رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرباط : رشيد لزرق - باحث جامعي

يقصد بصنع السياسة الخارجية تحويل الهدف العام للدولة إلى قرار محدد، و السياسة الخارجية للدولة هي من صنع أفراد وجماعات يمثلون الدولة ويعرفون بصناع القرارات. لذا فصناعة قرارات السياسة الخارجية يمكن أن تدرس في ضوء التفاعل بين متخذي أو صناع القرارات وبيئتهم الداخلية.إن ما يميز قرارات السياسة الخارجية عن بقية القرارات هي أنها تخضع لتفاعل فريد من نوعه، ألا وهو التفاعل بين البيئة الداخلية والخارجية وما يحتويه ذلك التفاعل من ضغوط مختلفة ومتعارضة، أن عملية صناعة القرار الخارجي تختلف من دولة إلى أخرى حسب تركيبة النظام السياسي للدولة.
إلا أنه رغم هذا الاختلاف في النظم السياسية للدول إلا أن هناك أصولاً مشتركة في صنع السياسة الخارجية. فبغض النظر عن طبيعة النظام السياسي يشارك في صناعة القرار الخارجي عدد من الأجهزة الحكومية والتي عادة ما يكون لها مفاهيم ومواقف مختلفة، إلا أنه خلال عملية صناعة القرار تقل التناقضات بين الأجهزة المختلفة وتقترب وجهات النظر بقدر الإمكان..
عموماً يمكن أن نميز بين مجموعتين تساهمان في صنع السياسة الخارجية: المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية، المؤسسات الحكومية تتمثل في السلطة التنفيذية وما يتبعها من أجهزة فرعية مثل الوزارات والمؤسسات العامة، وكذلك السلطة التشريعية وما تشمله من لجان مختلفة. سنحاول تسليط الضوء على دور البرلمان المغربي في توجيه السياسة الخارجية آخدين بعين الاعتبار القضايا العربية كنموذج :
ولقد اخترنا القضايا العربية كمؤشر للدراسة نظرا لما لهذه القضايا من تأثير على المجال الداخلي، إعتبارا لما تكرس في المخيال الجمعي المغربي من مزجٍ بين مفهوم العروبة والإسلام كعاملان يشكلان الهوية الوطنية، هاته الأخيرة تجعل أذهان ووجدان المغاربة شديد الارتباط بالعالم العربي، يسودهم إيمان قوي بوحدة الأمة العربية.
هذا ما يجعل الرأي العام المغربي شديد الحساسية تجاه قضايا الدول العربية خصوصًا عندما تواجه هذه الدول أو إحداها طرفًا أو أطرافا أجنبيةً من خارج الدول العربية، إذ يتحرك المواطنون في مسيرات كبرى تعبر على مواقف تضامنية وراغبة في مساندة الدول الشقيقة.
الشيء الذي يدفع البرلمانيين إلى الاهتمام بالسياسة الخارجية عبر إظهار حراك غير عادي داخل مؤسسة البرلمان لتفعيل دورهم كممثلين للأمة، ووسطاء بين الشعب و الحكومة. هذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول دور البرلمان المغربي في التأثير على السياسة الخارجية تجاه هاته القضايا؟ خصوصا بعد النقاش الذي ظهر عقب تصريح الأمين العام لحزب العدالة و التنمية عبد الإلاه بنكيران بعد تصريحه :[ بأن حزبه "ربما" كان وراء فتح حساب بنكي من قبل الملك لضحايا العدوان الإسرائيلي ضد سكان غزة] و ما رافقه من رد للوزير الأول عباس الفاسي على هذا التصريح. " باعتبار تصريح بنكيران يدخل في إطار استغلال سياسوي لأزمة الشعب الفلسطيني .
و سنحاول من خلال هذا المقال توضيح دور البرلمان المغربي في توجيه السياسة الخارجية المغربية .
فاستنادا للوثيقة الدستورية، نجد أن اختصاصات الملك تجعله الممثل الأسمى للأمة،• وهو بذلك يملك اختصاصات واسعة في ميدان التشريع.
ويبقى أهم دور يلعبه البرلمان في السياسة الخارجية عموما والقضايا العربية خصوصا،الضغط على الحكومة كي تستجيب لمطالب الجماهير، وذلك بتفعيل مجموعة من الآليات القانونية التي أسندها الدستور للبرلمان.
