عاد إلى الواجهة ملف سوء التدبير الإداري والمالي لتعاونية الحليب الجيد بمراكش إثر استدعاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الأسبوع الماضي رئيس فرع مراكش الجهوي للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب الأستاذ محمد الغلوسي للاستماع إلى أقواله وإفاداته بشأن الشكاية التي تقدم بها الفرع أخيرا في الموضوع لدى الوكيل العام للملك باستئنافية مراكش. وأفادت مصادر مطلعة أن التحقيق الذي استغرق زهاء الأربع ساعات انصب على المعطيات والوقائع والأرقام موضوع الاتهامات الواردة والمتضمنة في شكاية فرع هيئة حماية المال العام بالمغرب. وأوضح فرع مراكش للهيئة المذكورة بأن شكايته تندرج في سياق مناهضة الفساد ونهب المال العام بالمدينة الحمراء، والتي قدمت ضد مجهول «من أجل الرشوة واستغلال النفوذ وتبديد المال العام والاغتناء غير المشروع». واستندت الشكاية على وثائق خاصة وإفادات حصل عليها الفرع من طرف العديد من الفلاحين وبعض المستخدمين بتعاونية الحليب الجيد بمراكش، تشير إلى سوء التدبير الإداري والمالي باعتباره ظل يؤرق ويشغل بال حتى بعض أعضاء المجلس الإداري للتعاونية. وحسب ذات الشكاية فقد كانت بعض محاضر الاجتماعات تطالب بضرورة استشارة المجلس الإداري للتعاونية في جميع القرارات التي تنوي الإدارة اتخاذها وذلك تجنبا للهزات التي يمكن أن تتعرض لها التعاونية. كما كانت المطالبة أيضا بمراجعة جميع فاتورات صوائر التعاونية، وكذا تقديم، وبشكل مدقق، لائحة ديون التعاونية «بمالها وما عليها»، ثم أيضا إحالة ملف المدير السابق «ب – ع « على العدالة لمتابعته قضائيا. وتمت الإشارة إلى أن المستفيد الوحيد من أموال التعاونية كان الوكلاء الذين لا يؤدون فاتوراتهم في الأوقات المحددة، حيث التساؤل المطروح بهذا الخصوص بشأن ديون وكيل الصويرة وآسفي وبني ملال. وبموازاة ذلك أشارت الشكاية إلى أن بعض الفلاحين والمستخدمين أكدوا بأن تعاونية الحليب الجيد بمراكش عانت من سوء التدبير والاختلاس وخيانة الأمانة، وهي الوضعية التي - بحسبهم - جعلت المسؤولين عن التعاونية يقدمون على تفويتها في ظل ظروف غامضة و ملتبسة، إلى شركة خاصة تسمى «بيست ميلك». واستعرضت الشكاية نماذج من الخروقات والاختلالات المسجلة التي شهدتها و مجموعة من مصالح التعاونية، حيث تم السماح لمصلحة استقبال ومراقبة الحليب بالتغاضي وتلاعبات لفائدة فئة معينة من كبار الفلاحين، وذلك باعتماد الغش في الحليب من خلال إضافة كميات كبيرة من الماء فيه، وهي تلاعبات كانت تتم – حسب الشكاية - من قبل مسؤولي هذه المصلحة في مقابل عمولات كبيرة استفاد منها رئيس المجلس الإداري للتعاونية على امتداد سنوات: 92-93-94-95-96-97، ومن مبالغ مالية تصل إلى 20 مليون سنتيم شهريا. وفي ذات الإطار أوضحت الشكاية بأن مصلحة المنتجين والمالية عرفت بدورها اختلالات، حيث كان يتم تسييرها - بطريقة أو بأخرى- من طرف أقرباء المدير العام للتعاونية ومحاسبها، مضيفة أن: مصلحة العلف كانت تخدم بالدرجة الأولى مصالح السيد المدير والرئيس وأقربائهم وعملائهم، فيما كانت تعرف باقي المصالح ومنها: (مصلحة العلف، ومصلحة الأمن الداخلي للتعاونية، ومصلحة الحسابات، ومصلحة العمال المستخدمين، ومصلحة الفوترة، ومصلحة التجارة والتوزيع وأزمة التعاونية) بدورها عدة اختلالات إدارية ومالية. وتمت الإشارة إلى أن هناك عدة حجوزات تحفظية قدرت بالملايير سجلت على عقارات تابعة للتعاونية، وذلك ضمانا لأداء ديون مفصلة لإحدى الأبناك بالمدينة. وبناء على كل الخروقات والتجاوزات والتلاعبات التي طالت تدبير وتسيير تعاونية الحليب الجيد ارتكزت شكاية فرع مراكش للهيئة الوطنية لحماية المال العام، وطالبت الوكيل العام للملك بإصدار تعليماته إلى الضابطة القضائية المختصة بالانتقال إلى مقر التعاونية وإلى كل الأماكن التي قد تفيد في البحث والاطلاع على كافة المستندات والوثائق ذات الصلة بالتدبير الإداري والمالي للتعاونية، والاستماع أيضا إلى كل من له علاقة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، خاصة مدير التعاونية «ح. ط» ورئيسها «م. ب» وأمين مالها «ع.ب» وغيرهم من أعضاء المجلس الإداري، وكذا الفلاحين المنخرطين ولمستخدمين بالتعاونية. كما طالبت الهيئة الوكيل العام للملك باتخاذ كافة التدابير التحفظية الرامية إلى تحقيق العدالة وخاصة فيما يتعلق بحماية وسائل الإثبات من أي تبديد أو تلاعب محتمل ومن ثمة متابعة كل من ثبت تورطه بشكل مباشر أو غير مباشر في وقائع الشكاية المذكورة.