في حكومة ما تناول الكلمة باسم الحكومة في جلسة دستورية بمجلس النواب ليقيم أداء هذه المؤسسة الدستورية كما فعل الأستاذ الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني زوال يوم الأربعاء الماضي حينما تناول الكلمة خارج دائرة منطوق القانون، وكان النواب ومن خلالهم الرأي العام ينتظرون من السيد الوزير أن يرد على مجمل الإشكاليات والقضايا التي طرحها ممثلو الأمة تحت قبة البرلمان وأن يسهم في إثراء النقاش العمومي في قضايا ترهن مصالح البلاد والعباد. إلا أن السيد الوزير امتطى صهوة منصة الكلام ورفع رشاشه عاليا يطلق النار في جميع الاتجاهات، ولم يكتف بإيحاءات السب والقذف في حق من خالف الحكومة رأيها، بل وصل الحد بالسيد الوزير في سابقة مثيرة إلى تقييم أداء المؤسسة النيابية، ووجه طعونات عنيفة لمحاضر اللجان النيابية التي استعرضها مقررو اللجان أمام الجلسة العامة، وحن السيد الوزير إلى الأستاذية التي كان يمارسها في السابق وأعتقد أن الذين أمامه مجرد تلاميذ يجب أن يستفيدوا من الأستاذ المتمرن. ولا ندري ما إذا كان السيد الوزير يدرك أبسط القواعد الدستورية التي يتعلمها الطالب في السنة أولى حقوق ويحفظها عن ظهر قلب، والتي تؤكد أن البرلمان هو السلطة الدستورية التي تمارس الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وليس العكس، البرلمان هو الذي يمارس هذا الدور من خلال أشكال مراقبة محددة في الدستور، وبذلك من التجني على الدستور أن يسعى أحدهم إلى قلب الأدوار. إن سلوك السيد الوزير تضمن كمية كبيرة جدا من تبخيس أداء المؤسسة التشريعية واحتقار النواب، وليس غريباً أن يعلن السيد الوزير عن إرادته في أن تقوم الحكومة بدور البرلمان ما دامت لجان هذه المؤسسة، ومادام أعضاؤه لا يقومون بأدوارهم كما تفهمها الحكومة وتريدها.