موقف لا أخلاقي و لاوطني يستهدف الأمة في أحد أعز مقدساتها و يحتقر الشعب المغربي في إختياره الثابث على الدوام وتصويته على الدساتير المتوالية بخصوص الهوية و اللغة أثارت توصية تدعو لفرض إعتماد الدارجة في التعليم و انهاء دور الدين في المدارس التي خرجت بها ندوة حول التربية الوطنية نظمتها جمعية زاكورة ردود فعل كثيرة ، منها موقف الاأستاذ م امحمد الخليفة الذي ننشره اليوم . لقد تأكد بتصريح رسمي وعلني وبوقاحة متناهية و إزدراء لمقومات الأمة المغربية وثوابتها وحضارتها، وحاضرها ومستقبلها، أن توصية صدرت عن ندوة وصفت بالدولية رفعت الى مقام صاحب الجلالة بصفته رئيسا للدولة لمطالبته باعتماد الدارجة المغربية في التعليم و إنهاء دور الدين في المدارس!!! إن هذه الندوة بحكم الداعين لها و الشخصيات التي دعمتها بحضورها اللافت للأنظار، وما يحمله حضور بعضها من رمزيات ودلالات، وما واكب إنعقادها من تغطية إعلامية مبالغ فيها في الإعلام الرسمي للدولة، كان واضحا لكل متتبع ومهتم بشأن هذا الوطن أنها آلية خلقت لتتصدر وتتبنى مثل هذا الموقف الشاد و أكثر منه، ولاسيما بعد الخطاب الملكي بخصوص مستقبل التعليم بالبلاد منتهزة فرصة الظروف الأليمة التي تجتاز فيها الأمة العربية و الإسلامية محنتها القاسية و أحلك أيامها في العصر الحديث للإجهاز على لغة الأمة لفرض هذا المخطط الخطير على الوطن. إنني كمناضل وطني آمن على الدوام بقيم ومقومات الشعب المغربي الخالدة المتمثلة في الإسلام ولغة القرآن و الإنتماء للأمة الإسلامية و العربية أعلن بقوة إستنكاري لهذا التوجه الإستعماري اللغوي الذي لا يخدم الا الأجندة المعروفة منذ القديم التي تروم الإجهاز على هذه المقومات، وفرض واقع أليم يطمس معالم حضارة هذه الأمة ويفرض واقعا إستسلاميا و إستلابيا للإجهاز على حاضر الأمة ومستقبلها. لقد بلغ الأمر منتهاه ووصل الى حد لا يطاق ولا يسكت عن أبعاده الدنيئة و أهدافه إلا شيطان أخرس وذلك بعد أن عاش الشعب المغربي بحسرة و ألم مسلسل: الإجهاز على لغة الدستور في الحياة العامة وتمت فرنسة الشارع المغربي ظلما وقهرا. وبعد الردة والتراجع الكبير الملحوظ في استكمال تعريب الإدارة مما شكل انتهاكا صريحا للدستور بعدم إحترام اللغة الرسمية للدولة. وبعد ان أصبحت كثير من الإذاعات على تنوعها في المغرب تمتح من منهل واحد، وتستضيء من مشكاة واحدة، وتعتمد لغة سوقية بعيدة عن جمال الدارجة المغربية، وتمزج كل أعمالها بالعربية و الفرنسية بتغليب هذه الأخيرة بمخطط واضح المعالم للإجهاز على اللغة الرسمية للدولة، دون رادع أو تنبيه ممن له الأهلية و الصفة في القيام بذلك، بل ولم تسلم أحيانا من هذا التوجه حتى الإذاعة الوطنية الموجهة بالعربية و التي كان إستعمال لغة أجنبية فيها يدخل في خانة التحريم. وبعد استمرار القنوات التلفزية الرسمية في غيها في خدمة المخطط اللغوي الإستعماري للهيمنة على السمع و البصر و الفكر. وبعد أن أصبحت العلبة الصوتية في الهاتف المحمول ترد بالدارجة بعد أن كانت تستعمل لغة عربية سليمة ومتقنة يستفيد منها كل من يعرف هذه اللغة سواء كان مغربيا أو أجنبيا. وبعد أن حرم المغاربة حتى