تخوض لوبيات جبهة الانفصاليين حملة قوية في دول الاتحاد الأوروبي للضغط على المغرب قبل و خلال أطوار المحاكمة التي ستجري الخميس المقبل ضد مجموعة من المتورطين في أحداث مخيم إكديم إيزيك ضواحي العيون قبل سنتين. وانضم جزء من البرلمان الأوروبي الى الحملة التي ستدخل أيضا أروقة الأممالمتحدة لإحراج المغرب الذي يتوفر على مقعد غير دائم بمجلس الأمن . وعلم أن 22 نائبا من البرلمان الأوروبي والمحسوبين على الأحزاب الراديكالية اليسارية وجهوا رسالة الى الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون يطلبون منها الضغط على المغرب ليحاكم المتورطون في أحداث مخيم أكديم إييزيك في محكمة مدنية وليس عسكرية. ويبرر النواب طلبهم هذا بأن المحكمة المدنية تكون علنية ويمكن للمراقبين الدوليين حضورها في حين أن العسكرية تكون مغلقة. ميدانيا بدأت عدد من عواصم الاتحاد الأوروبي تشهد تظاهرات مساندة للصحراويين المعتقلين، ومن ضمنها تظاهرة يوم السبت الماضي في العاصمة مدريد أمام القنصلية المغربية وتظاهرة أخرى في قلب باريس في اليوم نفسه، ثم تحركات في دول شمال أوروبا. مدير إدارة السياسة الخارجية في البرلمان الأوروبي بيتر كراوس اعترف في تصريحات للصحافة قبل أيام بوجود لوبي قوي لصالح البوليساريو في الغرفة التشريعية الأوروبية بينما لا يوجد لوبي قوي لصالح المغرب يتحدث باسم مصالحه أو يدافع عن مواقفه. ويستعد اليسار الممثل في البرلمان الأوروبي الى توظيف المحاكمة ضد المغرب وأساسا في ملف الصيد البحري الذي تجري مفاوضات بشأنه هذه الأيام والذي يشهد الكثير من الشد و الجذب . المنطق يفترض أن الديبلوماسية المغربية أخذت الدرس و العبرة من واقعة البرلمان السويدي الذي تمكن ممثل وحيد و أوحد لجبهة الانفصاليين من جر أغلبيته الى تبني مقرر يدعو الحكومة السويدية الى الاعتراف بالجمهورية الوهمية . لكن الواقع يفضح أن اللوبيات الانفصالية المعادية للمغرب تمكنت من إحتلال مساحات ضغط و تأثير واسعة بأوروبا و تطمح الى إقناع برلمانات أوروبية أخرى الى تبني موقف مماثل لموقف البرلمان السويدي . التحليل السليم للوضعية يكشف أن البروباغندا الدعائية الانفصالية و بغض النظر عن الامكانيات المادية و اللوجيستيكية الموفرة لها من دوائر و أطراف معروفة تكتسح بسرعة و فعالية المساحات الشاغرة التي تتركها الديبلوماسية المغربية الرسمية منها و الموازية في العديد من المواقع و المناطق . و تسلل هذه اللوبيات الى عمق المؤسسات الفاعلة بالاتحاد الأوروبي الذي يجمعه بالرباط تاريخ عريق من العلاقات المتجذرة و المصالح الاقتصادية و الاجتماعية المشتركة من شأنه أن ينبه الجميع الى واقع و ظاهرة جديدة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن لا تستفز الكبرياء الوطني المغربي حكومة و شعبا و أحزابا و مجتمعا مدنيا . المراهنة على الديبلوماسية الرسمية و المواقف المتضامنة و المساندة لعواصم نافذة بالاتحاد الأوروبي لا يغني عن مساءلة الذات عن الأسباب و الدوافع التي سمحت لطغمة صغيرة من المرتزقة من حمل مشروعهم الانفصالي ، و الترويج له بكل حرية وسط هيئات مؤسساتية مؤثرة بالمشهد السياسي الأوروبي . من غير اللائق أن ننتظر مبادرة مسؤولين من داخل البرلمان الأوربي و دعوتهم لخلق مجموعة صداقة برلمانية بين الرباط و بروكسيل يفترض أنها وسيلة لايجاد بعض التوازن المفقود في موازين تأثير الرباط و جبهة البوليساريو في قناعات المؤسسة التشريعية الأوروبية . السؤال الذي يفرض نفسه بحدة في هذه الحالة هو لماذا لم نأخذ منذ زمن بعيد هامش المبادرة و تركنا الآخرين يعيثون فسادا و تدليسا و تضليلا في حقل يفترض أننا وفرنا له ما يكفي من الأسباب ليكون حصنا منيعا لأي تسلل دعائي للخصوم . المنطق يفترض وقفة محاسبة جادة و مؤلمة لكي نتبين عمق و جدوى ديبلوماسيتنا و أصواتنا و صداها في عمق و أطراف القارة العحوز .