على غرار باقي نساء المعمور تحتفي اليوم المرأة المغربية بعيدها الأممي في خضم نقاش وطني ما زال يستجمع في كل مناسبة شتات الجدال الذي أججه نضال الحركة النسوية « المساواة والمناصفة » بين الرجال والنساء ، وينص أيضا على إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة. من البديهي الاقرار أن المغرب حقق في السنوات الأخيرة مجموعة من المكتسبات غير المسبوقة ، والتي تمثل في واقع الأمر استثناء مضيئا في المنطقة العربية و القارية حيث تهم مجال حقوق المرأة من قانون الجنسية مرورا بمدونة الأسرة ورفع التحفظات على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ومن حينها تعالت أصوات نصف المجتمع إن لم نقل معظمه و تكتلت قوى الضغط المدني منادية بالاسراع بإحداث هيئة الانصاف كضمانة للتنزيل السريع للمقتضى الدستوري ذي الصلة كأرفع تعبير عن إرادة الشعب المغربي لتبويء المرأة المكانة السياسية والاعتبارية و الاجتماعية التي تستحقها و التي تؤهلها للانخراط بفعالية ومواطنة في إنجاح الأوراش الكبرى للمملكة . الأكيد أن نضالات الحركة النسوية ستسترسل وتتضاعف حتى يتحقق المبدأ الأسمى للمناصفة و المساواة الذي يتجلى في تمكين نصف المجتمع المغربي بكل ديمقراطية من التمتع بجميع حقوقه الدستورية و تحمل واجباته أيضا . ومن البديهي الإقرار أننا لحد الساعة ، ورغم مرور مدة على المصادقة الشعبية على الدستور، ما زلنا نتلمس العديد من الاختلالات التي تحول دون تمكين المرأة المغربية من حقوق المواطنة الكاملة ، التي يكفلها لها الدستور والتي لاتتعارض أيضا مع توابث الأمة و مرتكزاتها . فمن المؤسف و المحرج أيضا استحضار والتذكير بأن تشكيلة الحكومة التي أسفرت عنها إرادة الصناديق بعد أول اقتراع عام يلي إقرار الدستور الجديد ، تغلب عليها النزعة الذكورية، و ولادتها بذلك تؤرخ لتراجع غير مبرر وربما إجهاضا لكل المكتسبات التي حققتها النساء في ظل العهد الجديد،وتنزيلا خاطئا لنصوص الدستور المغربي. فبعد سبع وزيرات بحقائب هامة جدا في الحكومة السابقة كنا نطمح في ظل ربيع الديمقراطيات مناصفة حقيقية بين الرجال والنساء في أعلى جهاز تنفيذي بالمملكة ، لكن آمالنا في ذلك خابت للأسف. لربما نكون قد فوتنا على مسيرة المغرب فرصة ذهبية كانت ستكفينا عناء الجلد الموضوعي و المبرر لمسلسل المواقف الاحتجاجية تجاه تشكيلة الحكومة الذكورية التي اختزلت جميع الكفاءات النسائية المغربية في حقيبة وزارية واحدة « المرأة و ألأسرة» ، أما باقي الوزارات التي تساهم في صناعة القرار السياسي للوطن ، فكانت تحت ضغط إكراهات قد نتفهمها لكننا لا يمكن أن نؤيدها من حق الرجال. إننا نعتبر أن المدخل الطبيعي لإشراك نصف المجتمع في مجهود البناء والتنمية يتطلب إجراءات تصب في جوهر معالجة تبعات هكذا قرار بغض النظر عن الالتزامات و الضغوط التي فرضت في حينه تسوية بهذا الشكل المستهجن . وهذا المدخل يجب أن ينطلق من قناعة وإرادة تقوية التمييز الايجابي لفائدة المرأة في السياسات العمومية والبرامج القطاعية والمخططات الترابية للتنمية و ضمان تعزيز المشاركة السياسية للنساء من خلال العمل على الرفع من مستوى التمثيلية النسائية في جميع المؤسسات المنتخبة وفي أي مبادرة تعديل مرتقبة للفريق الحكومي . إن تشجيع مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي بصفة عامة، وفي إنشاء المقاولات والانخراط في الأنشطة المدرة للدخل بصفة خاصة، يجب أن يواكبه إلغاء لكل الفوارق الكائنة أو المتخيلة بين الرجل والمرأة في الأجور و الفرص و الاستحقاقات و هذه الاجراءات و التدابير التي لا تتطلب في العمق إلا إرادة سياسية جماعية متوافق عليها ،ستضمن على الأقل في المدى القريب تحسين كافة مؤشرات المساواة بين الجنسين في جميع المجالات و الميادين ، و ستفتح مجال المنافسة المطلوبة بين نصفي المجتمع لخدمة قضايا المغرب الكبرى و خاصة الاجتماعية منها .