تعتزم الحكومة الاسبانية اليمينية اتخاذ إجراءات وتدابير إصلاحية جديدة خلال الأسابيع والأشهر القادمة، من بينها إصدار قانون جديد يمنع التغطية الصحية عن المهاجرين الذين لا يملكون وثائق الإقامة ، وهو قانون سيثير بلا أدنى شك انتقادات واسعة في صفوف قطاعات عريضة من هيئات طبية إسبانية وإطارات مدنية أخرى من حقوقيين وسياسيين ونقابيين ، فضلا عن الجمعيات والهيئات الممثلة للأجانب في إسبانيا. والملاحظ أن حكومة ماريانو راخوي تحاول منذ توليها الحكم بإسبانيا تنفيذ شعاراتها اليمينية التي كانت ترفعها خلال فترة المعارضة ، والمناهضة للمهاجرين سواء عبر هذا المشروع أو غيره ، علما أنه في حالة خروج القانون إلى حيز التنفيذ، سيكون المهاجرون المغاربة المقيمين في إسبانيا هم أول المتضررين منه، خصوصا أولئك الذين تعذر عليهم تجديد إقامتهم بسبب قلة فرص العمل، بعدما تحولوا بفضل الأزمة الاقتصادية من مهاجرين شرعيين إلى مهاجرين غير قانونيين، إضافة إلى الذين لم تسعفهم الظروف لتسوية وضعيتهم القانونية حيث حرموا من التغطية الصحية ابتداء من 31 غشت الماضي. و أفادت وسائل إعلام إسبانية بداية الأسبوع الجاري، ونقلا عن الناطق الرسمي للفريق البرلماني للحزب الشعبي الحاكم رفاييل هيرناندو، أن حكومة راخوي مقبلة على إصدار قرار يمنح الأسبقية للخدمات الطبية الموجهة للأشخاص الذين يؤدون الضمان الاجتماعي ويدفعون ضرائبهم، ويسحب الامتيازات الاجتماعية التي تجذب المهاجرين غير الشرعيين إلى إسبانيا، وعلى رأس تلك الامتيازات التغطية الصحية. كما أبرز أن المهاجرين الذين يقيمون بإسبانيا يجب أن تكون إقامتهم قانونية، مطالبا المقيمين منهم بصفة غير شرعية بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. وكانت صحيفة "الباييس" الإسبانية قد نشرت مؤخرا مسودة المشروع الذي أعدته وزارة الصحة الاسبانية، والذي تسعى من وراء تنفيذه إلى حرمان المهاجرين الذين لا يملكون وثائق الإقامة، من الاستفادة من التغطية الصحية، حيث يتوقع أن يحرم منها حوالي 150 ألف مهاجر على مدى سنتين، من بينهم عشرات الآلاف من المغاربة. وتهدف الحكومة الإسبانية اليمينية من وراء هذا الإجراء إلى توفير 240 مليون أورو، من خلال وضع شرط خاص بالمهاجرين الذين يوصفون بغير الشرعيين حيث سيكون عليهم دفع 710 أورو سنويا على شكل تأمين، من أجل الاستفادة من التغطية الصحية. واتهم "غاسبار يمساريس" الناطق الرسمي باسم اليسار الموحد الإسباني خطاب الحكومة اليمينية بكونه ينزع نحو تجريم الهجرة، وقال بشأن تكلفة التغطية التي تعتزم حكومة راخوي فرضها على المهاجرين ممن لا وثائق إقامة لديهم والمتمثلة في 710 أورو سنويا "إنها تعكس رؤية الحكومة الشعبية للمهاجرين على أنهم مواطنون من الدرجة الثالثة، كما تجسد نظرتهم للتغطية الصحية ليس كحق بل كمجال تجاري". وعلى صعيد آخر، أقدم مجموعة من الأطباء الإسبان المشتغلون في القطاع العمومي، والذين يرفضون الإجراءات التي تهيئها الحكومة الإسبانية والتي ستحرم المهاجرين من التغطية الصحية، على إحداث منتدى يضم حوالي 900 طبيب قرروا تقديم خدماتهم الطبية للمهاجرين الذين حرموا من التغطية. وكشف رئيس الجمعية الإسبانية للأطباء في إسبانيا لوسائل الإعلام أن شريحة المهاجرين هي الأقل استفادة من التغطية الصحية والأقل ترددا على المستشفيات العمومية، وهو معطى يطعن في أحد التصورات، التي تبني عليه الحكومة الإسبانية المشروع المثير للجدل.