وستتجه دراستنا إلى إظهار الآليات الدستورية التي تخول للبرلمان ممارسة الضغط على الحكومة، لتفعيل دوره في القضايا التي تهم الدول العربية. ثم نمر إلى رصد حضور هذه الأخيرة في علاقات البرلمان المغربي على المستوى الدولي في إطار ما يسمى بالدبلوماسية الموازية.
وذلك بتتبع انخراط البرلمان المغربي في التنظيمات البرلمانية على المستوى الدولي والجهوي والإقليمي.
الفقرة الأولى: الآليات الدستورية التي يمتلكها البرلمان المغربي للضغط على الدبلوماسية الرسمية
لقد سمح الدستور للبرلمان بالتدخل في مجال الدبلوماسية الرسمية من خلال إقراره لمبدأين:
المبدأ الأول: مراقبة البرلمان لعمل الحكومة.
المبدأ الثاني: وجوب موافقة البرلمان على المعاهدات التي تلزم مالية الدولة قبل المصادقة عليها.
1- آليات مراقبة البرلمان للحكومة
في إطار اهتمام البرلمان بالقضايا العربية، خوله القانون استخدام مجموعة من الآليات الدستورية تمكنه من الضغط على الحكومة.
وتتمثل هذه الآليات في الأسئلة المكتوبة و الشفوية، وفي أقصى حد توجيه ملتمس الرقابة ضد الحكومةº هذه الآليات لها أهمية في تفعيل دور البرلمان في السياسة الداخلية والخارجية والتي نص عليها المشرع رغبة منه في تقوية المؤسسة التشريعية والدفع في اتجاه تقوية صلاحيات البرلمان من خلال تمكينه من آليات لمراقبة الحكومة.
إتضحت هذه الرغبة في دستور 1992 ودستور 1996، وذلك بتنصيصه في الفصل(55) من دستور 1992 والفصل(56) من دستور1996 على وضع حد زمني محدد، للإجابة على أسئلة أعضاء البرلمان من قِبلِ الحكومة حيث نص الفصل (56) على الآتي:
"يضع كل من مجلسي البرلمان جدول أعمال، ويتضمن هذا الجدول بالأسبقية وفق الترتيب الذي تحدده الحكومة مناقشة مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة واقتراحات القوانين التي تقبلهاº تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة.يجب أن تدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما التالية لإحالة السؤال إليها"
بالإضافة إلى الأسئلة المكتوبة والشفاهية التي تمكن أعضاء المؤسسة التشريعية من التعبير عن اهتماماتهم بالقضايا العربية، وارتباطهم بهموم رجل الشارع و نقل مطالب الرأي العام واستفساراته إلى الحكومة التي يستوجب عليها الرد على الإستفسارات في سقف زمني لا يتعدى عشرين يوم -من يوم طرح السؤال- .
فدستور 1992 أدخل آليات ترمي إلى تقوية المؤسسة البرلمانية في مراقبة الحكومة، بتنصيصه على مسؤولية الحكومة المزدوجة أمام الملك والبرلمان، أثناء مباشرة عملها. كما خول للبرلمان إمكانية سحب الثقة عن أعضاء الحكومة الذي يؤدي في حالة إعماله إلى استقالة الحكومة•.
هذا الأمر يجعل الحكومة ملزمة في عملها بالاستجابة لإنشغالات أعضاء البرلمان.
ويشكل إقرار قانون المالية مناسبة أخرى للبرلمانيين للتعبير عن انتقاداتهم للسياسة الخارجية المتبعة فيما يهم جميع القضايا.
فالقانون المالي �كما هو معلوم-يرخص للحكومة مسبقا إمكانية عقد الإتفاقيات مع المؤسسات الدولية أو الأجنبيةº [ فاتفاقيات القروض يحدد قدرها في إطار التوقعات المالية الدولة الخاضعة للتصديق. وتمتد لجميع الاتفاقيات الدولية التي من شأنها الانعكاس على مالية الدولة].
