افتتح جلالة الملك الدخول البرلماني بخطاب واضح المعالم شكل خارطة طريق للعمل البرلماني والحكومي خلال السنة التشريعية الحالية 2012 2013 باعتبارها سنة تأسيسية بامتياز، سنة استكمال الاصلاحات التي أعطى معالمها جلالة الملك في خطاب 9 مارس 2011، بما فيها ترسيخ المكتسبات التي جاء بها الإصلاح الدستوري والسياسي الأخير بما يضمن بناء صرح ديمقراطي حقيقي، تعزيز دعائم دولة الحق والقانون والمؤسسات، إقرار مجتمع تعادلي تسوده المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والتوازن المجالي ومقومات المواطنة الحقة، حيث سيشكل الدخول البرلماني بطعمه الجديد مدخلا رئيسيا لمواصلة الاصلاحات الكبرى وربح رهانات التحول الديمقراطي الذي لازال المواطنون ينتظرون ثماره في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وهذا ما يجعل الدورة التشريعية الحالية تكتسي أهمية بالغة ليس فقط لكونها تخصص أساسا لمناقشة مشروع القانون المالي 2013 بإكراهاته وتحدياته ورهاناته وانتظارات المواطنين في ظل وضعية اقتصادية عالمية صعبة، ولكن أيضا لكونها تشكل محطة أساسية في التفعيل الأمثل والديمقراطي لأحكام الدستور روحا ومنطوقا، خاصة فيما يتعلق بإخراج المخطط التشريعي إلى حيز الوجود، سواء تعلق الأمر بمشاريع القوانين التنظيمية أو القوانين المؤسسة التي تعد الدعامة الرئيسية لتحريك عجلة الإصلاح، إعادة النظر في القوانين الانتخابية والقوانين المتعلقة بالجماعات الترابية في أفق استكمال المسلسل الانتخابي الذي انطلق يوم 25 نونبر 2011 بانتخاب أعضاء مجلس النواب في الوقت الذي لازال فيه مجلس المستشارين يعيش خارج الإصلاح الدستوري الأخير وما يطرح ذلك في ظل الدخول البرلماني الحالي من إشكالات دستورية على مستوى تمثيلية الديمقراطية وعدد أعضائه 270 بدل 120 وتركيبته السياسية أغلبية ومعارضة وأجهزته المسيرة من مكتب ولجان برلمانية دائمة بعدما استكملت ولايتها. كما يشكل تسريع وتيرة الإصلاح التشريعي وتحيين الترسانة القانونية وتحديثها وتطويرها لمواكبة متطلبات الإصلاح الدستوري رهانا أساسيا أمام الدورة التشريعية الحالية، بما في ذلك القانون التنظيمي للمالية الذي أصبح متجاوزا، قانون المسطرة الجنائية، القانون الجنائي، القوانين المتعلقة بإصلاح القضاء، النصوص التشريعية المحالة على البرلمان بمجلسيه والتي وصل عددها لحد الآن 128، منها41 مشروع قانون، 33 منها تنتظر الدراسة لدى اللجان النيابية الدائمة بمجلس النواب والثمانية الأخرى لدى مجلس المستشارين ومنها 87 مقترح قانون: 18 لدى مجلس النواب و 69 لدى مجلس المستشارين وما تطرح هذه الوضعية من إشكالية مزمنة تهم التعامل السلبي مع مقترحات القوانين رغم ما نص عليه الدستور الجديد في فصله 82 من وجوب تخصيص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، بما فيها تلك المقدمة من طرف المعارضة البرلمانية في الوقت الذي لم يتمكن فيه البرلمان من المصادقة خلال الدورة الشريعية السابقة سوى على مقترح قانون واحد. كما أن عقلنة العمل البرلماني تقتضي التخفيف من النظام المعقد للثنائية البرلمانية الذي لم يتمكن المشرع الدستوري من معالجته، وذلك من خلال تنسيق العمل البرلماني بين مجلسي البرلمان بواسطة نظاميهما الداخليين بمراعاة تناسقهما وتكاملهما بما يضمن النجاعة والفعالية كما ينص على ذلك الفصل 69 من الدستور حتى نكون بالفعل أمام مجلسين لبرلمان واحد. وتعرف الدورة التشريعية الحالية أيضا استكمال إصلاح ورش النظام الداخلي الذي فتحه مجلس النواب باعتباره يشكل دعامة أساسية لتأهيل المؤسسة التشريعية وتطوير العمل البرلماني وتحسين أدائه مادام يعتبر مكملا للدستور وأداة لتفعيل مضامينه كما ينص على ذلك الفصل 69 من الدستور. إن دور البرلمان يبقى أسياسيا في تحريك عجلة الاصلاح الذي يمر حتما عبر التفعيل الديمقراطي للدستور من خلال تسريع وتيرة العمل البرلماني سواء على مستوى التشريع أو المراقبة أو الدبلوماسية البرلمانية أو على مستوى الانفتاح علي محيطه الخارجي، بما في ذلك ربط جسور التواصل والمساهمة الفعالة للمجتمع المدني في التشريع بما يخدم الديمقراطية التشاركية التي تعتبر النموذج المتميز للديمقراطيات المعاصرة في إطار الخطة الاستراتيجية لتأهيل المؤسسة التشريعية وتطوير العمل النيابي التي ينكب مجلس النواب على إعدادها لتشكل خارطة طريق المجلس خلال الولاية التشريعية الحالية 2011 2016