لم تكن السيدة فتيحة الزبرلي تظن أن المكالمة الهاتفية التي ستتوصل بها من السيد سعيد ابريبر يوم 18 أبريل من هذه السنة، ستفتح لها من جديد آمال معرفة المصير الحقيقي لابنها الشاب عماد الذي كان ضحية شبكة إجرامية بطلها مهاجر مغربي بالديار الليبية، موضوع الشاب عماد العيدوني الذي سبق لجريدة العلم أن نشرت بعض تفاصيله خلال سنة 2004، تعود لفتحه من جديد أمام المستجدات التي يعرفها هذا الملف . قي يوم 18 أبريل من هذه السنة اتصلت الفرقة القضائية لدرك سيدي بنور بالسيد سعيد ابريبر تخبره باعتقال المسمى محمد الديسي الذي كان موضوع مذكرة بحت منذ سنة 2003 بناءا على شكاية سبق وأن وضعتها مجموعة من العائلات من ضمنها سعيد ابريبر ضده تتهمه بالنصب والاحتيال والاحتجاز وتعريض أشخاص للخطر . اعتقال محمد الديسي تم يوم الأربعاء 17 أبريل 2013 بمطار محمد الخامس عند عودته من الديار الليبية، حيت تبين للمصالح الأمنية عند تنقيطه بالناظمة الآلية بأنه مطلوب من طرف أمن المحمدية ودرك سيدي بنور منذ سنة 2004 ، سعيد ابريبر الذي يسكن مدينة الدارالبيضاء وبمجرد إشعاره من طرف درك سيدي بنور باعتقال محمد الديسي قام على الفور بالاتصال بمجموعة من عائلات الضحايا بكل من خميس الزمامرةواليوسفيةوالمحمدية لإخبارهم بالموضوع ، العلم ولمعرفة الحقائق وتسليط الضوء على هذا الملف من جديد انتقلت عند مجموعة من عائلات الضحايا واستفسرتهم حول ظروف وملابسات تهجير أبنائهم من طرف شبكة الديسي: سعيد ابريبر من سكان مدينة الدارالبيضاء قصاب بالمجازر البلدية للمدينة ، يحكي لنا قصة أخيه عزيز ولم تتوقف الدموع من عيناه طيلة الحديث معنا حسرة على أخيه الذي اغتصبت حياته قهرا : «...كان أخي عزيز الذي يبلغ من العمر 23 سنة يعمل معي بمهنة الجزارة ، وكان ناجحا في عمله ، ولم يكن يفكر في الهجرة إلى الخارج ، وفي إحدى الأيام زارتنا المسماة خديجة أخت المسمى محمد الديسي لتقترض مني مبلغا ماليا بحكم أنها جارة لوالدي بإحدى الدواوير بخميس الزمامرة حيث مكثت عندنا 4 أيام وعاودت الزيارة مرة أخرى صحبة أخيها حيت أوهما أخي أن أخاهم المسمى محمد الديسي باستطاعته تدبير عقد عمل له بالديار الايطالية ، لأن مهنة الجزارة مطلوبة هناك وبأجر مغري يتراوح مابين 1500 و2000 درهم في اليوم مؤكدين له أن المسمى الديسي قام بعدة عمليات ، مستدلين له بأفراد من عائلاتهم اللذين تم تهجيرهم من طرف هذا الأخير إلى الديار الإيطالية ، مما جعل أخي عزيز ابريبر يسقط في شراكهم بسهولة ويتفق معهم ضدا على إرادة العائلة التي رفضت بشدة أن يدخل في هذه المغامرة خصوصا وأنه يسير محلا للجزارة في ملكيتي مقابل نصيب من الأرباح تجعل مداخله الشهرية تتراوح مابين 10 إلى 15 ألف درهم شهريا، غير أن إغراءات وتأثير عائلة الديسي على أخي كانت أكبر من نصائح وتوجيهات العائلة، ولطمأنتنا وإحباك عملية النصب فقد تكفلت والدة الديسي المدعوة فاطمة شيباب بمرافقة عزيز وعماد العيدوني وهو أحد ضحاياهم من مدينة المحمدية إلى الديار الليبية عبر مطار محمد الخامس، وكان يوم السفر هو أخر يوم ترى فيه العائلة أخي عزيز وهو يرحل نحو المجهول لتنقطع عنا أخباره وأثاره منذ سنة 2003 إلى حين معرفتنا بمجموعة من الشباب اللذين رمتهم السواحل الليبية ومن بينهم مغاربة، وعند محاولتنا استفسار عائلة الديسي تنكرت لنا وعندما حاولنا الاتصال بمحمد الديسي عبر رقم هاتفي ليبي لنسأل عن مصير أخي قطع الخط نهائيا، لتبدأ معاناتنا منذ ذلك التاريخ ونعيش في دوامة هل عزيز حي؟؟ أم ميت ؟؟ فمنذ 10 سنوات خلت لم تعد العائلة تعرف مامعنى الفرح والسرور بل أصبحنا نعيش قلقا حقيقيا بسبب تدهور الحالة الصحية لوالدتي ولوالدي بسب غياب عزيز ومصيره المجهول». من مدينة الدارالبيضاء انتقلت العلم إلى مدينة المحمدية حيت التقينا بالسيدة فتيحة الزبرلي وزوجها السيد محمد العيدوني والدا الضحية عماد العيدوني الذي سبق لجريدة العلم أن نشرت قضيته بعددها 19847 ليوم 24 شتنبر 2004 فحكايتهما لاتختلف عن حكاية عائلة ابريبر ، فابنهما عماد البالغ من العمر 29 سنة كان يشتغل حارسا للأمن بالميناء تقول لنا السيدة فتيحة بنبرة حزينة «اغتصبت حياة ابني في زينة شبابه من طرف محمد الديسي ومن معه لقد استغلوا قرابة المصاهرة التي تجمع بيننا ليرموا شراك شباكهم على ابني واقترحوا عليه تسفيره إلى التراب الايطالي عبر الديار الليبية بطرق قانونية وعبر الباخرة وبعقد عمل وأمام إصرار وإلحاح إبني نظرا للإغراءات التي أظهرتها له هذه العصابة اضطررت أنا وزوجي وعلى مضض الموافقة على أن يركب ابننا هذه المغامرة التي لم نكن ندري عواقبها، ولكي يبعثوا على اطمئناننا ويكسبوا ثقتنا فقد عملوا على أن تتم عملية السفر من الدارالبيضاء إلى ليبيا صحبة والدة محمد الديسي فاطمة شيباب، التي تسلمت منا المبلغ المتفق عليه، وانطلق ابني حول المجهول بتاريخ 17 أكتوبر 2003 حيت اتصل بنا من مدينة طرابلس التي ظل بها ولم تنقطع أخباره عنا إلا أواخر شهر مارس من سنة 2004 حيث كنا نبعث له على رأس كل شهر مبلغ 1000 درهم ، وكلما كنا نسأل محمد الديسي كان يؤكد لنا أن الأمور تسير على أحسن الأحوال وأن وضعية عماد الغير قانونية فوق التراب الايطالي تضطره للاختفاء وعدم الاتصال بنا ، وظلت روايته هذه يكررها لنا إلى غاية شهر يونيو من سنة 2004 حيت بثت إحدى القنوات الأجنبية خبر رمي السواحل البحرية الليبية لجثت مهاجرين سريين من بينهم مغاربة ، لقد نزل هذا الخبر كالصاعقة علي وعلى زوجي حيت اتصلنا بوزارة الخارجية التي مكنتنا من رقم فاكس القنصلية المغربية بطرابلس التي بعثنا لها بمراسلة نستفسرها عن مصير ابننا عماد حيت تلقينا مكالمة هاتفية في نفس اليوم تؤكد أن المغربي الوحيد الذي تم التعرف على هويته هو محمد ابريبر من سكان مدينة المحمدية وطلب منا تبليغ عائلته بالخبر، وهي المكالمة التي زادت من قلقنا خصوصا وأن محمد ابريبر هو الأخر تم تهجيره من طرف محمد الديسي.» هنا تدخل والد عماد السيد محمد العيدوني بنبرة حزينة ليحكي لنا قصة رحيله إلى الديار الليبية بحثا عن مصير إبنه « عندما لم نتلق جوابا شافيا من القنصلية المغربية بطرابلس سارعت للسفر إلى ليبيا بتاريخ 27 يونيو 2004 واتصلت بالقنصلية المغربية هناك حيث حصلت على صورة شمسية لجثة قيل لي إنها تعود لمحمد ابريبر، غير أنني وبحس الأب تيقنت من أنها جثة إبني عماد «يتوقف الأب للحظة والدموع تنزل من عيناه ليكمل حديثه إلينا « لقد تعرض ابني للتعذيب والعنف وتم رميه بالرصاص أنظروا ماذا فعل هؤلاء المجرمين بإبني « يظهر لنا الصورة الشمسية التي تبين أن ابنه عماد كان مكبلا على مستوى البطن والأماكن التي تظهر علامة الرمي بالرصاص «......