وبذلك يشكل مناقشة القانون المالي، وخاصة الميزانيات القطاعية لوزارة الخارجية والتعاون فرصة للبرلمانيين لتعبير كافة الفرق البرلمانية عن مواقفها وتصوراتها للدبلوماسية المغربية في تعاطيها مع قضايا الدول العربية.
2- البرلمان والموافقة على المعاهدات التي تلزم مالية الدولة
إذا كان المشرع الدستوري، قد خص الملك بتمثيل الدولة على الصعيد الخارجي وخوله إبرام المعاهدات. فإنه قيد سلطة الملك في ما يهم المعاهدات التي تلزم مالية الدولة بأن جعل عقدها رهينا بموافقة البرلمان عليها.
وتتم عملية الموافقة البرلمانية على المعاهدة، وفق إجراءات مسطرية حددها القانون :
إذ يستوجب على أن تعرض المعاهدة على إحدى مجلسي البرلمان في شكل مشروع قانون. هذا العرض قد يشكل فرصة للبرلمانيين للتعبير عن انشغالاتهم وتصوراتهم لسبل التعاطي مع القضايا التي قد تهم الدول العربية، قبل قبولهم أو رفضهم للموافقة على المعاهدة.
لكن الملاحظ هو أن مشروع قانون المعاهدة التي تلزم مالية الدولة، يختلف عن غيره من مشاريع القوانين. الشيء الذي يحد من سلطة البرلمان، وذلك لعدة اعتبارات:
إذ أن المشرع الدستوري لم يعطي تعريفا لهذا النوع من المعاهدات.-أمام سكوت الدستور والقانون عن إعطاء تعريف للمعاهدة التي تلزم مالية الدولة. فإن الحكومة هي من يتولى عملية التكييفº هذا الأمر قد يسمح للحكومة بأن تتهرب من تكييف المعاهدات التي تخشى عدم موافقة البرلمان عليها.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فعرض المعاهد الملزمة لمالية الدولة يتم في إطار مشروع قانون تتكلف الحكومة بعرضه على البرلمان. إلا أن مشروع هذا القانون يختلف عن غيره من مشاريع القوانين من حيث شكل ومصدر وكيفية المناقشة، فالقانون يمكن أن يكون مصدره الحكومة ويطلق عليه في هذه الحالة تسمية مشروع قانون، كما يمكن أن يكون مصدره البرلمان ويطلق في هذه الحالة عليه تسمية اقتراح قانون.
مشروع القانون المتضمن للمعاهدة الدولية، فإنها تعرض في شكل مشروع قانون، إذ لا يمكن تصور عرضه في شكل اقتراح قانون من قبل أعضاء البرلمان.
على اعتبار أن النصوص الدستورية حصرت الإختصاصات ذات الطابع الدولي: من مفاوضات وتوقيع وتصديق من قبل السلطة التنفيذية دون السلطة التشريعية.
كما أن أعضاء البرلمان ليس من حقهم مناقشة مشروع القانون الذي يهم المعاهدة الدولية الملزمة لمالية الدولة مادة مادة، كما جرت عليه العادة في باقي مشاريع القوانين التي تتولى الحكومة طرحها.
لأن ذلك قد يكيف بأنه تدخل في عملية التفاوض التي هي من اختصاص السلطة التنفيذية وبذلك فأعضاء البرلمان لا يمكنهم أن يدخلوا -على المعاهدة الملزم لمالية الدولة- تحفظات على موادها فالمعاهدة تكون نهائية بعد توقيعها من قبل المفاوضين المغاربة، وكل تحفظ أو تعديل (على مشروع القانون الذي يهم المعاهدة) من جانب البرلمان يكون بمثابة تدخل في عملية التفاوض واعتماد المعاهدات من طرفهم، وهو الأمر الذي لا يسمح لهم به القانون.
رغم الأهمية القانونية للفقرة الثانية من الفصل(31) من الدستور في تفعيل دور مؤسسة البرلمان في السياسة الخارجية، إلا أن ذلك لا يرقى لجعل سلطة البرلمان تمارس ضغط قوي على الحكومة، بحيث أن الفقرة الثانية من الفصل الواحد والثلاثون حصرت دور البرلمان في التأشير ولم تتح لمؤسسة البرلمان إمكانية إدراج تحفظات على المعاهدات مما يعني إقصاء مؤسسة البرلمان في عمليات التفاوض التي تكون حصرا على الجهاز التنفيذي .
