كل الظروف، التي يعيشها الشعب الفلسطيني اليوم، تجعل من الضروري العمل من أجل إنجاح الحوار الوطني الذي يفترض انعقاده في القاهرة دون تأجيل وتجاوز حالة الانقسام الوطني غير المبررة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، منذ حوالي سنة ونصف. وعلى الرغم من كل الصعوبات التي يعيشها الفلسطينيون اليوم، جراء هذا الانقسام، فإن مؤشرات عديدة تؤكد ترنّح هذا الحوار، خاصة مع اشتداد الأزمة بين «فتح» و «حماس» حول المعتقلين السياسيين لدى هذا الطرف أو ذاك، والتهديد بعدم حضور قيادات الصف الأول في الحركتين لهذا الحوار،وشعور أحد الطرفين الأساسيين في الخلاف، بأن هذا الحوار يتم في بيئة منحازة للطرف الآخر، وبأنه يستهدف منذ البداية محاصرته.. وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، وعلى الرغم كذلك من الشوائب المرتبطة بالحوار، فإنه من مصحلة كل الأطراف الفلسطينية اغتنام الفرصة المتاحة عبر حوار القاهرة للتوصل إلى نتيجة، أو على الأقل وضع المصالحة الوطنية على المسار الصحيح. فولاية الرئيس الفلسطيني تنتهي خلال أسابيع فقط، بما يفرض على الفلسطينيين التعامل مع هذا المستجد من باب القرار الوطني الموحد. كما ان التطورات السياسية الدولية والاقليمية والمؤثرة مبدئيا في القضية الفلسطينية (مثل شخص الرئيس الأمريكي الجديد وهوية إدارته وكذلك اتجاه الأزمة السياسية في إسرائيل نحو الحل عبر الانتخابات) بدأت تتخذ مسارات واضحة، فيما يستمر الغموض والانقسام في الصف الفلسطيني، مما سيصعّب على الفلسطينيين مجاراة أفكار أو حلول قد تفرض عليهم فرضا، في ضوء استمرار خلافاتهم وانقساماتهم السياسوية غير المبرّرة.. أما على المستوى الاستراتيجي، فإنه لا أفق وطني للانقسام الحاصل الآن. وان الانقسام والقطيعة، هي علامات تدهور وتراجع في أي مسار تاريخي، فهل تعي التنظيمات الفلسطينية ذلك، حتى يكون بالامكان وقف التدهور، فالوضع الفلسطيني بأكمله بات من الضعف والتفكك الشاملين، مما يفرض أكثر من المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، والمطلوب أن تكون هذه المصالحة هي المبادرة العاجلة التي ينبغي أن تنحاز إليها كل من «فتح» و«حماس» حتى يكون بالامكان بدء حوار وطني شامل لكل التنظيمات والشخصيات الوطنية الفلسطينية، حوار يهدف إلى إعادة صياغة الأهداف الوطنية وتحديد آليات بلوغها. فذلك هو طريق الخلاص الوحيد للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة، حتى لا تتحمل الأطراف الفلسطينية المتناحرة والمتصارعة حاليا، المسؤولية في تصفية هذه القضية وتشتيت حقوق ومكاسب شعبها.