لا أملك مناقشة الأديب الكبير عبد اللطيف اللعبي في قناعاته الفكرية، ولمواقف الرجل السياسية والثقافية تقدير كبير لدى الغالبية من المغاربة، ولإنتاج هذا الهرم الشامخ في الأدب والفكر احترام من طرف المغاربة ومن طرف جزء كبير جدا من الذين يحسنون ويتقنون فن قياس جودة المنتوج الأدبي والفكري، ويحق للمغاربة أن يعتزوا بأن وطنهم أنجب رجلا ومبدعا وأديبا في حجم عبد اللطيف اللعبي. كل هذا لا نملك أن نخدش في بياضه، ولكن - والأستاذ عبد اللطيف اللعبي سيكون من أشد المدافعين عن حقنا المشروع في ذلك - من حقنا أن نناقش ما أدلى به من تصريح مثير خلال الأيام القليلة الماضية، فلقد طلب اللعبي من أن لا يقرأ عليه القرآن بعد وفاته واقترح بذلك شكلا آخر وصيغة مخالفة للتعامل مع جسده بعد أن تغادر الروح كتلة العظام واللحم وقليل من الشحم. ولطلب الرجل خلفية إيديولوجية تجذب نحو القناعة بالعلمانية ونبذ الدين: ونحن لا ننكر للرجل حقه في أن يكون علمانيا حيا يرزق وميتا لا يرزق طبعا. لكن اللعبي الذي حاول بخروجه الإعلامي المساهمة من موقعه في النقاش العام الجاري حول الدين ووصول توجه سياسي ذي مرجعية إسلامية إلى الحكم، لم يقدم ما يكفي من التفاصيل حول الكيفية التي سيتعامل معها المجتمع مع الجسد بعد أن تغادره الروح، فهمنا أن القرآن لن يقرأ، وفهمنا أن الجنازة يجب أن تكون بذلك مختلفة، لكن كيف؟ هل تؤخذ الجثة ويلقى بها في حفرة القبر في مسيرة صامتة؟ هل تصلى عليها صلاة الجنازة؟ هل يقبل اللعبي كل هذه الطقوس أم يقترح طقوسا بديلة ويقتدي بطقوس أخرى معمول بها في قطر ما من أصقاع العالم؟ لا يملك وارثو اللعبي ما يكفي من التفاصيل، ونحن نتطلع إلى معرفة ما يلزم منها.