3- الجلسات الخاصة:
تشكل الدعوة لعقد جلسات خاصة فرصة لأعضاء البرلمان للتعبير عن إنشغالهم في الفترات الحرجة - التي قد يكون موضوعها هو إحدى القضايا التي تهم الدول العربية،- والتي قد يكون الموقف الرسمي يسير في إتجاه معاكس للشارع المغربي. كما كان عليه الحال إبان حروب الخليج أو الإنتفاضة الفلسطينية، أو العدوان الأمريكي البريطاني على العراق في دجنبر1998 وفي2003، أو فيما يخص الإعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين أو ضد دول الجوار العربية.
في هذا الاتجاه اعتبر الأستاذ "الحسان بوقنطار" أن الآليات التي يتوفر عليها البرلمان
تبقى مجرد قنوات للتنفيس على المواقف الشعبية. وذلك راجع لإعتبار أن التوصيات المقررة في الجلسات الخاصة ليست لها أية قوة إلزامية في القانون الداخلي المغربي. غير أننا نخالف رأي الأستاذ الحسان بقنطار على إعتبار أن هذه التوصيات و إن كانت بالفعل لا تثير أثر في القانون الداخلي المغربي، إلا أنه يمكن أن تكسب قوتها في السياسة الدولية.
إذا ما إستحضرنا الدور الذي باتت تلعبه الدبلوماسية الموازية على الصعيد الدولي فالبرلمان يستطيع من خلال علاقاته مع الشبكات الدولية الغير حكومية أن يفعل هذه التوصيات على صعيد السياسة الدولية.
وبذلك فالتوصيات التي يتخذها البرلمان في الجلسات الخاصة يمكن أن تتحول إلى بيانات ومذكرات، قد يعرضها البرلمان المغربي على بعض المؤسسات الدولية الغير حكومية. ويدفع في إتجاه تتبناها على المستوى الدولي (سوف نتوسع في ذلك لاحقا عند معرض حديثنا على البرلمان و الدبلوماسية الموازية ).
يبقى أن نشير إلى أن البرلمان المغربي يتولى إصدار بيانات في المناسبات العالمية والقومية للتعبير عن تضامنه مع قضايا الدول العربية.
كالبيان الصادر: 29 نونبر بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
- البيان الصادر: بشأن أحداث لبنان بتاريخ 4 يونيو 1985.
- عقد جلسة إستثنائية: بعد انطلاق العمليات العسكرية ضد العراق 16 يناير 1991.
- عقد جلسة إستثنائية: بعد أحداث الأقصى شهر أكتوبر 2001.
- عقد جلسة إستثنائية: بعد إنطلاق العمليات العسكرية لقلب نظام العراقي.
- عقد جلسة إستثنائية: بعد أحداث لبنان .
الفقرة الثانية: البرلمان المغربي والدبلوماسية الموازية:
إذا كان الدستور المغربي لم يعطي للمؤسسات التشريعية مجالا واسعا للتعبير عن إنشغالاتها بالقضايا العربية. فإن هذا الدور يمكن للبرلمان المغربي أن يتداركه على مستوى دولي، وذلك بإنخراطه في الشبكات الدولية، خصوصا المنظمات المتعددة الأطراف (الدولية والإقليمية) عبر المشاركة الفعالة في المؤتمرات العالمية والمنتديات المتخصصة التي تمكنه من تطوير أدائه والدفاع عن القضايا العربية.
- ولأن المجال لا يسمح هنا – سوف نتطرق لمشاركة البرلمان المغربي بداية في الإتحاد البرلماني العربي على إعتبار موضوع دراستنا يهم رصد دور مؤسسة البرلمان في القضايا العربية. ثم رصد دور البرلمان المغربي من داخل الإتحاد البرلماني الدولي. على إعتباره تنظيم يضم جل البرلمانات الدول الوطنية. فيما سنكتفي بالإشارة لمشاركة البرلمان المغربي في باقي المنظمات الإقليمية والجهوية.
1-دور البرلمان المغربي داخل إتحاد البرلمان العربي
جاءت فكرة تأسيس "الإتحاد البرلماني العربي" في نونبر 1974 كنتيجة لجو التضامن العربي الذي عاشته الدول العربية، مما وفر مناخا لنمو التعاون في إطار مؤسساتي.
