انتهت بالصخيرات أشغال المناظرة الوطنية حول الاصلاح الجبائي، باصدار العديد من التوصيات التي يمكنها معالجة الاشكالات الكبرى التي تعانيها منظومة التشريعات الجبائية. وباستثناء هذه التوصيات التي صرح الوزير المكلف بالميزانية بأنها ستفعل في قانون المالية لسنة 2014، فإن مايخشاه المواطنون هو أن تظل مجرد آمال معلقة في الهواء. وفي انتظار تفعيل هذه التوصيات نتساءل: هل بمقدور خزينة الدولة أن تتكبد خسارات فادحة لعدم تضريب كبار الفلاحين الذين مازالوا يستفيدون من الإعفاء الضريبي، مزاحمين بذلك صغار الفلاحين الذين يئنون تحت وطأة الديون ومتابعات القرض الفلاحي؟ وهل ستستمر فئات عريضة من المواطنين المحظوظين تستفيد من ملايير الدراهم بسبب الاعفاءات الضريبية التي تجعلهم بمنأى عن المحاسبة والمتابعات؟ وهل ستوظف الدولة آليات جديدة لمحاربة التملص الضريبي الذي أصبح عملة رائجة يتحدث عنها الجميع، حيث ينجح بعض المحظوظين في النفاذ من ثغرات قانونية أو تدليسية لحرمان الدولة من مبالغ طائلة؟ وهل ستستفيق الدولة من غفوتها لتقف بالمرصاد في وجه مئات الشركات الوهمية التي استقرت في الأقاليم الجنوبية لمجرد أنها تريد الاستفادة من الاعفاء الضريبي، رغم أنها تركز نشاطها في الرباط أو الدارالبيضاء وشمال البلاد؟ لقد شهد شاهد من أهل الصحراء وهو وزير سابق بأن مئات الشركات في الجنوب معفاة من الضرائب، وليس لها أي نشاط في المناطق الجنوبية، بل انها تنشط في شمال المملكة. إلى متى ستستمر خزينة الدولة تضيع في مبلغ يصل إلى 36 مليار درهم، بسبب السياسة الجبائية، المملوءة بالثغرات والانتظارات، في وقت يعيش المغرب في أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة. لقد كانت الحكومة دائما مصرة على عدم سن ضرائب على الثروات لمجرد أنهم أثرياء، ونحن نقف إلى جانب الحكومة في قرارها هذا، لكن نريد بالمقابل سياسة جبائية واضحة، بمقتضاها تفرض ضرائب عادلة على جميع المواطنين، وفي مقدمتهم أصحاب الثروات الذين لا تريد الحكومة أن تفرض عليهم اقتطاعات بسبب امتلاكهم لهذه الثروات. لقد سئم المواطنون الانتظار، ولا يمكن أن يتخلصوا من أزماتهم وضيق عيشهم، إلا بتفعيل أكبر عدد من التوصيات التي خرجت بها المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي اليوم قبل الغد وليس في سنة 2014.