...انتهى الديربي البيضاوي الكبير بين الوداديين والرجاويين بلا غالب أو مغلوب ، فكما التقوا حبايب ، فإنهم افترقوا حبايب ، وعاد كل واحد منهم راضيا عن النتيجة التي آل اليها ، من غير أن يخرج طرف غاضب والآخر مزهو بالانتصار ، سواء بين اللاعبين أو بين تلك الجماهير الغفيرة التي ملأت مدرجات مركب محمد الخامس عن آخره ، وزينته باللونين الأحمر والأخضر ، وزرعت بين صفوفها دفءا جميلا بأهازيجها ومزاميرها وطبولها وشعاراتها الرنانة... لن أدخل في التفاصيل التقنية لهذا الديربي البيضاوي الكبير في هذا الركن - ولو أني أؤكد أن مباراة القطبين البيضاويين لم تحمل من القمة إلا الإسم اعتبارا للخوف من الهزيمة الذي سيطر على الجانبين معا ، ما علينا فلهذا الأمر جانب آخر من صفحاتنا ، لكن ما أثار الانتباه بشدة هو ذلك العدد الكبير من الأخطاء التي ارتكبها لاعبو الجانبين في حق بعضهما البعض ، فالوداديون ارتكبوا 32 خطأ والرجاويون 24 أي أن المباراة شهدت 54 خطأ ، وبمعنى آخر أنها توقفت 54 مرة ، في الوقت الذي كانت فيه محولات الجانبين للتهديف لا تتعدى أصابع اليد... وما دمنا نتحدث عن الأرقام فلا بأس من ذكر أنه إذا كان كل الذين تكفلوا بالسهر على تهييء كل الظروف الملائمة حتى يمر الديربي في أحسن الظروف تنظيما وأمنيا وهدوءا ملحوظا في دخول الجماهير ، من خلال الطرح المبكر للتذاكر التي نفدت عشية يوم السبت ، فإن الذي تعجب له كثير ممن أدوا واجب الدخول هو فرض درهمين إضافيين ، مع أن عملية البيع تمت في شبابيك ، وليس في سوق سوداء كما ألفنا ذلك في مناسبات سابقة ، وعند الإستفسار عن سر تلك الزيادة كان الرد غير متوقع من أحد المكلفين بالبيع ، ذلك أنه أشاربيده إلى أحد الأشخاص الموجودين خارج الشباك قائلا : «إيوا كيف ندير أنا وهذاك ... نمشيو خاويين بعد هاذ تامارة اللي كنضربوها من الصباح ... شوف أخويا خوذ ورقتك وإلا إقلب علي... « ... لم يكن من بد أمام بعض الشبان الذين كانوا أمامه مصطفين إلا أن يأخذوا تذاكرهم بالثمن الذي فرض عليهم و»يقلبوا « على صاحبنا وصديقه الواقف خارج الشباك ، الذي لعله كان يقوم بدور الحارس ، ومن يدري فقد يأتي من يعكر عليهما صفو عمليتهما من مسؤولي فريق الوداد الذي كان هو الفريق المستقبل وصاحب المداخيل . ولهواة الأرقام والعمليات الحسابية أن يتسلوا قليلا ، بافتراض كم سيكون مدخول هذين الشخصين - هذا إذا لم يكن هناك أشخاص آخرون - فمثلا لو كانا صاحبينا مكلفين ببيع 5000 تذكرة فإن الرجلين «سيروحان « على نفسيهما ب: 5000 درهم للواحد... وهو مبلغ «يعرق وينشف» من أجله خمسة عمال طيلة شهر كامل من السير والمجئ و»تامارة « الحقيقية بدءا من عراك ركوب الطوبيس إلى صهد رب العمل والإنتاج... أما «تامارة « أصحابنا المذكورين فهي لم تتعد طي الصرف ، و»تبليل التذكرة بالريق... وهوب وقطع «... ولاشك فإن من يفرح للديربي هم مثل هذين الشخصين ، خصوصا في هذا الظرف بالذات الذي «يتقاتل فيه « المغاربة ، ويخممون في القرون قبل كبش العيد ، منذ الرشفة الأخيرة لحريرة رمضان ... هكذا هو الحساب على الطائر وإلا فلا ، و»الحساسبية « الأقوياء هم مثل هؤلاء الذين يعرفون متى وكيف يستغلون أول فرصة متاحة ، ويعرفون كيف يسرقون الناس وعيونهم مفتوحة في النهار والشمس تحرق... أما من خرج غير راض عن نتيجة الديربي ، أو الذين شكوا أن في الأمر إتفاقا مسبقا على الخروج بنقطة لكل فريق فإن أغلبهم سرقت جيوبهم قبل أن تسرق منهم الفرجة في ديربي كان الجميع في انتظاره بعد العودة إلي عشه الطبيعي بالدار البيضاء. أخيرا من نصدق ؟ ما رأته أعيننا في المدرجات ، أم رقم 44147 متفرج الذي أعلن بعد نهاية اللقاء ؟ فهل كل من زاد عن الرقم المذكور دخل «سالتا «؟أم أن كل تذكرة استغلها إثنان ؟