ضمن هذا السياق عقد المؤتمر التأسيسي للإتحاد البرلمان العربي الذي يضم ممثلين عن عشر دول عربية فقط وهي: سوريا، مصر، فلسطين، الأردن، البحرين، الكويت،السودان، تونس، موريتانيا، لبنان.
اتجهت أهداف الإتحاد – حسب الوثائق- إلى:
تعزيز اللقاءات والحوارات بين البرلمانيين العرب والبرلمانات العربية. من أجل توثيق العمل المشترك وتنسيق الجهود في مختلف المجالات وتبادل الخبرات التشريعية وتنسيق جهود المجالس النيابية في مختلف المحافل والمناسبات الدولية، وخاصة على نطاق الإتحاد البرلماني الدولي، بالنسبة للبرلمانات العربية المنخرطة فيه. والبحث في القضايا المشتركة في النطاق القومي والدولي. وإتخاد توصيات وقرارات بشأنها. والعمل على تعميق العلاقات الخارجية والدبلوماسية البرلمانية.
كما يعطي الإتحاد أهمية قصوى للبحث في القضايا الدولية التي تهدد الأمن والسلم الدوليين من خلال تحديد الخطوات التي يتعين القيام بها تجاه هذه القضايا، ولم ينضم البرلمان المغربي إلى الإتحاد حتى نونبر 1978. لكن منذ تاريخ انضمامه سعى إلى تفعيل دوره داخل هياكل الإتحاد وعلى مستوى المساهمة في اللجان المكلفة بالتنسيق مع المجموعات الدولية الأخرى.
على صعيد مؤسسات الإتحاد م�ثِل المغرب في اللجان التنفيذية في الدورة الخامسة 1993، بانتخاب السيد جلال السعيد (رئيس مجلس النواب المغربي) وم�ثِل كذلك على مستوى اللجان المكلفة بمتابعة قضايا الأمن والتعاون بالبحر الأبيض المتوسط من خلال عبد الواحد الراضي (الخليفة الأول لمجلس النواب) كما مثلث المغرب النائبة بديعة الصقلي في لجنة حقوق الإنسان.
وعرفت الولايات التشريعية الممتدة من 1997-2002، مشاركة المغرب في ثمانية مؤتمرات دولية للإتحاد كان أبرزها احتضان المغرب للدورة 107 للإتحاد والتي أقيمت في مراكش تحت رعاية ملكية.
وقد شكلت القضايا العربية إحدى أهم المواضيع – إلى جانب قضية الصحراء- التي شغلت اهتمام الوفد المغربي، وفي هذا الإطار دفع الوفد المغربي إلى إدراج القضية الفلسطينية في جدول أعمال المؤتمر حيث تقدم رئيس مجلس النواب المغربي، "محمد جلال السعيد"، باسم المجموعة العربية طلبا لوقف سياسة إسرائيل الرامية لتهويد القدس.
كما سبق للوفد المغربي أن عمل على إِدراج نفس القضية ضمن جدول أعمال الدورة 100 لإتحاد بموسكو في الفترة الممتدة من 06-12 شتنبر 1998 حيث شملت الدورة مواضيع تهم القضايا العربية، خلال تناول الكلمة دعا ممثل البرلمان المغربي السيد "إمحمد خليفة" إلى ضرورة تغيير التعامل الدولي مع القضايا العربية الذي يغلب عليه طابع الكيل بمكيالين، فيما دعا إلى ضرورة دمقرطة العلاقات الدولية".
وتكريس مفاهيم وقيم الديمقراطية في الوطن العربي والعمل على تنسيق التشريع في الدول العربية من أجل توحيدها، قصد دعم التعاون بين الشعوب العربية. وضرورة توحيد المواقف تجاه القضايا العالمية من أجل تحقيق سلام قائم على العدل. من خلال تتبع مسار البرلمان المغربي داخل الاتحاد البرلماني العربي يظهر أنه رغم حداثة انضمامه فإنه استطاع أن يلعب دورا محوريا على مستوى التعريف بالقضايا العربية.