لقد وضعت القنصلية المغربية تحت تصرفي سيارة لنقلي إلى مستودع الأموات بمصراته حيث عرضوا علي مجموعة من الجثت باستثناء واحدة التي منعت من رؤيتها وكنت متؤكدا أن تلك الجثة التي منعت من رؤيتها هي جثة عماد ، مما جعلني أعود في اليوم الموالي لأتأكد أنها جثة عماد الذي غالبا تمت تصفيته بطريقة بشعة لأنه رفض الحريك من ليبيا إلى إيطاليا خصوصا وأن الاتفاق تم على أساس أن يحصل عماد على عقدة العمل في ليبيا وأن يتم تهجيره بطرق قانونية وخوفا من أن يفتضح أمر هذه الشبكة التي يتزعمها الديسي». قصة محمد السعداني بخصوص ظروف تهجير ابنه الضحية عبد الله لاتختلف عن قصة سعيد ابريبر من مدينة الدارالبيضاء وما أدلى لنا به والدا عماد العيدوني، لكن ماوقع لمحمد السعداني عندما قرر البحث من أجل معرفة مصير إبنه الضحية عبد الله السعداني يدفعنا لوضع مجموعة من التساؤلات حول شبكة محمد الديسي ومن معه داخل وخارج المغرب. عبد الله السعداني من مدينة اليوسفية يفتح صدره للعلم ويحكي لنا قصته « إن إبني عبد الله كان يمارس التجارة بمدينة اليوسفية ، قبل أن ينتقل للعمل بإحدى الفنادق بمدينة أكادير ، لقد كان يبلغ من العمر 19 سنة حين سقط في شراك الشبكة الإجرامية لمحمد الديسي ومن معه عن طريق أحد أفراد العائلة المسمى محمد شكري الذي يقيم بالديار الايطالية، والذي هو موضوع مذكرة بحت من طرف النيابة العامة منذ سنة 2004، فقد أوهم محمد شكري وزوجته إبني عبد الله بالذهاب للعمل بالديار الايطالية عبر ليبيا وأنه سيؤمن له ذلك بطرق قانونية وعبر عقد عمل سيتسلمه من ليبيا، ورغم اعتراضي فإنني اضطررت للرضوخ لرغبة إبني الذي لم أستطع مجابهة إصراره خصوصا عندما علمت أنه سيهاجر صحبة مجموعة من أفراد عائلة شكري وزوجته منهم من يسكن باليوسفية وآخرين بمدينة أسفي، لم أكن أعرف محمد الديسي حيث التقيت به بمطار محمد الخامس صحبة محمد شكري إذ طمأنني وسلمني رقم هاتفه بليبيا وأكد لي بأن ابني سيقيم عنده في منزله بطرابلس إلى حين حلول موعد تهجيره نحو إيطاليا، عدت إلى مدينة اليوسفية وقلبي غير مطمئن لهذه المغامرة التي خاضها إبني عبد الله نحو المجهول، بعد مرور أسابيع على سفره اتصل بي في إحدى الأيام ليخبرني أنه تقرر تسفيرهم مساء نفس اليوم، من خلال نبرات كلامه أحسست أن ابني غير مرتاح وأن المكالمة مراقبة لأنها لم تدم أكثر من دقيقة واحدة « يتوقف عن الكلام وتذرف عيناه الدموع ليتابع «لم أكن أعلم أنه في ذلك اليوم ستكون أخر كلمات أسمعها من عبد الله رحمه الله ، منذ ذلك اليوم إنقطعت عنا الأخبار وكان الديسي كلما اتصلت به يطمئنني بأن إبني وصل للديار الايطالية وأنه على أحسن حال وأنه يقيم بمركز للصليب وأنه لايمكنه الاتصال بنا، إلى أن نشرت إحدى الجرائد الوطنية خبر رمي السواحل الليبية لمجموعة من الجثت تعود لمهاجرين سريين من ضمنهم مغاربة من مدينة أسفي ، وهو الخبر الذي دفعني للسفر إلى الديار الليبية بحثا عن مصير عبد الله المجهول ، اتصلت بالقنصلية المغربية بطرابلس ، حيث نفى مسؤولوها وجود مغاربة ضمن الجثث التي لفظها البحر باستثناء جثة واحدة لمغربي اسمه محمد ابريبر حسب أوراق الهوية التي وجدت معه، سافرت إلى مصراته للبحث عن جثة ابني بمستودع الأموات دون أن أتمكن من التعرف عليها، عدت إلى المغرب حاملا معي خيبة الأمل في إيجاد ابني حيا أو ميتا، ووضعت شكاية في مواجهة محمد شكري وزوجته ومحمد الديسي ، بعد عودتي بأيام قليلة جاءنا خبر بأن إبني معتقل بمدينة بنغازي الليبية لأعاود السفر إلى