طبقا لأحكام الفصل 62 من الدستور، يعقد مجلس النواب بأعضائه الجدد 395 الذي أفرزتهم صناديق الاقتراع خلال الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي جرت يوم 25 نونبر الماضي جلسة عمومية عشية يومه الاثنين من أجل انتخاب رئيس مجلس النواب يسهر على تسييرها مكتب مؤقت برئاسة الأكبر سنا من الأعضاء مجلس النواب بمساعدة 4 من الأعضاء الأصغر سنا، حيث يتم الانتخاب بواسطة الاقتراع السري كتابة بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذي يتألف منهم مجلس النواب في الدور الأول، أي ما يعادل 199 صوت. وفي حالة عدم حصول أي مرشح على هذه الأغلبية، يتم اللجوء إلى الثاني، حيث تكفي الأغلبية النسبية لانتخاب رئيس المجلس. وإذا كان المرشح لرئاسة المجلس واحدا، فيتم الاكتفاء بالأغلبية النسبية في دورة واحدة. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية المكونة للأغلبية النيابية قد اتفقت على أن يكون المرشح لرئاسة مجلس النواب من حزب الاستقلال في شخص الأخ كريم غلاب، وذلك في إطار المنهجية الديمقراطية التي جاء بها الدستور الجديد والأعراف الديمقراطية المعمول بها في برلمانات العالم. وبانتخاب رئيس مجلس النواب، تكون السنة التشريعية 2011 2012، التي افتتحها جلالة الملك يوم الجمعة 14 اكتوبر المنصرم طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور، قد استأنفت أشغالها بنخبة برلمانية جديدة تتميز بتمثيل مهم للنساء والشباب انسجاما مع مقتضيات الدستور، خاصة الفصل 30 منه. ومن المنتظر أن تكون الدورة التشريعية الحالية ساخنة باعتبارها تأتي مباشرة بعد المصادقة على الإصلاح الدستوري الجديد وما يتطلب ذلك من إجراءات قانونية وسياسية مصاحبة، بما فيها التفعيل الأمثل للدستور الذي نص على أكثر من عشرين قانونا تنظيميا التي يجب أن تعرض مشاريعها على البرلمان قصد المصادقة عليها في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلى صدور الأمر بتنفيذ الدستور كما تنص على ذلك أحكام الفصل 86 من الدستور، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقانون التنظيمي الذي بموجبه تحدد شروط وكيفيات ضمان حق المواطنين في تقديم ملتمسات في مجال التشريع وكذا القانون التنظيمي الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حقهم في تقديم عرائض الى السلطات العمومية، القانون التنظيمي الذي بمقتضاه تحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب الذي لم يخرج بعد إلى حيز الوجود منذ أول دستور عرفته البلاد في 1962، القانون التنظيمي الذي يحدد انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة ومسطرة التأديب باعتباره العمود الفقري لإصلاح القضاء، القانون التنظيمي الذي تحدد بمقتضاه قواعد تنظيم المحكمة الدستورية وسيرها والاجراءات المتبعة أمامها ووضعية أعضائها، القانون التنظيمي المتعلق بالتنظيم الجهوي، القانون التنظيمي الذي يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وكيفيات إدماجها في مجالات التعليم والحياة العامة ذات الأولوية، القانون التنظيمي الذي يحدد صلاحيات المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وتركيبته وكيفيات سيره، وغيرها من القوانين التنظيمية ذات البعد التأسيسي التي تشكل دعامة أساسية لتنزيل الدستور. وفي نفس السياق، نص الدستور على قوانين ذات طابع تأسيسي لاتقل أهمية عن القوانين التنظيمية، بما فيها القانون الذي تحدد بموجبه القواعد المتعلقة بتأسيس المنظمات النقابية وأنشطتها وكذا معايير تخويلها الدعم المالي للدولة وكيفيات مراقبة تمويلها، كما ستكون هذه الدورة التشريعية غنية لأن مجلس النواب مطالب بالتعجيل في اعادة النظر جذريا في مقتضيات النظام الداخلي الحالي حتى تنسجم مع الأحكام الجديدة التي جاء بها الدستور بعدما أصبح متجاوزا وغير مطابق للدستور الجديد. وستشهد الدورة التشريعية أيضا تقديم البرنامج الحكومي، بعد تعيين جلالة الملك لأعضاء الحكومة، من طرف رئيس الحكومة المعين، يكون موضوع مناقشة أمام مجلسي البرلمان يعقبها تصويت من طرف أعضاء مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة التي تعتبر منصبة بعد حصولها على أصواب الأغلبية المطلقة للأعضاء الذي يتألف منهج المجلس وفقا للفصل 88 من الدستور. وستعرف الدورة التشريعية كذلك مناقشة مشروع القانون المالي التعديلي أمام استحالة المصادقة على مشروع القانون المالي المحال على المجلس قبل نهاية السنة المالية 31 دجنبر الجاري، حيث ستفتح الحكومة بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ماهو مفتوح في الميزانية المعروضة على الموافقة. ومن المنتظر أيضا أن يناقش مجلس النواب مشاريع القوانين المرتبطة بالانتخابات الخاصة بالجماعات الترابية والغرف المهنية ومجلس المستشارين في أفق استكمال المسلسل الانتخابي الذي دعا إليه جلالة الملك. ويبقى ربح رهان التحديات الجديدة التي يفرضها استئناف السنة التشريعية في ظل المرحلة الراهنة بأبعادها الدستورية والسياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية مسؤولية جميع مكونات السلطة التشريعية أغلبية ومعارضة.