كما لعب دورا حيويا في التعريف بالقضايا الوطنية والقومية. من خلال احتضان المغرب للمؤتمر السادس للإتحاد العربي بالرباط تحت رعاية ملكية، والذي عرف انتخاب السيد جلال السعيد رئيس مجلس النواب المغربي رئيسا للإتحاد البرلماني العربي.
2-دور البرلمان المغربي داخل الإتحاد البرلماني الدولي.
يعتبر الإتحاد البرلماني الدولي، من أقدم المنظمات المتعددة الأطراف، حيث تأسس سنة 1889 بمبادرة برلمانيين فرنسيين وبريطانيين.
وبات اليوم يضم أزيد من 142 برلمانا وطنيا، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الإقليمية المنظمة للإتحاد بصفة ملاحظ. ويرجع للإتحاد البرلماني الدولي، الفضل في التأسيس لما بات ي�عرف اليوم بمبدأ "التعاون المتعدد الأطراف"، كما ساهم في إنشاء مؤسسات على الصعيد الحكومي مثل عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة وإنشاء المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي.
جعل الإتحاد البرلماني الدولي من بين أهدافه تيسير الاتصال والتنسيق بين البرلمانات الوطنية وتبادل التجارب والخبرات.
3-باقي الإتحادات البرلمانية الإقليمية.
اتجهت سياسة البرلمان في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينات إلى توثيق علاقاته مع البرلمانات القارية، كما هو الحال بالنسبة لانخراطه في إتحاد البرلمانات الإفريقية وربطه علاقات مع البرلمانات الأوروبية التي مكنته من إسماع صوته على المستوى الدولي.
إذ ي�سجل للبرلمان المغربي الحضور القوي في التواصل مع برلمان الإتحاد الأوروبي، حيث شارك في العديد من الاجتماعات سواء على مستوى اللجان أو الفرق السياسية أو الجلسات العامة. عمل الوفد المغربي خلاها على نقل انشغال البرلمان المغربي بالقضايا العربية لإتحاد البرلمان الأوروبي. كما عمل البرلمان المغربي على ربط علاقات وطيدة مع مؤسسات برلمانية فاعلة على المستوى الدولي كجمعية الشمال الأطلسي.
الشيء الذي خوله الحضور كعضو ملاحظ داخل الجمعية التي تضم برلمانات الدول الأعضاء في حلف الأطلسي في اجتماعات ماي 1994 ب "أسلو" ليصبح البرلمان المغربي بذلك أول برلمان عربي وإفريقي ي�قبل بهذه الصفة داخل الجمعية، حيث واظب على المشاركة في المؤتمرات السنوية والندوات التي تنظمها الجمعية.
وعلى مستوى القارة الأمريكية: عمل البرلمان المغربي على الإنخراط في تعزيز العلاقات مع "البرلمان الأندينى" وتم منح المغرب صفة العضو الملاحظ داخله.
و الخلاصة التي يمكن التوصل أن حزب العدالة و التنمية لم يفعل الصلاحيات المؤسساتية الممنوحة له من داخل البرلمان بالشكل الكافي ، اللهم إذا ما استثنينا الإنزال المكثف لعناصرها في مظاهرة الرباط التضامنية مع غزة، شأنها شأن جماعة العدل و الإحسان. بحيث إذا كان إنزال جماعة العدل و الإحسان يمكن تفهمه، برغبته في إظهار قوته التنظيمية للنظام. فإن خرجات حزب العدالة و التنمية من خارج المؤسسات لا يمكن فهمه مادامت لم تستنفد الصلاحيات المتاح لها داخل المؤسسات .
مما يستوجب معاودة طرح السؤال حول مدى التزام الحركات الإسلامية المغربية بالعمل داخل المؤسسات، و انعكاس ذلك على الديمقراطية المغربية.
و هذا التساؤل يكسب مشروعيته في لعب حزب العدالة و التنمية على وتر حساس لدى الرأي العام الأمر الذي قد يفهم منه خلخلة الهوية المغربية و إثارة النعرات داخل الشعب المغربي المتعدد الهويات – عربية، أمازيغية، إسلامية و يهودية... و الذي شكلت على الدوام قوة للمغرب في سياسته الخارجية . وجب الحفاظ عليها في وقت تمر فيه قضية المغرب الأولى بمحك صعب لإقناع المجتمع الدولي بعدالة قضيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.