هناك من جديد على أمل أن أجد ابني حيا هناك ، رحلة ستقودني من مدينة إلى أخرى ومن معتقل إلى أخر تارة بين جثت المستودعات وتارة أخرى على أسوار معتقلات القدافي ، رحلة ستنتهي بهروبي من ليبيا بمساعدة من أحد موظفي القنصلية المغربية بطرابلس بعدما حاولت عصابة محمد الديسي بليبيا تصفيتي جسديا بداخل أحد الفنادق بطرابلس لولا تدخل بعض الأجانب المقيمين بالفندق من سودانيين وإريتريين، عدت إلى المغرب دون أن أعرف مصير إبني رغم أن احتمال قتله وتصفيته ورميه في البحر هو الاحتمال الأكيد لذي». من البيضاء إلى المحمدية إلى اليوسفية انتقلت العلم إلى خميس الزمامرة حيث التقينا بعبد العاطي الزياتي أخو رضوان الزياتي وهو ضحية أخر من ضحايا شبكة محمد الديسي ومن معه عبد العاطي صرح لنا بالآتي «كان أخي رضوان يبلغ من العمر 23 سنة عند ما سقط في شرك عصابة الديسي لقد تم إيهامه من طرف رضوان وبوشعيب الديسي وهما ابناء أخت محمد الديسي للذهاب للعمل بالديار الايطالية عبر ليبيا مستغلين أنه كان يعمل كمساعد قصاب بمجازر الدارالبيضاء وكانت تجمعه وعزيز ابريبر صداقة كبيرة وكانت عصابة الديسي قد أسقطت في فخها عزيز ورحلته إلى ليبيا فقد كان ذلك أكبر حافز وإغراء أسقط رضوان في شراكهم، لقد انقطعت أخبار أخي منذ 10 سنوات ولا نعلم هل هوحي أم ميت وكان ذلك من الأسباب في تدهور الحالة الصحية لوالدي بوشعيب الديسي الذي ظل يبكي فقدان ابنه إلى أن وافته المنية سنة 2007 وقد سبق لأبي رحمه الله أن وضع قيد حياته شكاية ضد محمد ورضوان وبوشعيب الديسي». العلم خلال هذا التحقيق لم تتمكن من أخذ تصريحات بعض المشتكين كعائلة محمد ابريبر غير أننا سنعمل على تتبع مراحل هذا الملف حتى تنكشف خيوطه الغامضة. بعد هروبه لمدة أكثر من 10 سنوات يعود محمد الديسي للمغرب يحمل معه سر مصير مجموعة كبيرة من المغاربة اللذين أسقطهم بتعاون مع أفراد من داخل عائلته وخارجها في شباكه ، وباعوا لهم وهم الإغتناء عبر العبور للضفة الأخرى ، ليواجهوا المصير المجهول الذي لايعلمه بعد الله سبحانه وتعالى إلا محمد الديسي ، ونحن ننجز هذا التحقيق فوجئنا بمجموعة من الأمور والسلوكات التي أدلى لنا بها أفراد عائلة الضحايا نوجز بعضها في الأتي: صرحت لنا السيدة فتيحة الزبرلي بأنها وضعت شكاية ضد فاطمة شيباب بصفتها عنصرا من عناصر شبكة تهجير، وكانت موضوع مذكرة بحث وعند عودتها إلى المغرب من الديار الليبية تم اعتقالها ومواجهتها مع السيدة فتيحة، وعند التقديم أمام السيد وكيل الملك بالمحمدية فوجئت السيدة فتيحة بأن فاطمة شيباب غير موجودة ضمن مسطرة التقديم ولما استفسرت عن ذلك تم تعنيفها من طرف وكيل الملك أنذاك بمدينة المحمدية وهددها بالاعتقال إن هي تمادت في إتهام فاطمة شيباب. تقدم السيد سعيد ابريبر بشكاية ضد خديجة الديسي وفاطمة شيباب فلماذا لم يتم اعتقالهما ومتابعتهما؟. تقدم المرحوم بوشعيب الزياتي بشكاية ضد بوشعيب ورضوان ومحمد الديسي فإذا كان محمد الديسي هاربا بالديار الايطالية فلماذا لم تتم متابعة من يوجد في المغرب؟. اليوم تم اعتقال محمد الديسي وتم الاستماع إليه من طرف درك سيدي بنور وتمت مواجهته مع المشتكين وإحالته على النيابة العامة وعلى قاضي التحقيق الذي حدد يوم 23 ماي 2013 كأول جلسة للاستماع إلى المتهم والمشتكين، والكرة اليوم في مرمى قاضي التحقيق لإزالة الغموض على هذا الملف ومتابعة جميع المتورطين.