يصعب إنكار وجود أزمة صامتة في العلاقات المغربية - الموريطانية. وأقل المتشائمين فينا سيقر الآن أن العلاقات بين البلدين تمر بفترة جمود طال أمدها، لذلك ليس بكل هذه البساطة يمكن لأي مسؤول إنكار وجود أزمة في هذه العلاقات. وجذور هذه الأزمة معروفة ويصعب التكهن الآن بسهولة تجاوز تداعياتها القوية والعنيفة على العلاقات بين البلدين، وانطلقت الشرارة الأولى لهذا التأزيم فيما كان مراسل وكالة المغرب العربي للأنباء بنواكشوط قد ضمنه في أحد تقاريره حول مسؤولين موريطانيين حيث سارعت السلطات الموريطانية بمطالبته مغادرة تراب بلادها. الى أن جاءت لحظة الأزمة الكبرى حينما تنافس المغرب وموريطانيا حول العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن، وساندت الجزائر والإتحاد الافريقي ترشيح موريطانيا، إلا أن المغرب فاز بالمقعد بفارق كبير جدا حتى بالنسبة لأصوات دول افريقية كثيرة أعضاء في الاتحاد الافريقي، ومباشرة بعد ذلك تدخلت الجزائر على الخط ووجهت دعوة للرئيس الموريطاني للقيام بزيارة عمل للجزائر، وهذا ما حصل فعلا وقام الرئيس الموريطاني بزيارة عمل على رأس وفد رسمي هام، وتوجت الزيارة فعلا بتوقيع اتفاقيات تعاون كثيرة، ويذكر أن المسؤولين الجزائريين كانوا من أشد معارضي انقلاب موريطانيا، لكن تأزيم العلاقات الموريطانية المغربية قلب الحقد الجزائري تجاه قادة الانقلاب في نواكشوط إلي ود وتقدير. أخيرا ترددت أخبار كثيرة حول تجنب الرئيس الموريطاني المريض استقبال أي مسؤول مغربي زار نواكشوط خلال الأسابيع القليلة الماضية، بمن فيهم وزير الدولة الأستاذ باها، إلا أن نفس الرئيس الموريطاني المريض حرص على أن يخص وفداً من جبهة البوليساريو الانفصالية كان بقيادة وزير خارجيتها المزعوم في زيارة لنواكشوط باستقبال رسمي. وفي ذلك إشارة واضحة للسلطات المغربية. إذن العلاقات بين الجارين الشقيقين في أزمة، والبوليساريو والجزائر حريصتان على صب ما يكفي من كميات الملح على الجرح الغائر في جسد هذه العلاقات، والإشكال الآن، لا يكمن في القدرة على إلغاء وجود أزمة، بل الإشكال الآن يتجسد أساسا في القدرة على إيجاد مخارج لهذه الأزمة وإعادة الشقيقة موريطانيا إلى موقعها الطبيعي إلى جوار المغرب وهذا دور ديبلوماسيتنا التي لا يقبل منها المغاربة أن تبقى متفرجة عما يحدث.