تتعارض المواقف حول ظاهرة الجريمة والانحراف في المغرب بين جهات غير رسمية تقول بتصاعد الظاهرة والجهات الرسمية التي تقلل من خطورتها وتؤكد أن هناك مخططا أمنيا خماسيا لمواجهتها بدأت نتائجه الأولية تظهر ، والدليل تراجع عدد الجرائم خلال التسعة الأشهر الأولى من سنة 2008 مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية . وتؤكد مصالح وزارة الداخلية أن المخطط الأمني الممتد من 2008 إلى 2012 ، يتوخى دعم الأجهزة الأمنية في أبعادها الثلاثة المتصلة بالتنظيم المرتكز على سياسة القرب والتنسيق بين السلطة المحلية ، ودعم الوسائل المادية واللوجستيكية ، وتقوية المخصصات المالية للقطاع والاهتمام بالوضعية المادية والمهنية لرجال الأمن ، وتبرز أنها ملتزمة باتخاذ جميع التدابير لردع المتورطين في الإجرام بمختلف مناطق المغرب . وتفيد إحصائيات وزارة الداخلية أن دوائر الأمن سجلت حوالي 235 ألف و333 جريمة خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية ، تم على إثرها تقديم 238 ألف و693 سخص إلى العدالة ، من بينهم 26 ألف و450 امرأة و10 آلاف و307 حدث . وكانت المراكز الحضرية وخصوصا الأحياء الهامشية وأحياء الصفيح أكثر عرضة لهذه الظاهرة . وسجلت الفترة نفسها من سنة 2007 حوالي 240 ألف شكاية في المدن ، حيث تمت متابعة 90 % منها. وتتعلق هذه الحالات بمخالفات ضد الآداب العامة والأسرية تهم 62.023 حالة ، وتخريب الممتلكات 58.771 حالة ، والضرب والجرح 42.335 حالة ، والمخالفات المالية والاقتصادية 33.672 حالة ، والاتجار في المخدرات 15.672 حالة ، والهجرة السرية 5.179 حالة ، وتشير مصالح وزارة الداخلية إلى أنه على مدى السنوات الأخيرة سجلت مصالح الأمن معدلا سنويا يقدر ب60 ألف حالة تهم قضايا المس بالأخلاق ، أي ما يمثل نسبة 25 في المائة من مختلف الحالات المسجلة سنويا تمت معالجة جلها . وتبين الأرقام المتوفرة أن الجريمة في المغرب ، حضرية بامتياز ، بسسب عدة عوامل من أبرزها أن المغرب يعيش فترة تحول في ميادين التعمير والحريات، والمتسمة بسرعة وتيرة التمدن وظهور تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة ، وهو ما نتج عنه بروز بعض الظواهر المشينة ، إضافة إلى الانفتاح المتنامي على الخارج ، الذي كان من نتائجه الطبيعية ظهور أنواع جديدة من الجرائم الناتجة أساسا عن تزايد تنقل الأشخاص والممتلكات على المستوى الدولي . وتفيد وزارة الداخلية المخطط الأمنى يرتكز على مقاربة جديدة تعتمد على خطط أمنية مناسبة للوقاية من الجريمة والحد من مخاطرها ، عبر مراجعة التصميم الحالي للإحصائيات المتعلقة بالجريمة والانحراف ، ورسم خريطة إجرامية مضبوطة تحدد النقط السوداء التي يرتفع فيها معدل الجريمة ، وتحليل الظواهر الإجرامية ورصد الوسائل التي ترتكب بها الجرائم ، ودراسة الحالات الفردية لبعض المجرمين الخطيرين . وفي نفس الإطار يتم الا هتمام بتحسين نسبة التغطية الأمنية ، حيث يفيد تقرير لوزارة الداخلية حول منجزات سنة 2008 ، أن المديرية العامة للأمن الوطني عملت على توظيف ما يزيد عن 3300 من رجال الأمن والأعوان الإداريين ، كما تعزير الوحدات الترابية من خلال إحداث المجموعة المتنقلة لمحافظة على النظام وتعزيز فرقة التدخل السريع بفاس ، وأحداث وحدات أمنية تهم مناطق الأمن ومفوضيات الشرطة وودوائر الشرطة ومجموعات متنقلة لحفظ النظام ومجموعات التدخل السريع وفرق البحث والتدخل وفرق إزالة الألغام ، في مخلف المدن الكبري والمراكز الحضرية منها الدارالبيضاء والرباط وسلا ومكناس وفاس وطنجة وأكادير ومراكش والعيون والريصاني وتمارة وبني ملال وقلعة السراغنة وخميس الزمامرة وغيرها..