بعد الزيادة الشهيرة في أسعار المحروقات، والتي خلفت ردود فعل سلبية تجاه رئيس الحكومة تفتحت شهية الزيادات لدى خبراء الحكومة في محاولة لمواجهة ارتدادات الأزمة الاقتصادية. في هذا الإطار، جاءت زيادة أخرى تتعلق بضريبة النظافة والمباني، ولا شك أن زيادات أخرى مرتقبة تنتظر فقط الضوء الأخضر لتهوى على رؤوس المواطنين، ولا أحد يعرف ماذا سيقدمه رئيس الحكومة والخبراء الذين أفتوا بضرورة الزيادة، من حجج لتبرير اختيارهم. نعرف أن بنكيران، مثالا، كان يصر على الزيادة في أثمنة الماء والكهرباء، بعد الزيادة في المحروقات، فرفض حزب الاستقلال ذلك رفضا باتا تَرْجمه موقف الأمين العام الأخ حميد شباط، حين قال: هذا خط أحمر، الشيء الذي جعل قرار الحكومة يراوح مكانه. ولا شك أن الخط الأحمر الاستقلالي هو الذي دفع البعض إلى تلقفه والإسراع في تنفيذ حركة احتجاج ضد الحكومة في الأيام الأخيرة. كما أن هذا الخط الأحمر سيكون حافزا لعدد من النشطاء والفاعلين الاجتماعيين للقيام ب «مناوشات» ضد بنكيران قصد إجباره على التخلي عن مشروع الزيادات والدخول في حوار اجتماعي جدّي. بالنسبة لحزب الاستقلال، فإنه لم ينتظر القفز على الظرفية، ولا يبني مواقفه على أفعال وردود أفعال لسبب بسيط هو أن مواقفه مبنية على برامج مدروسة بدقة وعناية. من هنا تأتي مذكرة الحزب الموجهة لرئيس الحكومة التي دق فيها الاستقلال ناقوس الخطر قبل حدوث «السكتة القلبية». ومما لا شك فيه أن درجة التحذير القصوى هذه هي التي دفعت العديد من السفراء المعتمدين ببلادنا إلى الإسراع بزيارة مقر الحزب لمقابلة الأخ الأمين العام لأخذ المعلومات الكافية حول المذكرة، وحول التغيير الذي عرفه الحزب، وكذلك حول الوضعية الراهنة وآفاق المستقبل. إنه اهتمام ديبلوماسي من مستوى عال بالدور الذي يقوم به حزب الاستقلال على الساحة الوطنية والجهوية والعربية الإسلامية، علما أن هذا السّعي الديبلوماسي، بكل هذا الزخم والاهتمام، لم يسبق أن عرفه حزب من الأحزاب الوطنية بقدر ما عرفه حزب الاستقلال. إذن الخط الأحمر الاستقلالي واضح، يقول: لا يمكن المساس بالقدرة الشرائية للمواطنين، ولا يمكن إلغاء صندوق المقاصة، بل إنه يحذر من «السكتة القلبية» قبل وقوعها.