بات عشرات الآلاف من المهاجرين المغاربة المقيمين بإسبانيا، الذين تعذر عليهم تجديد أوراق إقامتهم بسبب البطالة، وتحولوا بفضل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعرفها هذا البلد الإيبيري من مهاجرين شرعيين إلى مهاجرين غير قانونيين، إضافة إلى الذين لم تسعفهم الظروف لتسوية وضعيتهم القانونية، مهددين بالحرمان من التغطية الصحية بسبب القانون الجديد، الذي أصدرته حكومة ماريانو راخوي بمبرر محدودية الموارد العمومية، والذي يمنح الأسبقية للخدمات الطبية الموجهة للأشخاص الذين يؤدون الضمان الاجتماعي ويدفعون ضرائبهم، و يمنع التغطية الصحية عن المهاجرين الذين لا يملكون وثائق الإقامة. والملاحظ أن حكومة مدريد الحالية، ومنذ توليها مسؤولية الحكم بإسبانيا، مافتئت تحيي شعاراتها اليمينية المناهضة للمهاجرين سواء عبر القانون الجديد أو غيره. وكانت صحيفة "الباييس" الإسبانية قد نشرت مؤخرا القانون الذي أعدته وزارة الصحة، والذي سيحرم المهاجرين الذين لا يملكون وثائق الإقامة ، من الاستفادة من التغطية الصحية، حيث يتوقع أن يحرم من الاستفادة من هذه التغطية حوالي 150 ألف مهاجر على مدى سنتين، بينهم الآلاف من المهاجرين المغاربة. وتهدف الحكومة الإسبانية اليمينية من وراء تنفيذ هذا الإجراء إلى توفير 240 مليون أورو. ووضعت حكومة ماريانو راخوي شرطا خاصا بالمهاجرين الذين يوصفون بغير الشرعيين حيث سيكون عليهم دفع حوالي 710 أورو سنويا على شكل تأمين من أجل الاستفادة من التغطية الصحية. وقد أثارت الإجراءات الجديدة للحكومة الإسبانية اليمينية انتقادات واسعة في صفوف هيئات الأطباء والجمعيات الحقوقية والفعاليات السياسية والنقابية، فضلا عن الجمعيات الممثلة للأجانب بإسبانيا. واتهم الناطق الرسمي باسم حزب اليسار الموحد الاسباني غاسبار يمساريس الحكومة اليمينية بالتوجه نحو تجريم الهجرة، مما يعكس رؤية حكومة الحزب الشعبي للمهاجرين، باعتبارهم مواطنون من الدرجة الثالثة، كما تجسد نظرتهم للتغطية الصحية ليس كحق إنساني بل كمجال تجاري. وأنشئ على الفور منتدى للأطباء الإسبان العاملين في القطاع العمومي الرافضين للإجراءات الحكومية الجديدة، التي ستحرم المهاجرين من التغطية الصحية، ويضم في صفوفه حوالي 900 طبيب، قرروا تقديم خدماتهم الطبية المجانية للمهاجرين الذين حرموا من التغطية الصحية. وكشف رئيس الجمعية الإسبانية للأطباء عن إحصائيات تبرز أن شريحة المهاجرين هي الأقل استفادة من التغطية الصحية والأقل ترددا على المستشفيات العمومية، وهو معطى يطعن في أحد التصورات التي تبني عليه الحكومة الإسبانية القانون الجديد المثير للجدل.