يكاد يكون الأمر يتعلق بدخول مدرسي جديد غير مسبوق، من حيث الأجواء النفسية السائدة في الأوساط التعليمية، ومن حيث القرارات الهامة التي أقدمت عليها الوزارة الوصية، مما أعطى لهذا الدخول طابعه الخاص والمتميز. ذلك أن المغاربة اعتادوا دخولات مدرسية جامدة - إن صح التعبير - حيث كان الأمر يقتصر على التحاق التلاميذ بالأقسام وهيئة التدريس والإدارة بمقرات عملها، بيد أن المشاكل كانت تزداد تكدسا وكان المسؤولون في وزارة التربية الوطنية يمتثلون للمقولة الشهيرة «كم حاجة قضيناها بتركها». إن المسؤولين الجدد في وزارة التربية الوطنية حرصوا منذ تقلدهم مسؤولية تدبير القطاع، ويتعلق الأمر بمدة وجيزة على اتخاذ إجراءات وقرارات هامة كان لها الأثر البالغ في فتح قطاع التعليم نحو آفاق جديدة. وأشرت على أن المسؤولين الجدد مصرون على إصلاح الإخلالات الداخلية الفظيعة التي تعمق أزمة التعليم. فلقد بادر المسؤولون إلى إنجاز دراسة تقييمية لحصيلة البرنامج الاستعجالي في قطاع التربية الوطنية، وكان الحرص أكثر بأن تم تقديم نتائج هذه الدراسة أمام ممثلي الأمة بالبرلمان، وتبين أن الحصيلة كانت مخيبة للآمال، وتقديم نتائج هذه الدراسة أشر على إعمال الوزارة لمنهجية الصراحة والوضوح والشفافية. كما أن الوزارة تعاملت بكثير من الوضوح والصراحة إبان اجتياز امتحانات الباكالوريا واحترمت الرأي العام بإطلاعه على كل كبيرة وصغيرة. وكان الانتباه إلى ضرورة الانتهاء من الحركة الانتقالية لرجال ونساء التعليم قبل نهاية الموسم الدراسي السابق مؤشرا آخر على أن القطاع دخل فعلا مرحلة جديدة، حيث عولجت جميع طلبات الانتقال من 15 ماي إلى 15 يوليوز، وتكفي الاشارة اليوم إلى أن الدخول المدرسي يتم هذه السنة متحررا من ضغوطات الاضرابات والاعتصامات التي كان المتضررون من الحركة الانتقالية يخوضونها كل سنة. وخلال الفترة الماضية التي تفصلنا اليوم عن تعيين المسؤول الجديد في هذه الوزارة لم تنقطع المشاورات والمفاوضات مع جميع الشركاء في هذا القطاع الاستراتيجي بدون استثناء مما أشر على وجود منهجية تشاركية حقيقية. ولم تمنع هذه المنهجية الوزارة من اتخاذ الإجراءات التأديبية في الوقت المناسب في حق كل من سولت له نفسه التلاعب بمصالح التلاميذ أو المدرسة العمومية. إن الوزارة انتبهت إلى سيادة بعض مظاهر الفوضى والارتجال والظلم في بعض الأحيان، وهكذا سارعت إلى إلغاء مذكرة الشؤم التي كان رجال ونساء التعليم يشتكون منها، وهي التي كانت تتعلق باستعمال الزمن المدرسي. وألغت أقسام الامتياز التي كانت تؤشر على إعمال الطبقية في التعليم وأصدرت مذكرات، واحدة منها تنظم التوقيت المدرسي بحيث أعطت عطلة يوم السبت ومساء يوم الأربعاء بالنسبة لأساتذة التعليم الابتدائي بالعالم الحضري وإعطاء صلاحية تدبير ذلك للمديرين والنواب بالنسبة للعالم القروي، والأخرى تمنع على أساتذة، ومفتشي التعليم العمومي الاشتغال في مؤسسات التعليم الخاص تحت طائلة إغلاق أية مؤسسة خاصة تقوم بخرق مضامين هذه المذكرة. كما حرصت الوزارة على فتح الخط الهاتفي «إنصات» لضبط الاختلالات التي يمكن أن تحدث خلال الدخول المدرسي الجديد. كما حرصت الوزارة أيضا على تنظيم الامتحانات، المهنية التي تتيح الترقية الداخلية يومي 10 و11 شتنبر عوض تنظيمها في شهر دجنبر في خضم السنة الدراسية على أن يمتحن كل مرشح في المهنة والتخصص الذي يمارسه. كل هذه المعطيات وغيرها كثير خلفت ارتياحا لدى الأوساط النقابية التي سارع الكثير من مكوناتها إلى إصدار بيانات مساندة لقرارات وزارية، وهذه ظاهرة غير مسبوقة على الأقل خلال وجود المسؤولين السابقين على هذا القطاع.