خص جلالة الملك خطابه السامي بمناسبة ترؤس جلالته لافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية للحديث عن الأهمية البالغة التي أضحى البرلمان يكتسيها في البناء الدستوري للمملكة و وضع جلالته معالم خطة الطريق لتمكين الممارسة البرلمانية ببلادنا بما يلزم من مقومات لتمكين هذه المؤسسة من مكانتها الدستورية الطلائعية و تأهيلها لمواكبة رهانات مسلسل الاصلاح الدستوري الذي انخرطت فيه بلادنا منذ التفاعل الايجابي للمغاربة مع الدستور الجديد . جلالة الملك شدد على أن تجديد البرلمان الجديد عبر الانتخابات التشريعية الأخيرة واكبه نفس إصلاحي شامل توج بالاصلاح الدستوري الارادي و الناضج و فتح أبواب التطور السياسي و الاجتماعي و الثقافي أمام المغرب كما وضع المجتمع بمختلف قواه و كفاءاته في صلب الدفعات الرصينة التي شحنت مسلسل التحديث الذي تجتاز بلادنا خطوات جبارة منه . فلسفة الخطاب الملكي تنطلق من واقع اللحظة لترسم الآفاق و التحديات و الرهانات المطروحة أمام البرلمان المغربي المنتخب في اقتراع شفاف و ديمقراطي , فضلا عن الأدوار المتجددة و المطلوبة من البرلماني من خلال مؤسسته التمثيلية التي أصبحت تتوفر على مكانة متصدرة و سلطات غير مسبوقة في تاريخ المملكة . البرلمان المغربي فضلا عن كونه أضحى مصدرا دستوريا وحيدا و منفردا للتشريع المغربي , مؤهل بموجب الاصلاح الدستوري الأخير لاقرار عدد كبير من االقوانين التنظيمية و خاصة تلك المتصلة بالتنزيل الموضوعاتي و الاجرائي للمقتضيات الجديدة التي أتى بها الدستور الجديد . النقلة الدستورية الجديدة ستجعل من المغرب دولة تواجه التحديات المستقبلية بكل ثقة ، وتؤسس لمرحلة سيكون عنوانها العدالة والمساواة وإقرار الحقوق والحريات في مختلف تجلياتها. و البرلماني الذي يتولى بمقتضى الدستور الجديد مهمة مراقبة و تقويم السياسات العمومية للدولة وتعديل البرامج الحكومية العامة منها و القطاعية تحول في جوهر الخطاب الملكي إلى صلب معادلة التقدم الديمقراطي الوازن بما تقتضيه من متطلبات جديدة تترجم أدوار المؤسسة البرلمانية المحفزة للتنزيل السلس و السليم لمقتضيات الوثيقة الدستورية الجديدة بما تتطلبه هذه المسؤولية الكبرى من بذل وعطاء وتحل بقدر عالي من الوعي والتعبئة وإنكار الذات وتطوير جذري للممارسة البرلمانية البرلمان الوطني بغرفتيه في عمق المنعطف الحاسم الذي سجلته المملكة بالإنجاز الجماعي الذي يمثل ثورة دستورية حقيقية غير مسبوقة و روح المسؤولية تفترض في نواب الأمة أن يكونوا في مستوى الحدث بما يتوجبه من إدراك لحجم المرحلة و للانتظارات المشروعة للشعب المغربي الذي أدى واجبه الوطني بتفان وو طنية حين اختار ممثليه في مجلس النواب و صادق بشبه إجماع على مشروع وثيقة الدستور الجديد . الكرة الآن في ملعب البرلمان الذي يجب أن يباشر بدون كلل و بمسؤولية و نزاهة مهامه التمثيلية التي تضعه أمام إمتحان فتح ملفات الأوراش الكبرى للمملكة و في طليعتها ورش إصلاح القضاء و الجهوية المتقدمة حصيلة الولاية التشريعية الحالية ستتحدد بمستوى الإبداع والعطاء و نكران الذات الذي سيبين عنه نواب و مستشارو الأمة في تعاملهم مع جملة من القضايا و الأولويات التي تضمنها الدستور الجديد و التي تتصل بقطاعات أساسية على صلة مباشرة بالمعيش اليومي للمغاربة و لمستقبل البلاد الذي تتحدد معالمه من مستوى النضج و روح المسؤولية و الوطنية التي سيتحلى بها أعضاء البرلمان المغربي بغض النظر عن حساسياتهم و خلفياتهم السياسية و الحزبية و موقعهم في الأغلبية و المعارضة في مباشرة هذه الملفات و الأوراش الكبرى التي تصب في إنتظارات و مصالح الأمة .