في قراءة بيانات الدواء المرفقة به باللغة العربية و التي كانت سائدة و تم الإحتفاظ فقط باللغة الأجنبية إمعانا في الضغط حتى على المرضى ليهجروا لغتهم وينخرطون في هوية أخرى. وبعد أن أصبح وزير في الحكومة يخاطب البرلمانيين من منصة البرلمان بمفردات بل وجمل فرنسية دون أي رد فعل من ممثلي الأمة على انتهاك حرمة اللغة الرسمية للدولة. وبعد كل مظاهر الفرنسة و التعجيم بالأساليب الواضحة و الملتوية و الخفية التي فرضت على الشعب المغربي وهو صابر، ومنتظرا كشف هذه الغمة. وبعد أن تيقن المتربصون بهوية المغرب اللغوية, أو اعتقدوا أنهم أفلحوا في جعل الأمازيغية في مواجهة العربية لفرض لغة دخيلة، بدل إتحاد هاتين اللغتين اللتين توحدان الشعب المغربي لمواجهة التغريب و الإستعمار اللغوي الذي يعتبر من أقسى أنواع الإستعمار. وبعد هذه المسارات و الأمثلة وغيرها كثير التي تم التخطيط لها بإتقان, يأتي الإعلان عن المخطط الجهنمي لتشييد المغرب الذي يريدونه لهم ولمن يوجههم، و الذي لن يتحقق لهم أبدا بفضل وطنية المغاربة الأفداد و أبناءه البررة الذين لن يرضوا لوطنهم ذلك المصير المظلم. إن هذا المخطط الدنئ فوق أنه موقف لا أخلاقي و لاوطني لأنه يستهدف الأمة في أحد أعز مقدساتها فإنه يحتقر الشعب المغربي في إختياره الثابث على الدوام وتصويته على الدساتير المتوالية بخصوص الهوية و اللغة، بالإضافة الى أنه مخطط جهنمي ضد حضارة المغرب وقيمه وضد مستقبل المغرب المسلم وضد تقاليد المغاربة ملكا وشعبا. وعلى الذين يراهنون على الواقع السياسي المغربي، وإستغلال ظروف المحنة التي تعيشها الأمة الإسلامية و العربية أن يعرفوا ويتذكروا بأن الشعب المغربي الذي قاوم عبر تاريخه مخططات من هذا النوع، و التي لم تكن تصل في دناءتها لمثل ما ذهب إليه هذا التوجه المفجع. لن يقبل أبدا بفرض هذه الإهانة عليه لتنشئة أجيال في هذا الوطن لا علاقة لها لا بدينها ولا بلغتها. إنني كأي مواطن في هذا البلد من حقي أيضا كما فعل أصحاب الندوة الإلتجاء الى مقام صاحب الجلالة لمناشدته ومطالبته برفض هذه الإهانة الموجهة لحضارة المغرب وقيمه وتقاليده وتقاليد ملوك المغرب في تنشأة أولياء عهودهم و الأمراء في بداية تعليمهم على حفظ القرآن الكريم وتعلم لغته. إنني من خلال نشر هذا البيان إذ أعلن براءتي من مؤامرة الصمت ضد ما يحاك للوطن وسأظل أناضل من أجل محتواه وفحواه، فإنني أدعو بكل إعتزاز و أخوة كافة المنظمات و الهيآت في هذا الوطن من أحزاب سياسية وهيآت نقابية وجمعيات المجتمع المدني على إختلاف مناهلها ومشاربها وتوجهاتها و أهدافها وكل الإرادات الخيرة لهذا الوطن من علماء ومفكرين و أساتذة وكل مكونات الشعب المغربي ليعلنوا مواقفهم محتجين قبل فوات الآوان وتنفيذ هذا المخطط الجهنمي ، وذلك بالأساليب التي يرتضونها لدحره وهزمه، و الوقوف صفا واحدا في مواجهة هذه الهجمة الشرسة على حضارة هذا الوطن وقيمه وحاضره ومستقبله. "هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن إتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" صدق الله العظيم. م أمحمد الخليفة الثلاثاء فاتح محرم1435 الموافق5نونبر2013